درس : عناصر (فواصل) الحكامة 

 

تقوم الحكامة على تكامل وتفاعل ثلاثة عناصر مهمة، وهي التي  تشكل أطراف مثلث الحكامة . والذي يتكون من الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني.                                                                                                                            

 1-الدولة: تعد الدولة بكل مؤسساتها الطرف الرئيسي في تجسيد الحكامة، وذلك باعتبارها  الجهة صاحبة الإشراف على تحديد  ووضع السياسات العامة للبلاد، و ذلك بوضع الضوابط والآليات  التنظيمية من خلال القوانين والتشريعات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (فتح المجال أمام  المشاركة الشعبية، احترام حقوق الإنسان، ضمان حرية الإعلام، العدالة في توزيع الموارد،  تحديث البرامج التعليمية و التكنولوجية بما يخدم  مصالح المجتمع، حماية البيئة…)،  كما تقوم الدولة بتشجيع القطاع الخاص و وتمكينه من أداء دوره وتحقيق التكامل معه وإتاحة  الفرصة له ليصنع الحياة في مختلف مجالات  في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات في مختلف القطاعات، بالإضافة والى  فتح المجال لبروز مجتمع مدني فعال و مفيد ومستقل وتلقائي.

 2-القطاع الخاص:  يشمل هذا القطاع كل المشاريع غير المملوكة من طرف الدولة في مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي. 

ولقد أصبح القطاع الخاص اليوم شريكا أساسيا للقطاع العام في تحقيق التنمية في مختلف مجالاتها، وذلك بما يتضمنه من قيمة مضافة للمجتمع تساهم في تحسين ظروفه المعيشية (توفير فرص العمل، وتقليل الفقر، المساهمة الجبائية، التكوين بالإضافة إلى خدمات أخرى مختلفة)

 

3-المجتمع المدني(القطاع التطوعي أو الثالث):  يتكون المجتمع المدني من مؤسسات  غير حكومية لا تسعى  للربح، ويعمل فيها الأفراد بشكل  طوعي ويضم الجمعيات بأنواعها : ثقافية، خيرية، دينية، بيئية …، والنقابات،العمالية، والاتحادات الطلابية والشبابية والنسوية والنوادي الرياضية والفنية وهيأت الرأي والإعلام والمراكز البحوث والدراسات وغيرها، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية.                                   

إن فكرة المجتمع المدني  ترتكز على ممارسة المجتمع لأدوار سياسية واقتصادية واجتماعية خارج سلطة الحكومة ودفاعا على مصالح فئاته، ولذلك  فباستطاعته أن يساهم مساهمة فعالة في تحقيق الحكامة من خلال ما يلي :                                                                         

- تكوين نخب مؤهلة قادرة على ممارسة الحكم، وهو الدور المنوط بالأحزاب السياسية  تحقيقه.                                                              

-  توعية وتعبئة الرأي العام حول مسألة امتياز الحاكم (من يديرون الشأن العام )،وضرورة أن يكون  هذا الاعتبار مبنيا على أساس الكفاءة والنزاهة وذلك لأجل تحقيق المنفعة العامة.                                                                                                                                       

 - القيام بدور الرقابة المجتمعية في أداء من وكلهم المجتمع في إدارة شؤونه،  وبالتالي  الضغط نحو هذا الأداء والرفع من مستوى الخدمات المقدمة.

 - تحمل جزء من الأعباء الاجتماعية، من خلال المساعدات المباشرة أو بمساعدة  أفراد عن طريق التكوين والتطوير لدخول عالم الشغل و بناء       المؤسسات.                                                                                                                                                                  

 - القيام بمبادرات وأعمال تطوعية ترمي إلى خدمة الصالح أو المصلحة العامة، وتحسيس المجتمع بأهمية الانخراط في هذا المسعى.                    - حماية الطبقات الهشة والمحرومة في المجتمع والدفاع عن مصالحها.                                                                                              

 ولكي يضطلع المجتمع المدني بالدور المنوط به لابد أن يكون المجتمع المدني حقيقي ومستقل عن مؤسسات الدولة(ولكنه في ذات الوقت يحترم سلطة الدولة ويرغب في التعامل معها لتحقيق التنمية). فالمجتمع المدني الصوري أو الوهمي لا يمكن أن يعول عليه كفاعل في تحقيق التنمية.

  إن  تحالف الرؤية الاستراتيجية للدول و قيامها بدورها المنظم والمحفز و  المسهل والمشارك في المجالات الاقتصادية من جهة، مع حيوية القطاع الخاص وتشعب و تنوع فاعلية  المجتمع المدني من جهة أخرى.

ضمن  منظومة قانونية شفافة ومتكاملة وصارمة ومرنه، وفي إطار الحرص على تطبيقها ومحاربة ما يفسدها و يجعل  الحكم الراشد -بكل المقاييس- مؤيدا فعالا لتحقيق الآثار الايجابية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. 

 

الفرق بين الحكام الراشدون والحكام الفاسدون:

 

 1- الحكام الذين يطلبون الحكم ويحرصون عليه ويحضونه بكل السبل الممكنة و يعتبرونه مغنما أو فوزا لهم، هم حكام فاسدون بخلاف من يطلبهم الناس ويرشحونهم لحكمهم، والولاية عليهم ويعتبرون الحكم أمانه وتوكيلا (تكليفا لا تشريفا)، فهم حكام راشدون .

2- من يتولون الحكم عن اختيار الناس هم حكام راشدون، ومن يتولونه عن كره الناس أو غضب أو قوة أو وراثة فهم حكام فاسدون. 

3- من يجعلون أمور الحكم والمصالح العامة شورى بينهم و بين شعوبهم و شورى بينهم وبين أهل العلم هم حكام  صالحون ومن يستفيدون من تلك الأمور ويحرصون على تدبيرها مع خواص أعوانهم هم سكان الفاسدون.

4- الحكام الفاسدون يحصنون أنفسهم بالترغيب والترهيب، أما الحكام  الصالحون يحصنون حكمهم بالعدل والإحسان والوفاء.

5-  الحكام الراشدون يقبلون نقدهم والاعتراض عليهم ونصحهم أما الحكام الفاسدون يرفضون ذلك ويمنعونه ويعاقبون عليه.

6- الحكام الراشدون يتصرفون في الأموال العامة وفق الحق والعدل والأمانة والشفافية بما يخدم المصالح العامة، ويقبلون المراجعة والمحاسبة في ذلك. أما الحكام الفاسدون فيتصرفون في تلك الأموال وفق أمزجتهم ومصالحهم الخاصة.