تعتبر ظاهرة الفساد والفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر، إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون وعلم السياسية والاجتماع، كذلك تم تعريفه وفقا لبعض المنظمات العالية حتى أضحت ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها وظاهرة الفساد تشمل جرائم متعددة مثل : الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، إساءة استعمال السلطة الإثراء غير المشروع، التلاعب بالمال العام و اختلاسه أو تهديده او اساءة استعماله، غسيل الأموال، الجرائم المحاسبية، التزوير، تزييف العملة، الغش التجاري .. إلخ

وأول من بدأ بالفساد هو إبليس عندما استأذن الله تعالى (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)

الحجر الآيات:36،37،38،39،40 وكما هو معلوم فان الآثار السلبية الناتجة عن الفساد لا تقتصر على قطاع مجتمع معين وإنما تمتد هذه الآثار لتطول كافة أفراد المجتمع وقطاعاته وبالتالي تؤدي إلى حدوث خلل في التركيب الاجتماعي والسياسي في الدولة مما يؤدي إلى بروز هيئات وأنظمة تعتمد على رأس المال الفاسد والرشوة . ونتيجة للانفتاح العالمي ظهر ما يسمى بعولمة الفساد لينطلق الفساد عابرا للحدود من خلال جرائم ترتكب من أفراد عدة و بالتالي استحالة إثبات هوية أو جنسية هذه الظاهرة.

وتشير تجارب الدول على اختلاف مستوى تنميتها الاقتصادية أو نظامها السياسي الى أن الفساد لا يرتبط بنظام سياسي معين بل يظهر عندما تكون الظروف مواتية لظهوره. و يوجد بصور مختلفة ومتباينة في جميع النظم السياسية فالفساد يعد ظاهرة دولية وعامل قلق للمجتمع الدولي . وتعد ظاهرة الفساد ظاهرة مركبة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولذا تتعدد أسباب نشوئها ومن هذه الأسباب عدم اتساق الانظمة ومتطلبات الحياة الاجتماعية وضعف الرقابة، وللفساد آثار سلبية متعددة أهمها التأثير السلبي على عملية التنمية فينحرف بأهدافها ويبدد الموارد والإمكانات ويسي، توجيهها ويعوق مسيرتها كما يضعف فاعلية و كفاية الأجهزة ويتسبب في خلق حالة من التذمر والقلق.

 ومن أجل ذلك بدأت معظم الدول المتطورة لأخلقة و حوكمة العمل السياسي  و الاقتصادي و الاجتماعي  بوضع مجموعه من المبادئ والقواعد الحازمة و الرادعة ، والتي تشكل معيارا للسلوك الفردي سواء في التنظيم الاداري الاجتماعي فضلا عن ما تمليه متطلبات كل وظيفة  من شروط أخلاقية لا تتعارض مع هذه القواعد والمعايير.