ميلاد جبهة التحرير الوطني و إندلاع الكفاح المسلح

في إجتماع الاخير لقادة السداسية بتاريخ 23اكتوبر 1954دار نقاش بين الاعضاء ويعتبر امتداد للنقاشات السابقة لمحاولة تحديد الاطار و الكيفية التي ستعلن بها الثورة من المحتوى السياسي بها حيث جرت تقديم إقتراحات بشان التسمية التي سيتخذها التنظيم ، هل ستعلن باسم حزب العقيدة ، حزب الشعب ، حركت الانتصار ...أم اسم جديد ؟ وقد استقر الامر وحسم لصالح الاعلان عن طريق انشاء تنظيم جديد في بداية اقترحت تسمية بجبهة الاستقلال الوطني لكن بن بولعيد تدخل قائلا" يفضل التحرر على الاستقلال لاننا غير مستقلين ، وسيبدأ التحرر قريبا فوافق الحاضرون على تسمية الجديدة التي خلفت اللجنة الثورية للوحدة والعمل وهي جبهة التحرير الوطني "

كما تم في هذا الاجتماع  ضبط التقسيم الاقليمي ويتكون من خمسة نواحي موزعة كمايلي:

- الناحية الأولى:الاوراس ،مصطفى بن بولعيد ، النائب بشير شيحاني

- الناحية الثانية : قسنطينة ،ديدوش مراد ،النائب زيغود يوسف

- الناحية الثالثة : القبائل، كريم بلقاسم ، النائب عمر أعمران

- الناحية الرابعة : العاصمة ، رابح بيطاط ، النائبان سويداني بوجمعة و بلحاج بوشعيب

- الناحية الخامسة وهران ، العربي بن مهيدي ، النائبان عبد المالك رمضان وبوصوف عبد الحفيظ

      إن سياسة مصالي الحاج من خلال المنظور الذي سطره خلال 30 سنة من حياته النضالية استأنفت النقاش الذي بدأ في 1950 حول الإصلاح والثورة. و الذي وقف ضد جمعية العلماء و المركزيين و تأكيده على مبادئه كان يرغب في تحديد مجموع المناضلين ضد كل توحيد محتمل مع أولئك الذين حاربهم في السابق و ما زالوا لم يضعوا السلاح . فعند ما حدث النزاع الداخلي و انقسم حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية على نفسه ، و دخل المناضلون في صراع و تطاحن حادين تاركين آمال الجزائريين تضيع دخل حزب حركة انتصار الحريات في أوائل 1954 م للمنظور السياسي ، فحاول الشباب الثوري أن يوفقوا بين وجهة نظر الطرفين المتشاحنين: اللجنة المركزية من جهة و مصالي و جماعته من جهة أخرى. ومنهم :

حسين آيت احمد ، أحمد بن بلة ، محمد العربي بن مهيدي ، محمد بوضياف ، مصطفى بن بلعيد ، رابح بيطاط ، مراد  ديدوش ، محمد خيضر ، و كريم بلقاسم.

و كان معظمهم من مناضلي الحركة و سبق خدمة فعلية من جيش التحرير الوطني و المنظمة الخاصة ، حيث اعتقد و أن البحث عن الوحدة يجب أن يتم في القاعدة الحزبية لا بين قادة الحزب ، و زعمائه ، و رأوا أن الوحدة ضرورة للنجاح و واصل أعضاء هذه اللجنة عقد الاجتماعات السرية سنة 1954. حيث قرروا البدء في الثورة في يوم عيد جميع الفرنسيين حيث انضم عدد من أعضاء اللجنة المركزية للحركة ، و لكن كل المحاولات التي بذلت لإقناع مصالي الحاج و المقربين منه بالتراجع عن رأيهم باءت بالفشل و الأمر الذي دفع باللجنة الثورية للوحدة والعمل أن تتحول ليلة اندلاع الثورة إلى جبهة التحرير الوطني من الناحية السياسية  حيث قدموا بذلك دعما كبيرا للثورة في مجالات التأطير و التنظيم و القيادة .

فقد ذكر مولود قاسم في مقال حول آراء الطلبة الجزائريين في قضية الاتحاد الوطني أن: "...الأساس هم العمل للجزائر جزائرية في توزيع الوظائف و تقسيم العمل فهيئة تقوم بالثقافة و التعليم و التربية و أخرى تأخذ على عاتقها التنظيم الداخلي و العمل الخارجي تهيئ الشعب لاسترجاع ثروته و استلاله الاقتصادي....".

و كخطوة أولى في العمل بأن يعقد مؤتمر أو مؤتمر في مختلف العمالات و ينتخب هذا المؤتمر أشخاصا يعهد إليهم بتمثيله و مواجهة الحكومة الفرنسية و مطالبتها بالانصياع لرغبات الشعب الجزائري و يحب على هؤلاء أن لا يخافوا بطش الحكومة و أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الأمة الجزائرية قبل كل شيء.

و باندلاع ثورة نوفمبر 1954 م الذي يعتبر إنتاج مسار طويل للحركة الوطنية التي بلغت ذروتها مع نهاية الحرب العالمية الثانية إضافة إلى بيان الشعب الجزائري الذي شاركت في صياغته التيارات الثلاث الكبرى في الحركة الوطنية مجتمعة حول فرحات عباس مصالي الحاج و حلفائه الشيخ البشير الابراهيمي حيث اعتقدت الأغلبية الساحقة من شعبنا هذه المبادرة كذلك الانطلاقة السريعة لجمعية أحباب البيان و الحرية في كل المجالات

شملت الثورة على كل من الأوراس ، القبائل ،العاصمة ، الشمال القسنطيني و منطقة وهران ، حيث قامت جبهة التحرير الوطني بوضع مخطط محكم ليوهم الجيش الفرنسي أن الثورة أساسا انطلقت من الأوراس و انحصرت بها ليأخذ في حشد قواته نحوها ، و قبل أن يتم استعداداته تتصعد العمليات الجهادية في بلاد القبائل و ينظر إلى استعادة بعض قواتها و توجيهها إلى هذه المنطقة الجديدة و يحقق الضغط على الاوراس أولا و يضيع الجيش الفرنسي جهودا و اوقاتا في التنقلات و الذهاب و الإياب و هذا فعلا ما حصل حيث نقذها بدقة و أمان و نجع ألف بالمائة أما في باقي المناطق ، وكما لو أن هناك تنسيقا محكما ، فإن الثورة قد ركزت مجهوداتها في شهر أكتوبر خاصة على تأديب المتمردين و الخونة من جميع الأوساط و في جميع المستويات .

