التسجيل العقاري عملية قانونية أوجبها المشرع قبل القيام بعملية الشهر لدى المحافظة العقارية، حيث يقوم المكلف بتحرير الوثائق الرسمية بعد إتمام إجراءات التوثيق بتسجيل هذه التصرفات لدى مصلحة التسجيل والطابع بغرض تحصيل رسوم التسجيل لصالح الخزينة العمومية، وعملية التسجيل نظمها المشرع في قانون خاص وهو الأمر 76-105 المتضمن قانون التسجيل، ولقد تضمن هذا القانون الإجراءات والمبادئ التي تسير عملية التسجيل فالتسجيل يعطي تاريخا ثابت للتصرفات الواردة على العقارات .

المبحث الأول: مفهوم التسجيل

لتسجيل أهمية جبائية وقانونية كبيرة حيث يلعب دورا كبير في تمويل الخزينة العمومية وذلك عن طريق تحصيل الرسوم المفروضة على عملية التسجيل وللوقوف على مفهوم التسجيل في هذا المبحث سيتم التطرق إلى تعريف التسجيل وتمييزه عن غيره من المفاهيم المشابهة له في المطلب الأول، وأهداف وقواعد تسجيل العقارات في المطلب الثاني.

المطلب الأول: تعريف التسجيل وتمييزه عن غيره من المفاهيم المشابهة له

لم يعطي المشرع الجزائري تعريفا جامعا لموضوع التسجيل من خلال النصوص القانونية المنظمة له، حيث نجد أن الكثير من الأفراد يخلطون بين التسجيل ومصطلحات مشابهة له ففي هذا المطلب سيتم تناول تعريف التسجيل كفرع أول، وخصائص التسجيل كفرع ثاني، وتميز التسجيل عن بعض المفاهيم المشابهة له كفرع ثالث.

الفرع الأول: تعريف التسجيل

المشرع الجزائري من خلال النصوص القانونية الواردة في موضوع التسجيل لم يعطي تعريفا جامعا مانعا له وعليه سيتم تعريف التسجيل لغة ثم تعريفه اصطلاحا.

تعريف التسجيل لغة: التسجيل Enregistrement:

من فعل سجل، سجل الرجل تسجيلا وسجل به رمى به من فوق، وسجل القاضي كتب السجل، ومنه تسجيل الأوراق لتقييدها في المحاكم والمجالس.

تعريف التسجيل اصطلاحا:

قبل أن نعرف التسجيل المنصب على العقارات يجب أن نعرف التسجيل بصفة عامة، حيث انه من المتعارف عليه انه ليس هناك تعريفا جامعا مانعا للتسجيل بل هناك عدة تعاريف يمكن أن نوردها على النحو التالي:

يعرف التسجيل على انه: إجراء يتم من طرف موظف عمومي مكلف بالتسجيل حسب كيفيات محددة بموجب القانون.

كما يعرف أنه: إجراء يقوم به موظف عمومي طبقا لإجراءات مختلفة تهدف إلى تحليل التصرف القانوني وإظهاره في دفاتر مختلفة وحسب هذه التحاليل يمكن تحصيل الضريبة وهناك من يعرفه كذلك انه إجراء يتمثل في تبيين عقد في سجل رسمي يمسكه موظفو التسجيل الذين يقبضون من  جراء ذلك رسما جبائيا.

وهناك من يعرفه أنه: الإجراء القانوني الذي يقوم به موظف عمومي يسمى مفتش التسجيل فيسجل العقود المدنية والعقود القضائية و غير القضائية على النسخ الأصلية أو البراءات أو الأصول ،مقابل دفع الرسوم إلى خزينة الدولة ممن انتقلت إليهم الحقوق  أو من طرفي العقد، ويهدف التسجيل إلى تحقيق أمرين:

 الأمر الأول يتمثل في تحصيل الرسوم والحقوق لفائدة الخزينة العامة للدولة. 

