إن التحولات المتمايزة التي عرفتها المجتمعات منذ الثورة الصناعية زادت وتيرتها في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والنمو الذي حققته الصناعات التكنولوجية في مختلف بقاع العالم؛ ولحق هذا التحول تغيرات على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي...، حيث لعبت ثورة الاتصالات التي احدثتها التكنولوجيا الرقمية تغيرا في نمط التواصل بين المجتمعات، إلا أنها أحدثت أيضا تطورات وتغيرات في العلاقات والبنى التنظيمات الاقتصادية والتعليمية والتجارية...إلخ.

    فالسبب الحقيقي وراء كل هذه التغيرات النمو المعرفي بلا منازع، فالمعرفة كانت اللبنة الرئيسية للتطور التكنولوجي والعلمي في شتى المجالات، ومن ثم أصبحت المعرفة الشغل الشاغل لتطور وتقدم مجتمعات اليوم ومجتمعات المستقبل؛ وما لبثت إلا أن تكون جزء مهم من مجموع البرامج التي تعتمد عليها الدول في النهوض بثروتها البشرية والمادية.

     ومن ثم أصبح الحديث عن المعرفة ينطبع على مجتمعاتها فأصبحت تعرف الدول المتقدمة بمجتمعات المعرفة، نسبة لاهتمامها بإنتاج المعرفة واستغلالها في كافة القطاعات الاقتصادية والتعليمية والاعلامية ...إلخ؛

    فإذا نظرنا إلى المعرفة كمنتوج علمي أو اقتصادي أو ثقافي...يستخدمه الفاعلون في مجال نشاطاتهم ومجال تخصصهم تنتج من عناصر أساسية كالبيانات والمعلومات باعتبارهما مواد أولية للمعرفة، ومن ثم فإن المعلومات مثلا تمثل سمة انطباعية لمجتمعات المعرفة ويعرف بذلك مجتمع المعلومات بل أن البعض يستخدمهم لنفس الغرض؛ وانطلاقا من هذا المنظور أصبح المجتمع المعرفة مفهوم جديد تستخدمه مجتمعات اليوم، فهو بذلك موضوع مهم لطلاب علم الاجتماع وخاصة تخصص علم الاجتماع التنظيم والعمل نظرا للارتباط الكبير بين المعرفة والمنظمات بمختلف تخصصاتها.

وهذا ما سنقدمه في هذه المادة البيداغوجية ( مجتمع المعرفة) نحاول من خلالها التطرق لأهم النقاط التي يجب على الطالب معرفتها في هذا المستوى؛