و في ربيع عام 1955 أشاع الاستعمار الفرنسي بأن حركة الثورة في الأوراس أجنبية من وحي جهاد خارج الجزائر و أن الذين يقومون بهذه الحركة ليسوا ثوارا بل هم "فلاقة" قطاع طرق و خارجون عن القانون، فقررت الثورة أن تقدم جوابا عمليا أنجر في 20 أوت 1955 .الذي كان حدا فاصل بين الغموض و الوضوح و بين الشك و اليقين بين التردد و الإقدام، حيث اتضح بعد هذا الحادث  أن ما يجري هي ثورة منظمة نابعة من القاعدة الشعبية متصلة في روح المواطنين بكيفية يصعب الفصل بينها و بين هذه الطبقات الشعبية المتعطشة للحرية و الاستقلال

 إن استشهاد المجاهد ديدوش مراد قائد المنطقة الثانية للشمال القسنطيني في معركة "بوكركر" و تم اسر المجاهد مصطفى بن بولعيد قائد المنطقة الأولى الاوراس في الحدود الجزائرية التونسية. لكن ذلك لم يؤثر في مسيرة الثورة رغم ما لتلك الأحداث من أهمية بالغة بالنسبة للثورة و ميزتها إذا أنها زادت في إيمان و عزيمة المجاهدين و إصرارهم على تحقيق النصر ، في الوقت الذي كان المستعمر في بداية تلك السنة مصمما على سحق كل خلية جديدة للثورة ، و بعد مضي ما يقرب سنتين أو 20 شهرا بالضبط من اندلاعها تزايدت أهمية الدور الذي يستوجب أن تؤديه القيادة الثورية على كل المستويات السياسية التنظيمية و العسكرية فكانت الحاجة ماسة إلى عقد مؤتمر لتقييم ما تم انجازه منذ اندلاع الثورة، وهو ما تم  في 20 أوت 1956 

ظروف احداث اوت 1955:

-الظروف المحلية والاقليمية

الظروف المحليــة:

       لقد كان رجال الثورة يعملون دوما وفق خطط مدروسة مدققة من أجل ضمان استمرار و نجاح الثورة و دفعها إلى الأمام في المجالين الداخلي و الخارجي سياسيا و عسكريا ، و فق هذا الإطار اتجه التخطيط إلى توسيع عمليات جيش التحرير الفدائية لتشمل جميع أنحاء البلاد ، و منذ البداية كانت استجابة هذا الشعب رائعة فقد أقبل الناس رجالا و نساء ، شبانا و أطفالا و شيوخا على التجنيد في صفوف جيش التحرير الوطني  و جبهة التحرير الوطني و تقديم المساعدة المادية و الإعلامية .

   و تزامن اجتماع القادة بالوزانة أثناء التحضير مع التحاق الطلبة من العاصمة بصفوف الثورة من بينهم ثلاث فتيات هن : مسلمى فضيلة ، مريم بلمهوب، بعزيز صافية ، كانت فرصة تواجد قادة الثورة بالزاوية لتاطير هؤلاء الطلبة حيث قدمت لهن مجموعة من المحاضرات و الدروس كما صادف وجود هؤلاء القادة بالمنطقة فرار مجموعة من الشبان الجزائريين من صفوف الجيش الفرنسي ليلتحقوا بالثورة بقيادة الشهيد عمر بوشاوي

        و قد تطورت مشاركة الجماهير في الثورة بحيث انتقلت من الأشكال العادية للنشاط الثوري بتقديم طلبات الانخراط بالجيش.... إلى مقاطعة الإدارة الاستعمارية و القضائية و الامتناع عن دفع الضريبة للخزينة الاستعمارية و عدم الامتثال للأوامر الصادرة عن الإدارة الاستعمارية و مع كل هذا ظلت تعبئة الجماهير تتصف بالطوعية تفاديا لكل إكراه قد ينجر عنه مالا يحمد عقباه و أصبحت الانضباطية و الطواعية و وجهان لعملة واحدة .

و مما زاد من مناعة الثورة هو الالتحام الشعبي و الاتفاق حول جبهة التحرير الوطني لتأكيد مقولة الشهيد العربي بن مهيدي :"ساعدوني على إنزال الثورة للشارع ، و أنا سأضمن لها النجاح " و بهذا الالتحام ازداد عدد المنضمين إلى صف المجاهدين ، حيث وصل الى 40 الفا مشارك و بالتالي اقناع عامة الشعب بضرورة العمل المسلح كحل نهائي .

           و من القضايا التي كانت محل صراعات بين أقطاب مفجري ثورة أول نوفمبر لم تنل رأيً موحدا أثارت نقاشا عميقا تمثل في وجود صورتين مختلفتين للثورة لكل تصور أنصاره ، فالتصور الأول يقضي بالاعتماد على الفئات العمالية و المدنية و البرجوازية و نقل الثورة إلى المدينة و من أنصاره عبان و بن مهيدي ، أما التصور الثاني فيرى في فئات الفلاحين في الأرياف القوة الوحيدة القادرة على تحمل مسؤولية الثورة و يدعم هذا الرأي القادة العسكريون وبالأخص ابن طوبال . و كل هذا و ذاك خلق تحول الأحزاب و نبذ القيادة الحزبية و إبطال فكرة الزعيم القائم الأول و المرجع الأول و الناهي في آخر المطاف ، يحرك و يوقف الأمر، إلى اجتهاد جماعي قد يفسر مقولة : "إن الزعيم سيد كل شيء "حولتها الخطة الحربية إلى الإنسان سيد كل شيء لم يكن الكفاح باسم زعيم أو باسم ائتلاف إن كان الإعلان باسم مجموعة محدودة التشكيل في أعلى هرمها و مهما كانت صلابة الفدائيين فكان ذلك باسم الشعب برمته الذي ردت إليه الكلمة الأخيرة و كانت مجموعة الإعلان النوفمبري بدون قائد يعلوا الجميع ، و هذا ما شكل المزيد من العمل الثوري سياسيا، عسكريا و ثقافيا لتوطيد المشروع النوفمبري الذي وضع اللبنة الأولى في تشييد مجتمع خال من مخلفات التبعية الاستعمارية و الزعامية ، حالما تتم المهمة النضالية الثورية و تبلغ الرسالة إلى ابعد مدى ممكن في تحمل المسؤولية التاريخية و إرساء النواة الأولى للسيادة الجزائرية الشعبية

إن التنظيمات الحزبية تصب مهام ذات تنظيم سياسي و عسكري كرست كمايلي:

- بن بلة وبوضياف : الشؤون المالية و العسكرية

-خيضر و ايت احمد : الشؤون السياسية و الدبلوماسية

        و من هذا التنظيم أدى دور الوفد بالتنبيه إلى التساوي و التكامل بين المهام و المسؤوليات مهما اختلفت ميادين أدائها بين الداخل و الخارج و تباينت رسائل أدائها بين عسكرية و سياسية و دبلوماسية ، حيث بدأت الأصداء تتوالى فيما بينها و السعي على كسب تأييد الشعب كعقبة يجب تجاوزها، و مع تواصل الكفاح المسلح خلال ظرف وجيز مالت الكفة لصالح زعماء الثورة و تغيرت الصورة المشوهة رأسا على عقب.

          فكان حضور جبهة التحرير الوطني في مؤتمر باندونغ 18 أفريل 1955 م أول انتصار دولي تحرز عليه حيث استطاع ممثلوها إن يتحركوا بحرية مطلقة ضمن وفد المغرب العربي الكبير ، و أن يتمكنوا من إقناع أغلبية الوفود المشاركة بعدالة القضية الجزائرية و قد تجسدت المجهودات المبذولة من طرف السيدين "أيت احمد و محمد يزيد " في تأكيد المؤتمر الافروأسياوي على تأييده لشعوب الجزائر و المغرب الأقصى و تونس في تقرير مصيرها و في عملها من اجل حصولها على الاستقلال . إن موقف مؤتمر باندونغ فتح أبواب المنظمات الدولية و في مقدمتها هيئة الأمم المتحدة أمام جبهة التحرير الوطني لأجل ذلك صار على هذه الأخيرة أن توجب وجود الثورة الشاملة و لم يكن ثمة للقيام بذلك أفضل من أحداث 20 أوت 1955 . حيث كانت مرحلة جديدة في زحف الثورة و تقدمها للأمام و قد اختيرت عدة أماكن للثورة  علاوة على ما تحتويه من أهداف عسكرية و اقتصادية فهي  تشهد نشاطا مدنيا من قبل سكانها المعمرين مثل : سكيكدة ، و داخل الجزائر و منطقة الحدود الشرقية ،و ترجع أسباب اختيار يوم السبت 20 أوت 1955 م يوم لانطلاق العمليات إلى سببين الأول : أنه صادف رأس السنة الميلادية و الثاني هو ذكرى الثانية  لخلع محمد الخامس ملك المغرب.