والأمر الثاني يتمثل في ترتيب أثار قانونية على التصرفات المسجلة يجعل العقد العرفي ثابت  التاريخ من يوم تسجيله حسب نص المادة 328 من القانون المدني  وإضفاء الشرعية أو الحجية على بعض الأعمال مثل القرارات التحكيمية وعقود الرهن الرسمي حسب نص المادة 904 و905 من القانون المدني.

ونستخلص من ذلك أن كل التعاريف السابقة  متشابهة، وعليه يمكن تعريف التسجيل انه إجراء إداري يقوم به موظف عمومي يكون مؤهلا قانونا لتسجيل جميع التصرفات القانونية مقابل دفع حقوق التسجيل.

بناء على ما سبق يمكن تعريف إجراء تسجيل بيع العقار أنه : إجراء يقوم به مفتش التسجيل عند تلقيه محررات أو تصرفات قانونية واردة على عقار من الناحية العملية يقبض حقوق التسجيل، وهو إجراء جبائي ينجر عن مخالفته خضوع المكلف لعقوبات جبائية.

الفرع الثاني: خصائص التسجيل

من خلال التعريفات السابقة التي تم التطرق إليها نستخلص أن عملية التسجيل تمتاز بمجموعة من الخصائص والتي تتمثل فيما يلي:

أولا -التسجيل إجراء إداري :

 أي أنه يتم في إدارة عمومية تابعة سلميا إلى وزارة المالية تسمى المديرية العامة  للضرائب، وهذه الأخيرة نجدها على مستويين الأولى تسمى المديرية الجهوية للضرائب والثانية تسمى المديرية الولائية للضرائب ولكل من المديريتين اختصاص إقليمي ،وهذا حسب القرار رقم 484 المؤرخ في 12-07-1998 المحدد للنطاق الإقليمي لتنظيم اختصاصات المديريات الجهوية والمديريات الولائية للضرائب وهذا حسب نص المادة 75 من قانون التسجيل التي تنص على: " لا يمكن للموثقين أن يسجلوا عقودهم إلا في مكتب التسجيل التابع للدائرة أو عند الاقتضاء في مكتب الولاية الذي يوجد بها مكتبهم......."

ثانيا -التسجيل يقوم به موظف عمومي :

 نقصد بالموظف العمومي الشخص المعين من طرف الدولة للقيام بخدمة عامة طبقا  لنص المادة 04 من الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 19 جمادى الثاني عام 1427 الموافق ل15 يوليو سنة 2006 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية والتي تنص على أنه:"يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الإداري...".

وعملية التسجيل يقوم بها مفتش التسجيل طبقا للمادة 180 من الأمر 76-105 المتعلق بقانون التسجيل، ولا يجوز لأي موظف عمومي أخر ليست له صفة مفتش التسجيل القيام بهذا الإجراء ويقع في هذه الحالة تحت طائلة البطلان .

ثالثا - التسجيل إجراء بمقابل :

 ونقصد به أن مفتش التسجيل يقوم باقتطاع الحقوق في شكل نقدي، وهذا تجسيدا لمبداء العدالة والمساهمة في تغطية الأعباء العامة للدولة تطبيقا لنص المادة 78الفقرة1 من دستور 1996، والتي تنص على : "كل المواطنين متساوون في الضريبة...." إلا أن هذه الخاصية ليست مطلقة ،بل هناك بعض التصرفات القانونية معفاة من حقوق التسجيل ولقد نص قانون التسجيل على  هذه الإعفاءات  في الباب الحادي عشر منه.

رابعا - التسجيل ذو طابع إجباري ونهائي :

 ونقصد بالإجباري هو إجبار المكلف بحقوق التسجيل لأدائها بطرق إدارية، وفي هذا الشكل يبرز مبدأ سيادة الدولة تطبيقا لنص المادة78الفقرة2 من دستور 1996 المعدل والمتمم التي تنص على :" ويجب على كل واحد أن يشارك في تمويل التكاليف العمومية  حسب قدرته الضريبية...." لان حقوق التسجيل هي بمثابة ضريبة أحادية صادرة عن الدولة وفي حالة التخلف عن دفعها يتعرض المكلف بها لعقوبات جبائية، بهدف إلزامه بدفعها إضافة إلى ذلك فإن مفتش التسجيل يرفض إجراء التسجيل إلى غاية دفع حقوقه، و هذا ما نصت عليه المادة 82 من قانون التسجيل، إن رسوم العقود التي يجب تسجيلها تستخلص قبل إتمام الإجراءات.