         ورأت بذلك أن تعبر عن أصالة الإسلام و العروبة بالجزائر و عن تضامنها مع الشعب المغربي الشقيق في محنته و إيمانها الراسخ لوحدة المغرب العربي الكبير أما موقف اللجنة المركزية فصرح عنه السيد بن خده قائلا:

"لقد ساندت اللجنة المركزية دائما مبدأ الكفاح من اجل الاستقلال و ذلك باستعمال كل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح في المنظمة الخاصة التي انشاتها طبقا لقرارات مؤتمر فيفري 1947 م تشكل الجناح المسلح لحزب الشعب (حزب الانتصار) و أمدها الحزب بالرجال و الوسائل المادية و المالية  ".

الظروف الإقليمية :

      لقد ظلم الاستعمار الفرنسي شعوبا أخرى إلى جانب الجزائريين و أذاقها من أنواع و قد تلاشت سيطرته الحافلة بالمآسي المخجلة و باءت سياسته بالإفلاس الذريع فقد لقي حتفه بسوريا و لبنان و سيلقى حتفه بالهند الصينية كما أنه سوف يعرف نفس المصير بالجزائر و شقيقتيها تونس و مراكش لأنه ظل متمسكا بسياسته المعتمدة على التمييز العنصري و القوة المسلحة إن السياسة التي سلكتها الحكومة الفرنسية في ظل الحماية بتونس تجاهلت مطامح أمتها وداست مصالحها وأعرضت عن رغباتها المشروعة إعراضا كليا مستندة على نظم مالية أقامتها في البلاد عن طريق القوة المسلحة والعنصرية البغيضة ويبدو مفعول هذا الاضطهاد في جميع ميادين الحياة التونسية ومن هنا لا غرابة في خروج حركة تحريرية تسارع إلى الانطواء تحت لواءها المؤمنون بالعدالة وأصاب هؤلاء المجاهدون الأحرار ما أصابهم من المحن و النكبات وتوالت السنين والصراع قائم بين إخوانهم التونسيين و المستعمرين .

       فذكرت المصادر الفرنسية أن الثورة الجزائرية تلقت مع منتصف 1956 م معاونات و تسهيلات من الحكومة التونسية تعلقت على وجه الخصوص بتهريب الأسلحة الحربية وتمريرها إلى الجزائر عبر الجنوب التونسي كما أن الحكومة التونسية سمحت في شمال البلاد بتأسيس هيئة أركان مشتركة جزائرية تونسية نشطت في مسائل التموين والمعدات الخاصة بالثورة وفتحت المستشفيات التونسية أمام جرحى جيش التحرير الجزائري وأشرفت على إنشاء مراكز لراحة المجاهدين ومما لا شك فيه أن القطر التونسي كان قاعدة عسكرية وسياسية هامة للثورة الجزائرية ،         أما موقف المصريين انهم كانوا يعملون على تقسيم القاعدة الخارجية و كانوا يفضلون التعامل مع السيد أحمد بن بلة الذي كان يحبذ اللعبة في حين كان السادة خيضر وآيت احمد و يزيد يرفضون كل تدخل في شؤونهم وكل عون مهما كان نوعه إذا أحيطت به الشروط لأجل ذلك فإن ميزانية الحرب لم تجمع في تلك الأشهر الأولى من الثورة كما أن الأسلحة لم تصل حسب الوعود.

*هجومات الشمال القسنطيني

أ/- بداية الهجومات

بدأت الهجومات في ظهيرة يوم 20 أوت 1955 بقيادة زيغود يوسف، وشملت أكثر من 26 مدينة وقرية بالشمال القسنطيني. استهدفت العمليات المسلحة كافة المنشآت و المراكز الحيوية الاستعمارية، و مراكز الشرطة والدرك في المدن؛ ومزارع المعمرين في القرى و الأرياف ، وقد تمكن المجاهدون من احتلال عدة مدن وقرى في هذا اليوم المشهود مما سمح للجماهير الشعبية بالتعبير عن رفضها للاستعمار ومساندتها لجبهة وجيش التحرير الوطني.

ب/-  نتائج هجومات 20 أوت 1955

1-  انقسام الأحزاب و الأفراد

2-   ظهور الثورة في المدن.

3-  توسيع رقعة الثورة و انضمام الشعب لها.

4-  إدراج الملف الجزائري في الأمم المتحدة 30/08/1955.

* مؤتمر االصومام:

- ظروف وأسباب انعقاد مؤتمر الصومام

 أولا: الظروف الداخلية 

      لقد كانت  لإعدادات اوت 1955 اثر كبير على مسار الثورة وعلى الساعة00 :12 بالضبط عند منتصف النهار. نظم جيش التحرير الوطني هجومات عسكرية على40 مدينة ، من مدن الشمال القسنطيني منها سكيكدة. عين عبيد. قسنطينة. وادي الزناتي. الميلية. الخروب واشعلوا النيران في المجالات الخاصة بالمعمرين و مكاتب الشرطة والإدارات الفرنسية والسكنات في الجهاز الاستعماري واحدثوا فزعا ورعبا في الجهاز الاستعماري بالجزائر والذي تأكد فزعا ورعبا في الجهاز الاستعماري في بالجزائر والذي تأكد ان هذه الثورة اصلية ذات اهداف سامية على ذلك انضمام المئات الى صفوف الثوار الجزائريين اذ وصل عدد المجاهدين في سنة 1956الى اكثر من ذلك انتشرت الثورة في ربوع الوطن.وقد تصمم النظام الاستعماري على جهة من الثورة بكل قوته ، مما ادى الى صعوبة الاتصال بين مختلف قيادات جيش التحرير الوطني، كما كانت الحاجة مثيرة جدا للسلاح كما ذكر انه لا يوجد من المال الا القليل  وهو غير كاف لذلك.

          اضافة الى ضمن التنسيق في الاعمال ، كذلك ضمن التكوين السياسي للفرق  المسلحة حيث يكون معدوما لان الثورة الجزائرية كانت في حاجة ضرورية وماسة الى منهج سياسي ثابت وما ادى الى زيادة في مناعة الثورة وهو الالتحام و الالتفاف حول الجيش وجبهة التحرير الوطني تأكيدا لمقولة العربي بن مهيدي :"ساعدوني في انزال الثورة الى الشارع وسأضمن لكم نجاحها".

اذ تمكنت جبهة التحرير الوطني من جمع الوطنين وتوحيد الشعب الجزائري في كفاحه وبذلك تمكنت الثورة من ان تتوسع توسعا قويا .

ثانيا:الظروف الخارجية

فيما يخص الظروف الدولية التي سبقت انعقاد مؤتمر الصومال يمكن حصرها فيما يلي:

- ظاهرة  الطلبة الجزائريين في باريس بتاريخ 23 فيفري 1956 مما يعين نقل الثورة الى التراب الفرنسي.