الفرع الثالث: تمييز التسجيل عن غيره من المفاهيم المشابهة له     

تسجيل العقارات كما تم التطرق إليه هو إجراء يتم من طرف مفتش التسجيل، حيث يقوم بتسجيل جميع التصرفات التي أخضعها القانون لإجراء التسجيل أو التي أراد أصحابها إعطائها تاريخا ثابتا سواء كانت أموالا منقولة أو عقارية.

وسوف يتم تميز التسجيل عن غيره من المفاهيم المشابهة له، وهذا نظرا للخلط بينه وبين بعض المفاهيم الأخرى، حيث يوجد من لا يميز بين الشهر العقاري والتسجيل ويطلق على الشهر العقاري تسمية التسجيل رغم اختلافهما ومنه سوف نميز التسجيل عن كل من الشهر العقاري، القيد، التوثيق، الرسم، الضريبة.

أولا - تمييز التسجيل عن الشهر العقاري:

 الشهر العقاري هو أحد إجراءات نقل الملكية والحقوق العينية العقارية، وهو يهدف إلى تنظيم هوية كل عقار بطريقة تشبه إلى حد كبير بطاقة الحالة المدنية للأشخاص    يختلف التسجيل عن الشهر العقاري كون التسجيل يتم لدى مصلحة التسجيل، أما الشهر فيتم في المحافظة العقارية،والمكلف بعملية التسجيل هو مفتش التسجيل أما المكلف بعملية الشهر العقاري هو المحافظ العقاري، والتسجيل لا يعطي الصفة الرسمية للعقود العرفية بل دوره يقتصر فقط بإعطاء تاريخ ثابت للتصرف كما انه لا يعتبر إشهار للحق الذي يحمله السند  بالمحافظة العقارية، عملية التسجيل نظمها قانون التسجيل الصادر بموجب الأمر 76-105 المؤرخ في 09-12-1976، أما عملية الشهر العقاري نظمها الأمر رقم    75-74 المؤرخ في 12-11-1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري، الذي جاء بمراسمه التطبيقية باعتبار أن قانون الشهر العقاري في أي دولة لاسيما تلك التي تنتهج نظام الشهر العيني يعتبر الأساس القانوني للنظام العقاري  إلا أن هناك أوجه تداخل بين كل من التسجيل والشهر العقاري حيث أن في كل منهما تدفع رسوم  لصالح الدولة وهذه الأخيرة نوعان:

1-    رسم التسجيل :

يقدر ب %5 من قيمة ثمن الأرض وفقا للمادة 252 من قانون التسجيل التي تنص على :" تخضع لرسم قدره %5 مع مراعاة الأحكام الواردة في المادتين 255و258 ، المزايدات والبيوع وإعادة  البيوع والتنازلات وإعادة التنازلات والسحوب التي تمارس بعد انقضاء الآجال المتفق عليها بموجب  عقود البيع مع حق استرداد البيوع وفاء للالتزام وجميع العقود الأخرى المدنية والإدارية والقضائية التي تنقل الملكية أو حق الانتفاع بأملاك عقارية بمقابل مالي....." والذي يأخذ بالتعريف الواسع لمصطلح التصرف في الأرض إذا تعد التصرفات الخاضعة لرسم التسجيل كل أنواع البيوع والتنازلات والسحوب والتي تمارس بعد انقضاء الآجال المتفق عليها وكذا حق استرداد المبيع وهذا مهما كانت طبيعة السند المثبت لذلك.

2-رسم الشهر العقاري :

هو الرسم الذي يقبض لصالح الدولة بمناسبة القيام بإجراءات الشهر ونقل ملكية الأرض لدى المحافظات العقارية ،هذا وتقدر نسبة الرسم المذكورة %2  من قيمة ثمن العقار هذا مالم يتم الإعفاء من دفع الرسم صراحة .

ثانيا - تميز التسجيل عن القيد:

يعتبر القيد إجراء قانوني تابع لعملية الشهر العقاري، بحيث يتم قيد التصرفات القانونية لدى المحافظة العقارية، ويكون بالنسبة للحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي والرهن الحيازي، حق التخصيص وحقوق الامتياز الخاصة الواقعة على عقار ، ومنه فالفرق بين التسجيل والقيد يتمثل في أن القيد يتم على مستوى المحافظة العقارية ويكلف بإجرائه المحافظ العقاري، ويكون بالنسبة للتصرفات العينية أما التسجيل يتم في مصلحة التسجيل ويقوم به مفتش التسجيل.

ثالثا - تميز التسجيل عن الرسم :

 الرسم هو اقتطاع يؤدى لخدمة مقدمة دون أن يكون هناك تكافؤ بين قيمة الرسم والتكلفة الحقيقية للخدمة المؤداة، فا بالنسبة للفرق بين التسجيل والرسم فالتسجيل إجراء يقوم به مفتش التسجيل ومقابل ذلك يقوم باقتطاع حقوق التسجيل في شكل رسوم إما رسم نسبي أو رسم ثابت حسب طبيعة التصرف، وعليه فحقوق التسجيل تمر في شكل رسوم  وهذا طبقا لنص المادة 02 من الأمر رقم 76-105 المتضمن قانون التسجيل. ولقد تبين أن الرسوم تؤدى مقابل خدمة مقدمة و مقابل التسجيل يتم اقتطاع الرسوم.

رابعا- تميز التسجيل عن الضريبة :

 الضريبة هي مبلغ من المال تفرضه الدولة بصورة جبرية ونهائية ودون مقابل في سبيل تغطية النفقات العمومية أو في سبيل تدخل الدولة فقط، وهناك ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة والضريبة إذا كانت تقتطع من الدخل والرأس مال فهي ضريبة مباشرة وتكون غير مباشرة بمثابة النفقات التي ينفقها الفرد من رأس ماله أو دخله، أما الفرق بين التسجيل والضريبة هو أن مفتش التسجيل مقابل إجراء التسجيل يقبض حقوق و هذه الحقوق تشكل ضريبة فهي تتم بصفة جبرية ونهائية  فالمكلف مجبر بأدائها.

وحقوق التسجيل تعتبر ضريبة غير مباشرة لأنها لا تمس المداخيل والثروات، بل يتم تسديدها بطريقة غير مباشرة من طرف الشخص الذي يود استعمال الخدمات الخاضعة للضريبة لان العلاقة ليست مباشرة بين المكلف بالضريبة والإدارة الضريبية  بل يتم فرضها وتحصيلها بمناسبة واقعة أو تصرف معين، هذا المعيار هو معيار قانوني  أما بالنسبة لمعيار الثابت و الاستقرار فهي ضريبة غير مباشرة لأنها ظرفية ومتقطعة.

خامسا - تمييز التسجيل عن التوثيق :

 التوثيق هو عملية يقوم بها ضابط عمومي هو الموثق الذي يقوم بتثبيت كل أشكال المحررات والعقود التي يشترط فيها القانون الطابع الرسمي أو يود أطرافها إضفاء الصيغة الرسمية عليها، والفرق بين التسجيل والتوثيق هو أن التوثيق يقوم به ضابط عمومي يتمثل في شخص الموثق ،على عكس التسجيل الذي يقوم به مفتش التسجيل وهو موظف عمومي أما التفرقة بينهما من حيث الإطار القانوني فالتوثيق ينظمه القانون رقم 06-02 المؤرخ في 21 محرم عام 1427 الموافق 20 فبراير سنة 2006، المتضمن مهنة التوثيق، أما التسجيل نظمه الأمر رقم 76-105المؤرخ في 09-12-1976المتضمن قانون التسجيل والموثق يقوم بإعطاء الوثائق والعقود الصيغة الرسمية طبقا لنص المادة 03 من الأمر  06-02 التي تنص على: "الموثق ضابط عمومي، مفوض من قبل السلطة العمومية، يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصيغة الرسمية، وكذا العقود التي يرغب الأشخاص إعطاءها هذه الصبغة"، أما مفتش التسجيل يقوم بتسجيل التصرفات القانونية مقابل دفع حقوق التسجيل ولا يعطي الصيغة الرسمية للعقود العرفية وإنما يعطيها تاريخ ثابت طبقا لنص المادة328 من القانون المدني الجزائري.