- اعطاء الاستقلال للمغرب في 2 مارس ثم تونس في 20 مارس 1956 وكل هذا تحت تأثير الثورة الجزائرية . --طرح القضية  الجزائرية لأول مرة على مجالس الأمن ورغم رفضه الا أنه اعتبروها قضية دولية وهذا في حد ذاته انتصار خارجي.

  -استطاعت الثورة الجزائرية أن تحقق عدة انتصارات من يوم اندلاعها في أول نوفمبر1954، إلى تاريخ انعقاد المؤتمر

- لقد كان لأحداث 20 أوت 1955 مفعولا كبيرا للوصول إلى عقد المؤتمر حيث اتسعت الثورة شملت معظم التراب الجزائري.

- تصميم النظام الاستعماري، على إجهاض الثورة بكل قوته، حيث نفذ مخططات التقسيم الرباعي الذي  أدى إلى صعوبة الاتصال بين مختلف قيادات جيش التحرير الوطني.

- الحاجة الشديدة إلى السلاح إضافة إلى ضعف التنسيق في الأعمال كذلك ضعف التكوين السياسي للفرق المسلحة

 

 

* أسباب إنعقاد مؤتمر الصومام

لقد كان مؤتمر الصومام ضرورة لتقييم المرحلة الأولى من الثورة المسلحة ،ولوضع الخطوط العريضة لمواصلة الكفاح المسلح والتخطيط للحل السلمي من أجل استرجاع السيادة الوطنية كما أنه كان إجراء حتميا لتزويد الثورة بقيادة مركزية وطنية موحدة .تقوم بتنظيم وتسيير الكفاح المسلح زيادة على توحيد التنظيم العسكري وتحديد المنطلقات السياسية والإيديولوجية التي تتحكم في مسار المعركة وتوجهها.وكذلك تدارك النقائص خاصة فيما يخص نقص التموين وقلة التمويل وضعف الاتصال بين المناطق . كل هذه العوامل أدت إلى عقد مؤتمر الصومام الذي يعد أول اجتماع للمسؤولين السياسيين

 -جدول أعمال المؤتمر

           كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا تحت إشراف الأخوين " العربي بن مهيدي و رمضان عبان"، الذين شرحا الأسباب التي دعت إلى عقد هذا المؤتمر والمواضيع التي سيتناولها المشاركون.
-
كان أول تدخل من طرف زيغود يوسف، الذي قدم تعزيزا مكتوبا تعرض فيه للوضعية المادية والعسكرية للمنطقة الثانية.
-
ثم قدم " كريم بلقاسم " تقرير شفهي عن الإمكانيات المادية والبشرية للمنطقة الثالثة تحدث عن أفراد الجيش، كميات الأسلحة، المصاريف...
-
أما "عمر أوعمران" فقد تناول في تقريره الإمكانيات العسكرية والمادية للمنطقة الرابعة.
-
وعن المنطقة الخامسة فقد ورد تقريرا للعربي بن مهيدي تناول فيه الوضعية المالية والعسكرية

-كما أعاد عمر أوعمران تقديم تقريرا أخر عن المنطقة السادسة نيابة عن سي الشريف (علي ملاح) تناول فيه إمكانيات المنطقة- المادية وكذا العسكرية

 *عقد المؤتمر

            إن اشتداد الثورة وانتصارات جيش التحرير حملت القيادة على اتخاذ القرار بعقد مؤتمر وطني.

 ومنذ ذلك التاريخ شرع القادة في الإعداد للمؤتمر، فجرت اتصالات عديدة بين مسؤولي المناطق وقادتها، وكانت الفكرة في البداية متجهة إلى عقد المؤتمر في شمال قسنطينة لكن صعوبات جمة طرأت على الموقف جعلت قيادة الثورة تغير مكان عقد المؤتمر.

 

 

*أهداف مؤتمر الصومام

        هناك مجموعة من الأهداف التي تم وضعها ليتم تحقيقها في هذا المؤتمر وهي:
- العمل على تقييم للمرحلة التي سبقت الثورة الجزائريّة، بكافة ما تتضمّنه من أحداث إيجابيّة أو سلبيّة، والهدف من ذلك التخلّص من كل ما هو سلبي، والعمل على تطوير وتقديم كل ما هو إيجابي.

- تحديد استراتيجية منظّمة وموحّدة وشاملة وذات علاقة مباشرة بالعمل الثوري، ويكون ذلك على جميع الأصعدة سواء الداخليّة أو الخارجيّة.

- تشكيل تنظيم جديد ومحكم بشكل جيد، فيما يتعلق بالميدان السياسيّ، والعسكريّ، والإداريّ، بالإضافة إلى الاجتماعيّ.

*قرارات مؤتمر الصومام

على الصعيد السياسي:

       التنظيم السياسي ويشمل المهام الأساسية لكل محافظ سياسي وهي:
1-
 تنظيم الشعب في القرى والمداشر عن طريق تشكيل الخلايا أو المنظمات السياسية، الإدارية وتنطوي تحتها كل الفئات الشعبية.
 02-
الدعاية والإعلام تنشر أخبار وأوامر جبهة التحرير الوطني.
 03-
حرب العصابات العلاقة مع الشعب بالأقلية الأوربية

  04- الأموال والتموين شكلت مجالس الشعب بواسطة الانتخابات تنظر في القضايا العدلية والمالية والاقتصادية

 05- تحديد القانون الأساسي والنظام الداخلي لجبهة التحرير الوطني والمنظمات المسيرة.
  06-
تحديد العلاقة بين جبهة التحرير وجيش التحرير تعطي الأولوية للسياسي على العسكري.

 07- تحديد العلاقة بين الداخل والخارج تعطى الأولوية للداخل على الخارج مع مراعاة مبدأ التشاور في الإدارة.

 08- يجب على الداخل الإعلام عن جميع المعلومات التي بحوزته لتسهيل مهمة الممثلين في هيئة الأمم المتحدة.

على الصعيد العسكري:

 1- تقسيم البلاد إلى ستة مناطق مع وضع الحدود لكل منطقة.

 2- توحيد النظام العسكري ويتمثل في هيكلة جيش التحرير الوطني تأسيس نواة الجيش الوطني الشعبي تركيبة وحدات جيش التحرير الوطني.

 

 

 

* اهمية ونتائج مؤتمر الصومام

أ/ - أهمية مؤتمر الصومام

       تكمن أهميته في وضع مؤسسات ضمنت استمرارية الثورة، فالتقسيم الثوري للبلاد كان يقوم في بداية الثورة وهذا حسب اجتماع 10 أكتوبر 1954 ببلدية الرايس حميدو حاليا، على أساس المنطقة التي لم يكن لها تنظيم معين أو محدد، وكانت تتمتع قيادة المنطقة بلا مركزية مطلقة، كما أن قيادة المنطقة غير محددة، وأن نظام الرتب لم يكن معمولا به؛ فقائد المنطقة ومساعدوه هم قمة السلطة، أما الجيش فكان عبارة عن مقاتلين لا يخضعون لنظام عسكري معين بل كل ما كان يجمعهم هو الهدف المشترك والانضباط والأخلاق الثورية. إضافة إلى أنّ البعثة الخارجية لم تكن تخضع لأي توجيه.
        أما بعد مؤتمر الصومام فقد أعيد تنظيم البلاد بحيث صارت المنطقة ولاية، والولاية أصبحت تتكون من عدة مناطق، إذ يستطيع التقسيم الجديد أن يستوعب حركة الثورة التي توسعت كثيرا فالهدف من الهيكلة الجديدة هو السيطرة على التطور والنشاط الكبيرين اللذين شهدتهما الثورة في مختلف الميادين وكذلك فإن النظام العسكري الجديد الذي وضعه مؤتمر الصومام كان يهدف أيضا إلى السيطرة واستيعاب تلك الأعداد الكثيرة من المواطنين الذين التحقوا بجيش التحرير.
        كما جعل المؤتمر من الولاية القاعدة الأساسية للنظام الثوري في الجزائر إلا أنها أصبحت تخضع إلى توجيهات لجنة التنسيق والتنفيذ من خلال قائد الولاية الذي يمثل السلطة المركزية لجبهة التحرير الوطني.

ب/-  نتائج مؤتمر الصومام

إن عقد المؤتمر في حد ذاته يعتبر من أهم منجزات الثورة الجزائرية حيث أن عقد بوادي الصومام بالذات يعتبر تحديا من طرف قادة جيش التحرير الوطني

أ- النتائج السياسية: جاء مؤتمر الصومام بنتائج سياسية هامة سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي.
على المستوى الداخلي:
          قام المؤتمر بنبذ السلطة الفردية وإحلال محلها القيادة الجماعية، وذلك لأن الإدارة الجماعية تتغلب على الصعوبات والعراقيل التي تواجه الثورة، واستطاع تنظيمها حيث خرج بقيادة وطنية موحدة تمثلت في المجلس الوطني للثورة ولجنة التنسيق والتنفيذ ووثيقة سياسية بمثابة الدستور الذي نظم شؤون الثورة، وتمكن من ضبط وتحديد السياسة الداخلية والخارجية لجبهة التحرير الوطني والاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الجزائري منذ 5 سبتمبر 1956 وأصبحت القوة السياسية الوطنية التي التف الشعب الجزائري حولها لتحرير الجزائر من قوات الاحتلال الفرنسي، وتحرير الوطن كما قام بإنشاء هيئات اجتماعية متألفة تعمل للتوعية، والتوجيه من أجل بناء الجزائر وتمثلت في:

- الاتحاد النسائي: الذي لعب دورا كبيرا في توعية المرأة التي شاركت في معركة التحرير، إذ ورد في منهاج الصومام قولا عن الحركة النسائية:" توجد في الحركة النسائية إمكانيات واسعة تزداد وتكثر... ولا يخفي أن الجزائريات قد ساهمت مساهمة إيجابية فعالة في الثورات الكثيرة التي توالت وتجددت في بلاد الجزائر منذ سنة 1830 ضد الاحتلال الفرنسي

- النشاط الصحفي والجرائد: ظهرت جريدة المجاهد الناطقة بلسان الثورة الجزائرية وتطورت النشرات المحلية، فعرفت بالقضية الجزائرية لدى الهيئات والمحافل الدولية.

- الحكومة المؤقتة: تطورت لجنة التنسيق والتنفيذ وأزداد أعضاؤها بعد مؤتمر القاهرة 1957، الذي انعقد في طنجة في شهر أبريل 1958، وتم الاتفاق على فكرة تأسيس الحكومة الجزائرية وأعلن عنها رسميا في 19 سبتمبر 1958 برئاسة فرحات عباس.

ب- على المستوى الخارجي:
     لقد تمكن مؤتمر الصومام من تكثيف الجهود لتصبح القضية الجزائرية قضية دولية من خلال الحصول على تأييد الشعوب والدول المناهضة للاستعمار، كما قام بإنشاء مكاتب لجبهة التحرير الوطني في الخارج، وتمكن أيضا من تأكيد حضورها في المحافل والهيئات الدولية وقام بتدعيم العمل الدبلوماسي لجبهة التحرير الوطني، وذلك بتعيين السيد:" محمد الأمين دباغين " مسؤولا على مندوبية الخارج ،وقد حرص المؤتمر أيضا إقامة علاقة سياسية مع تونس والمغرب وتنسيق المجهودات الدبلوماسية من أجل الضغط على الحكومة الفرنسية في الميدان الدبلوماسي حيث أشاروا في وثيقة الصومام إلى اندماج القضية الجزائرية مع القضيتين المغربية والتونسية، كما اعتبر المؤتمر أن استقلال المغرب وتونس بدون استقلال الجزائر لا قيمة له، وبالتالي يجب تحقيق الاستقلال في إطار موحد.

ب/- النتائج العسكرية:
        لقد قام مؤتمر الصومام بوضع هيكلة تنظيمية من القاعدة إلى القمة عسكريا وسياسيا بهدف توحيد النظام العسكري بشكل يسمح له بمواجهة القوات الفرنسية من جهة. وفرض الطاعة والانضباط في الأوساط العسكرية من جهة أخرى.

- التقسيم الجغرافي الجديد: لقد تقرر في مؤتمر الصومام، تقسيم القطر الجزائري إلى ست ولايات وتحديدها جغرافيا، وكانت السلطة تتجسد في مجلس كل ولاية والذي يرأسه عقيد وأربعة ضباط برتبة رائد في الجيش، حيث أن كل واحد مسؤول عن قطاع معين، وهذا المجلس مسؤول عن تسيير جميع الشؤون

- إلحاق مدينة "سطيف" بالولاية الثالثة نظرا لأهميتها التي تعتبر بمثابة مفترق الطرق من الولايات الأولى والثانية والثالثة كما اعتبروا أيضا مدينة الجزائر منطقة مستقلة ذاتيا داخل الولاية الرابعة " الجزائر العاصمة " واعتبرت مقرا لجبهة التحرير الوطني.

- هيكلة جيش التحرير الوطني: لقد كان لمؤتمر الصومام الدور الكبير في تنظيم وهيكلة جيش التحرير الوطني بوضع أسس وقواعد تسير عليها الثورة عبر كامل التراب الوطني. كما قام بوضع أسس ومقاييس عسكرية موحدة لجيش التحرير الوطني تمثلت في تقسيمه إلى فيالق وكل فيلق يتكون من ثلاثة كتائب.

- عمل المؤتمر على خلق جيش نظامي يتمتع برتب عسكرية كغيره من جيوش العالم

/المجاهدون

/المسبلون

/الفدائيون وهم طاقة الثورة وقوتها في التنظيم العسكري لجيش التحرير الذي أقره مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 م.

كان رد فعل الادارة الفرنسية على هذا المؤتمر ان قامت باختطاف طائرة القادة الخمسة الذين كانوا متوجهين لحضور المؤتمر في تونس على متن طائرة مغربية يقودها فرنسي تمت عملية القرصنة باستعمال سلاح الطيران الفرنسي ويتآمر مع الطيار أرغمت الطائرة على الهبوط في مطار العاصمة في 22/ 10/ 1956م ، وبعد حادثة الطائرة لجأت فرنسا إلى وسيلة أخرى لضرب الثورة في الخارج فاستغلت قيام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس وشاركت في العدوان الثلاثي على مصر في 31/ 10/ 1956 ، وكانت تهدف من وراء ذلك ضرب مصر ضربة قاسية من أجل الإحتفاظ بالجزائر.وقد أدى تدبير العدوان على مصر إلى توثيق الروابط بين مصر والثورة الجزائرية.وبذلك فشلت كل مخططات الإدارة الإستعمارية في  إخماد الثورة.