المطلب الثاني: أهداف وقواعد تسجيل العقارات

لتسجيل العقارات أهداف كثيرة فالتسجيل له أهمية كبيرة من حيث تمويل الخزينة العمومية، وتتمثل هذه الأهمية في أهمية جبائية وأهمية قانونية فالأولى ظهرت بعد تطور مهام الدولة في توسيع أهم أساليبها الجبائية بالخصوص العقارية منها أما الثانية هي قانونية إلا أن هذه الأخيرة قليلة مقارنة بالدور الجبائي، ولكي يتم تسجيل التصرفات الواردة على الملكية العقارية على أحسن وجه اشترط المشرع الجزائري قواعد لابد أن تخضع لها جميع الوثائق والمحررات الخاضعة للتسجيل وتتمثل هذه القواعد في قاعدة الرسمية وهذا مانصت عليه المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني إضافة إلى توفر هذه المحررات والوثائق على جملة من الشروط القانونية، وسيتم تطرق في هذا المطلب إلى أهمية تسجيل العقارات في الفرع الأول، وقواعد تسجيل العقارات في الفرع الثاني وشروط تسجيل العقارات كفرع ثالث.   

الفرع الأول: أهمية التسجيل

تكتسي عملية التسجيل أهمية بالغة، خاصة إذا تعلقت بتسجيل عقود بيع العقارات  وتتجلى هذه الأهمية في وجهين الأولى جبائية وقد برزت بتطور أساليب الدولة في جباية الرسوم والثانية قانونية وهي اقل أهمية مقارنة بالأولى .

أولا - الأهمية الجبائية :

 تصنف رسوم التسجيل ضمن الضرائب غير المباشرة ، حيث يؤديها المكلف بالضريبة نظير خدمات يستفيد منها بمناسبة واقعة أو تصرف قانوني وهذه الضريبة ترمي إلى تحقيق عدة أهداف وفي مقدمتها الهدف التمويلي إذ تعتبر هذه الرسوم موردا هاما لتغطية جزء من نفقات الدولة، وبتطوير طرق أساليب الجباية العقارية أضحى لها أهداف اقتصادية واجتماعية مالية.

1 - الهدف المالي لتسجيل العقارات :

 تسجيل العقارات الهدف الأساسي منه هو مالي وهذا الأخير يمكن أن يتعارض مع الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية ، و الأولوية تعطى للهدف المالي الذي تسعى من خلاله الدولة إلى تمويل الخزينة العمومية و إعطائها وظيفة مالية بشكل مطلق وهذا ما يساهم في تحقيق إيرادات الدولة حتى تستطيع هذه الأخيرة مواجهة نفقاتها المحدودة من اجل تسيير المرافق العامة، كما تسمح عملية التسجيل للدولة أيضا إحصاء الممتلكات ، ويظهر الهدف المالي جليا من خلال التعديلات المتكررة التي تطراء على قانون التسجيل الصادر بموجب الأمر 76-105 المؤرخ في 09-12-1976 حيث يعدل ويتمم مرتين في السنة بموجب قانون المالية الأول والتكميلي ، ومهما يكن الأمر لا يستهدف تسجيل العقارات بمقابل اقتطاع رسوم التسجيل هدف مالي فقط المتمثل في تمويل صناديق الخزينة العمومية فهو يمكن أن يستعمل لتحقيق أغراض اقتصادية كما يعمل على تجسيد أهداف اجتماعية.