 * المواقف المختلفة من قرارات المؤتمر

- موقف الشعب لقرارات مؤتمر الصومام

     إن انتصار جبهة التحرير الوطني في تنظيم البلاد عبر عنه جيش التحرير بانتصاره على قوات المستعمر، فزاد في رفع معنويات الشعب الثورية وازدادت ثقته وإيمانه بجبهته وجيشه، فكانت معركة "جبل عمور" في 02 أكتوبر 1956 والتي شارك فيها 500 جندي من جيش التحرير وكانت القوات الفرنسية بالمقابل تعد بالآلاف وتواصلت المعركة أسبوعا كاملا وقد حقق بها جيش التحرير انتصارا كبيرا حيث بلغت خسائر المستعمر 1375 قتيلا من بينهم 92 ضابطا دفنوا بتيارت.

      إن هذا الإنتصار لجيش التحرير أعطى دفعا قويا للثورة وحماسا في نفوس المناضلين ولما دخلت سنة 1957م  بدأت معها الثورة مرحلة جديدة بالبدء في التطبيق الشامل لمقررات مؤتمر الصومام السياسية والاجتماعة والعسكرية.

-  موقف فرنسا من قرارات مؤتمر الصومام

    هذا الانتصار الذي حققته جبهة التحرير و جيشها على الجبهة السياسية والعسكرية، حمل المستعمر على اللجوء إلى أساليب المكر و الخداع ظنا منه أنها الطريقة الوحيدة لإيقاف زحف الثورة، فخطط لاختطاف بعض قادة جبهة التحرير في الخارج، وأثناء ذهاب الوفد من المغرب له أثر إيجابي على نشاطات جيش التحرير الوطني، إذ تدعمت صفوفه بعناصر جديدة تخرجت من مراكز التكوين التي بدأ الجيش يقيمها على الحدود بعد المؤتمر مباشرة، وهكذا نشأ جيش التحرير الوطني كجيش نظامي تميز بتكوين واضح.

* ظروف تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية

  01/- الظروف الداخلية

          السبب الرئيسي الذي ادى بقيادة الثورة الـجـزائــريــة إلــى التفكير في إنـشاء حكومــة مؤقــتة للجمهوريــة الجزائرية تـلك الخـلافات التي نشبت بين أعضاء لجنة التنسيق التي أدت إلى ظهور أزمة داخلية سنة 1957 تمثلت في الصراع بين كــريم بلقاسم وعبان رمضان وقد نتج عن هذه الخلافات اغـتـيال عــبان رمـضان وغــياب  روح الثقة وعدم التجانس بين الأعضاء المشكلين لها، استغل ديغول هذه الخلافات بين قادة الثورة على مختلف المستويات بتوجيه الضربة  القاضية للثورة وذلك برفع عدد من العملاء المدنيين من أبناء الجزائر في الجيش الفرنسي وإنشاء أقسام ادارية مخصصة في أغلب انحاء قطر الجزائر وإضافة إلى ذاك إقامة خطي شال وموريس الذين حالا دون تسريب الأسلحة ، ففي سنتي 1958 - 1959 استشهد معظم عناصر الجيش التحريري الوطني وسط الأسلاك الشائكة والمكهربة خلال محاولات اختراق خط موريس فكان لزاما على قيادة موحدة للجيش (COM ) لجنة التنسيق والتنفيذ ايجاد مخرج لهذا المأزق فأنشأت لجنة التنظيم العسكري وقسمت إلى فرعين الفرع الأول ترأسه العقيد هواري بومدين ونجح في إدارته نجاحا كبيرا ومقره الحدود الجزائرية المغربية أما الفرع الثاني فترأسه العقيد محمدي السعيد ومقره الحدود الجزائية التونسية وقد فشل في ادارته فشلا ذريعا مما أدى إلى تأزم الوضع على الحدود الشرقية.

كما ازدادت ازمة التسلح حدة جراء إقامة خط موريس المكهرب والملغم على طول الحدود الجزائرية المغربية.

       ولقد كانت الاجراءات العسكرية والفرنسية أثر كبير على الوضعية الاقتصادية لسكان الجزائر خصوصا بعد توسيع نطاق المناطق المحرمة وإقامة المحتشدات الاجبارية الخاصة بالجزائريين قصد عزلهم عن جيش التحرير وسعيه أيضا لاستهداف ولاء الشعب للثورة وتجسيد هذا المسعى في السياسة الديغولية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي وهو تلخص في مشروع قسنطينة سنة 1958 الذي كان يهدف إلى خلق طبقة جوارية جزائرية حليفة للاستعمار.

        ونتيجة لهذه الظروف شرعة لجنة التنسيق والتنفيذ في دراسة ملف تحولها إلى الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من اجل مواجهة سياسة ديغول داخليا سواء عسكريا او سياسيا وإيجاد جهاز سياسي شرعي يمكنها من أن تساهم في التعجيل بجملة المفاوضات وإيجاد تسوية سليمة.

02/-الظروف الخارجية:

كان للظروف الخارجية دورا وتأثيرا بارزا في دفع قيادة الثورة ممثلة في لجنة التنسيق والتنفيذ للتفكير في مسألة إنشاء حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية والتي يمكن أن نذكر منها ما يلي:

*الضغوط التي تعرضت لها الثورة الجزائرية من طرف نظامي تونس والمغرب الأقصى فإعلان فرنسا لحق المتابعة العسكرية لعناصر جيش التحرير الوطني عبر الحدود اضافة إلى كثرة تواجد عناصر هذا الأخير في تراب الدولتين.

*تعتبر الندوة التي اقيمت في طنجة يومي27-29 أفريل 1958 هي التي عجلت  بالاستقلال الجزائري شرطا لحل "الصراع الجزائري الفرنسي" كما اعترفت الدولتان بجبهة التحرير الوطني ممثلا شرعيا للشعب الجزائري وطرح اقتراح إنشاء حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية لكن كان ذلك بعد استشارة الحكومتين التونسية والمغربية

*كما تعتبر عودة ديغول إلى السلطة تأثيرا على أحداث 13 ماي 1958 بالجزائر وظرفا خارجيا هاما إذ أن هذا الاخير سعى إلى محاصرة الثورة وعزلها دبلوماسيا قصد الاستفادة من الصراع بين المشرق والمغرب في إطار الحرب الباردة وكسب الدعم المادي والمعنوي في المحافل الدولية.

*تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.

   سبق الاعلان عن الحكومة المؤقتة من نتيجتها أنها كانت تضج فكرة التأسيس والعمل على تجسيدها وكان ذلك من طرق لجنة التنسيق والتنفيذ حيث بدات الفكرة تنمو في أذهان  الثورة سنة 1956 وبدأت تتبلور بشكل جدي بعد اختطاف الزعماء الخمس يوم 22 أكتوبر 1956 ثم طرحت بأكثر جدية في 1957 خلال جلسات الدورة الثانية للمجلس الوطني للثورة المنعقد في القاهرة من 20 إلى 28 اوت1957 وقد طرحت فكرة تأسيس حكومة مؤقتة في مؤتمر طنجة بالمملكة المغربية في أفريل 1958 الذي ضم كل جهة التحرير الوطني وحزب الاستقلال المغربي والدستور التونسي وقد تم الاتفاق على اجراء مشاورات مع حكومتي المغرب وتونس.

 *دوافع قبول الحكومة الفرنسية للتفاوض وأهم مراحل المفاوضات

              دوافع قبول الحكومة الفرنسية للتفاوض:

/تعذر الانتصارات العسكرية للجيش الفرنسي في الجزائر

/تزايد نفقات الحرب لدى الحكومة الفرنسية

/عجز الدبلوماسية الفرنسية في المحافل الدولية في إنقاع الرأي العام الدولي بموقفها في الجزائر .

/كذلك المظاهرات الأمهات الفرنسيات احتجاجا عل ارسال ابنائهن للجزائر للدفاع عن مصالح المعمرين.

*مراحل المفاوضات:

المرحلة الاولى:مرحلة جس النبض( مولان 25 جوان1960)

مبدأ تقرير المصير في 16 سبتمبر 1959:

بعد النضال البطولي للشعب الجزائري والضغط الدولي ألزم ديغول باقتراح إجراءات ملموسة لحل القضية الجزائرية التي أصبحت تكلف فرنسا أكثر فأكثر وتهددها في صميم وحدتها الوطنية عن طريق تقرير المصير بتنظيم استفتاء يتضمن ثلاث خيارات (المشاركة مع فرنسا،وإما الاستقلال ،وإما الفرنسة)وبعد رفض ديغول الاستقلال والفرنسة والمشاركة بحيث تكون حكومة الجزائريين من الجزائريين واتحاد وإتحاد وثيق مع فرنسا فيما يتعلق بالاقتصاد والتعليم والدفاع والعلاقات الخارجية أي الحكم الذاتي الذي يعني السيادة المحدودة.

أما فيما يتعلق بتقرير المصير حسب رأي ديغول في فضل (كل التيارات السياسية ) وعدم الاعتراف بجبهة التحرير الوطني كممثل وحيد للمقاومة الوطنية.

والمفهوم الديغولي لتقرير المصير ومفهوم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية  أنه لا بد أن تتوفر شروط سياسية و عسكرية قبل الوصول إلى تقرير المصير بحيث يتم وقف إطلاق النار بالاتفاق المسبق حول هذه الشروط . بحيث أظهرت الاتصالات الأولية بين ممثلي ديغول وممثلي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية اختلافات اساسية وهذا في محادثات مولان أولا أي مرحلة جس النبض.

  فشل اتصالات مولان(25-29 جوان 1960)

وإجابة على تصريح ديغول بتاريخ 14 جوان 1960 فقد استجابت الحكومة المؤقتة للجمهورية بإرسال مبعوثين هما محمد بن يحي وأحمد بومنجل ولم تعاملهما الحكومة الفرنسية على أساس مفاوضين بل على أساس متمردين وعزلتهما في مقر مولان من 25 إلى 29 جوان 1960 وحرما من كل الحريات كالاتصال والصحافة والاتصالات الخارجية ،وأثناء ذلك كان ديغول في غمرة المساومات مع إطارات الولاية الرابعة من اجل وقف إطلاق النار في تلك المنطقة فقط والحكومة المؤقتة لا تعلم بشيء ولكن مناورات ديغول لم تتوقف لأنه كان يريد النصر العسكري لقواته وذلك ما عرف بعمليات شال كما دعم الخطوط الموضوعة في كامل التراب الوطني وحمل الجنرال ديغول الحكومة المؤقتة فشل مفاوضات مولان.

وبعد انتظار 8 اشهر اخرى إلى غاية شهر فيفري بدأ طور الاتصالات الجدية. وكانت هذه المفاوضات صعبة للغاية والنتيجة تتوقف على وحدة ودعم الجماهير،هذا الدعم الذي تجلى في الانتفاضات الشعبية العارمة وفي بعض المدن الكبرى والتي كانت منعرجا في مسيرة الثورة وحدثا حاسما في تاريخ معركتها المسلحة وفي سير المفاوضات وقد عجلت هذه الانتفاضات في سير المفاوضات الجزائرية الفرنسية.

المرحلة الثانية: مرحلة الاتصالات السرية

 لقاء لوسارن وسويسرا 20-02-1960

بعد أن اظهرت مظاهرات 11 ديسمبر  1960 لفرنسا والرأي العام العالمي أن جبهة التحرير عي الممثل الوحيد والشرعي لها وبعد تبني الحكومة الفرنسية لمبدأ تقرير المصير من خلال نتائج استفتاء 8 جانفي 1960، اقتنعت فرنسا بضرورة الاسراع في المفاوضات وأعطتها اهتماما أكبر كانت بوساطة سويسرية وأثناء هذه المحادثات كانت المواقف متباعدة جدا خاصة قضية الصحراء التي أكدت فرنسا بشأنها أنه لا نقاش حولها وقاعدة المرسى الكبير الذي تعده من ممتلكاتها الخاصة

موقف فرنسا والجزائر

الموقف الفرنسي:الحكم الذاتي تجزئة الجزائر عرقيا ودينيا وفصل الصحراء عن الشمال طاولة مستديرة، الهدنة.

الموقف الجزائري:السيادة الكاملة وحدة الامة الجزائرية، الوحدة الترابية،جبهة التحرير الوطني الممثل الشرعي الوحيد وقف إطلاق النار.

 مفاوضات ايفيان الأولى 20 ماي 1961

حيث أعلنت فرنسا أثناء هذه المفاوضات على:

-                     الإفراج عن ألاف المعتقلين والسجناء.

-                     نقل المختطفين الخمس من سجنهم ، لكنها بقيت متمسكة بموقفها إزاء الصحراء وبالغت في امتيازات المعمرين لذلك تعطلت المفاوضات وتفرقت في 13 جوان1961.

-لقاء بال سويسرا: من اكتوبر إلى نوفمبر 1961 وفيها تمت :

دراسة العديد من القضايا مثل:

-                     المرحلة الانتقالية من الادارة الفرنسية والهيئة التنفيذية المؤقتة.

-                     التواجد العسكري الفرنسي بقاعدة المرسى الكبير.

-                     انضمام الجزائر إلى منظمة الفرانكفونية ومبدأ ازدواجية الجنسية "هي في مجملها تحليل الصعوبات ودراسة المشاكل الهامشية".

-    المرحلة الثالثة: مرحلة المفاوضات الجادة (ايفيان الثانية 7-18 مارس 1962)

  اتفاقيات ايفيان الثانية:

عاد الوفدان الى قصر الحضيرة بمدينة ايفيان لجولة أخيرة من المفاوضات استمرت من 07 الى 18 مارس 1962 بين بن خدة ممثل الوفد الجزائري  ولوي جوكس ممثل الوفد الفرنسي وقد كان من المتوقع أن تكون المناقشة صعبة فهي قد تكون الاخيرة وبالتالي كل طرف يسعى فيها من اجل الحصول على اقصى ما يمكن من التنازلات لا سيما الوفد الجزائري الذي كان قد لقي معارضة قيادة الاركان على الاتفاقيات  متفرقة من بعض الأعضاء في المجلس كان الوفد الفرنسي مطلعا على هذا وعارفا بأن الجزائريين يوظفون تلك المعارضة للحصول على تنازلات من المسائل الباقية وهو ايضا جمهوره معارضة تترصد فلا يجوز له ان يعطيها فرصة النقد في تلك الجولة الحاسمة للاعتبارات السابقة كان الجو السائد في تلك الندوة من البداية متوترا وزاد من شدة التوتر معطيات الوضع العسكري  نتيجة  انتقال منظمة الى التقتيل الجماعي والتخريب كما تركزت حول الفترة الانتقالية  لأن مشاكل كثيرة بقيت محل نظر الجبهة ، حيث تتضمن من حيث الاساس الاجراءات والضمانات التي ستؤدي الى الاعلان عن الاستقلال كما ركزت هذه المفاوضات على تشكيل المجلس التنفيذي  وسلطاته و تكوين  القوة البوليسية  والعفو عن المسجونين السياسيين وتبادل الاسرى لدى الجانبين .

أهم ماتم التفاق عليه بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي

-وقف إطلاق النار ابتداء من 19 مارس 1962

-إطلاق صراح المساجين في أقل من 20 يوم

-إجراء استفتاء تطبيقا لمبدأ تقرير المصير مدته لا تقل عن 6 أشهر.

-إنشاء هيئة تنفيذية مؤقتة برئاسة عبد الرحمان فارس

-تقليص عدد قوات الجيش الفرنسي إلى 80 ألف جندي.

 *النتائج الايجابية و السلبية لاتفاقيات ايفيان :

أ/ النتائج الايجابية :

*كل ما في اتفاقيات ايجابي بصفة عامة اذا ماتم النظر إليها من زاوية أن الجزائر في نظر التشريعات الفرنسية كانت قطعة من فرنسا على مدى قرن وثلث قرن وان انفصالها عن فرنسا واستقلالها لم يكن في مخيلة احد قبل عام 1959 فاتفاقيات ايفيان التي أمضيت في مارس 1962 وصيغة على اساس الاستقلال والانفصال عن فرنسا وان كل ما ورد في اتفاقيات ايفيان يخدم مبدأ الاستقلال والتعاون ويسهل تسيير ذلك وفي هذا الميدان ينبغي الاشادة بوفد جبهة التحرير الوطني المفاوض اذ لم يترك  لا بشاردة ولا بواردة الا وقف عندها وكافح وناضل من اجل جعلها لصالح الشعب الجزائري ووحدة الشعب الجزائري والاستقلال التام والكامل التي تفانى الوفد انه في مستوى المسؤولية على طاولة المفاوضات كما اثبت جيش التحرير الوطني انه في مستوى المسؤوليات على ارض المعارك الحربية

ب/- النتائج السلبية :    

- مصير المستوطنين الفرنسيين بعد تقرير المصر فقد دافعت عنهم الاتفاقيات وقد حاولت ان توفر لهم بعض الامتيازات لحمايتهم وحماية ممتلكاتهم ومستقبلهم بالجزائر

-التعاون في ميدان المعادن والبترول والغاز حيث حصل الفرنسيون على امتيازات كثيرة فقد نص الاتفاق على اعتراف الجزائر بكل الحقوق المكتسبة الخاصة بعقود المناجم والنقل التي منحتها فرنسا طبقا لقانون نفط الجزائر قبل تقرير المصير.

- في ميدان  التعاون الثقافي تتعهد فرنسا بوضع الوسائل اللازمة تحت تصرف الجزائر لمساعدتها في تطوير التعليم والاعداد افني والباحثين الذين تحتاج اليهم .

- فيما يخص الاعلان عن الاتفاق عن المسائل العسكرية حصلت فرنسا على عدة امتيازات حيث نصت على ان تمنح الجزائر لفرنسا على سبيل الايجار حق استخدام الميناء البحري والجوي في المرسى الكبير لمدة 15 سنة قابلة للتجديد ابتدءا من يوم تقرير المصير

- إنشاء القوة  المحلية لحفظ الامن والنظام ، نصت على انشاء قوة للامن خاصة بالجزائر تخضع لسلطة المجلس التنفيذي تتألف من 60 ألف رجل و تبدأ ب 40 ألف رجل .

- السماح لفرنسا بمواصلة تجاربها الذرية في قاعدة رقان جنوب أدرار وسيكون ذلك سبب في تأميم أراضي المعمرين الزراعية عام 1963 عندما اقدمت على اجراء تجربتها النوية الثانية دون أن تحذر الجزائر .

- عدم صياغة نصوص اتفاقيات ايفيان باللغة العربية والاكتفاء فقط بالنص الفرنسي علما بأن اللغة هي إحدى مظاهر السيادة .

* نتائج الاستفتاء وظروف الجزائر غداة الاستقلال

- وقف القتال وإعلان الاستقلال :

دخــل وقــف اطــلق الــنار حــيز الـتـنفـيذ في يوم 19 مارس 1962 حـــاولت مـــنظــمة OAS) ) القيام بعمليات ارهابية لدفع الثورة إلى ارتكاب الأخطاء من أجل عرقلة المسار الاستقلالي إلا أنها فشلت،وبعدها أجري استفتاء تقرير المصير يوم 1 جويلية 1962 وصوت فيه 97.3%  من الجزائريين لصالح الاستقلال وبعد مرور يومين اعترفت فرنسا رسميا باستقلال الجزائر وفي 5 جويلية 1962 أعلنت الجزائر استقلالها رسميا وهكذا استرجعت الجزائر استقلالها بعدما قدمت تضحيات جسام خلال الثورة التحريرية الكبرى تمثلت في استشهاد مليون ونصف المليون شهيد زيادة عن الجرحى والمعطوبين ( حوالي150 ألف مجاهد) واليتامى والمتشردين والمصابين بأمراض نفسية والعقلية لهول ما ارتكبته فرنسا من جرائم في حق الشعب الجزائري.

*ظروف الجزائر غداة الاستقلال:

الظروف السياسية:

-لم يسبق للجزائريين حكم بلادهم ولم يتمرسوا في دواليب الحكم والسلطة ، كانوا يعانون قساوة القوانين الاستثنائية والسياسية التعسفية ويديرون شؤونهم عرقيا تطبعهم في ذلك الأسس الاخلاقية .

-إن سياسة التجهيل لم تفرز نخبا بإمكانها قيادة البلاد غداة الاستقلال.

-غياب إستراتيجية إدارة شؤون الدولة لفترة ما بعد الثورة

-تساؤلات عن كيفية التخلص من بعض بنود اتفاقيات ايفيان التي كانت غير ملائمة لبلاد مستقلة وخاصة تلك المتكلفة بالاقتصاد وتحرير التراب الوطني من القوات الفرنسية، وقضية التعاون الفرنسي الجزائري الذي وضع على  أسس استعمارية.

 الظروف الاقتصادية:

     بنية اقتصادية هجينة تجمع بين تنظيم رأس مال حديث وأخر عشائري حيث أن الاستعمار الفرنسي عرف كيف يستغلها في تلبية احتياجاته و وجعل الشعب الجزائري بمثابة مصدر لليد العاملة، وتعتبر الجزائر سوق مستهلك أكثر منه منتج حيث أنها قائمة على الاقتصاد الفرنسي ،حيث قالت فرنسا اتجاه الجزائر بحرق آلاف الهكتارات من المحاصيل الزراعية وهذا ما أدى تفاقم الازمة الاقتصادية.

 الظروف الاجتماعية:

-مليون ونصف مليون شهيد .

-مئات الالاف من الأرامل واليتامى والملجئين.

-انخفاض مستوى المعيشة أي كثرة البطالة .

-انتشار الفقر والآفات الاجتماعية والأمراض

-كثرة الهجرة لأوروبا .

-انتشار الأمية في اوساط الجزائريين ( بلغت 80%  ).

-الانفجار الديمغرافي لا يتماشى مع الاقتصاد .