2 - الهدف الاقتصادي لتسجيل العقارات:

 تعتبر رؤوس الأموال من أهم أساسيات التنمية الاقتصادية وتسعى الدولة لتوفيرها بجميع السبل، ورسوم التسجيل تعد من بين تلك الطرق التي توفر لخزينة الدولة رؤوس أموال معتبرة والجزائر سعت لذلك كباقي الدول، الشيء الذي جعلها تعمل على تشجيع الاستثمار والادخار فاقتطاع الحقوق يشجع الاستثمار وكذا يعمل على توسيع الإعفاءات الجبائية والامتيازات الممنوحة لقطاعات معينة، فالدولة تعفى من جميع رسوم التسجيل بما في ذلك ما يتعلق بعقود التبادل، وشراء الأموال والقسمة مع الخواص وذلك طبقا للمادة 271 من قانون التسجيل كما منحت الدولة المؤسسات التي تستثمر بالمناطق المحرومة إعفاء من رسوم تسجيل العقارات المخصصة لنشاطاتها، قصد تشجيع الاستثمار في هذه المناطق وشملت الإعفاءات أيضا المجال السياحي وهذا مانصت عليه المادة 272 مكرر3 من قانون التسجيل.

3 - الهدف الاجتماعي لتسجيل العقارات :

 النظام الجبائي جزء من السياسة العامة للدولة فهو يرتكز على مبدأ العدالة ويسعى إلى تحقيقها باستخدام حقوق التسجيل من اجل المساهمة في توسيع الدخل الوطني لفائدة الفئة الفقيرة محدودة الدخل، وعلى سبيل المثال تعفى من رسوم التسجيل الولايات والمؤسسات العمومية التابعة للولايات والبلديات والمؤسسات العمومية والاستشفائية والمكاتب الخيرية ومؤسسة الحماية الاجتماعية لرجال البحر، فيما يخص الأموال التي ألت إليها عن طريق الهبة أو الإرث، واقتطاع حقوق التسجيل هي أداة من الأدوات التي تلجاء إليها الدولة لتحقيق الرفاهية العامة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية، والهدف المالي ليس الهدف الوحيد ولكنه الهدف الأساسي دون أن ننسى كذلك الأهمية القانونية.

ثانيا - الأهمية القانونية لعملية تسجيل العقارات:

إن تسجيل مرحلة من مراحل نقل الملكية العقارية، فهو يسبق مرحلة الشهر العقاري كما انه إجراء ملزم باعتبار رسوم العقود تستخلص قبل إتمام إجراء التسجيل، و هذا حسب نص المادة82  من قانون التسجيل :" إن رسوم العقود التي يجب تسجيلها تستخلص قبل إتمام الإجراءات"، كما أن المشرع الجزائري ألزم في نص المادة 393من القانون المدني المشتري دفع قيمة الرسوم المترتبة عن إجراءات التسجيل و ذلك : "إن نفقات التسجيل والطابع و رسوم الإعلان العقاري والتوثيق وغيرها تكون على المشتري ما لم تكن هناك نصوص قانونية تقضي بغير ذلك"، ونص المشرع الجزائري في المادة 29 من قانون التوجيه العقاري على انه تثبت الملكية العقارية الخاصة والحقوق العينة بعقد رسمي و تخضع لإجراءات الشهر العقاري ، كما أن لتسجيل العقارات دور في إثبات تاريخ العقود العرفية التي يقوم بتحريرها الأطراف فيما بينهم، دون تدخل من جانب موظف عام أو ضابط عمومي، فقد نصت المادة 328من القانون المدني على انه:"لايكون العقد العرفي حجية على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت، و يكون تاريخ العقد الثابت ابتداء من يوم تسجيله ...."

الفرع الثاني: قواعد تسجيل العقارات

أولا- قاعدة الرسمية:

تعتبر الرضائية  المبدأ العام الذي يحكم المعاملات القانونية بين الأفراد ، و هذا طبقا لنص المادة 59 من القانون المدني، حيث أنه يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتان دون الإخلال بالنصوص القانونية الواردة على العقارات، حيث أوجب وألزم المشرع إفراغ التصرف القانوني الوارد على العقارات في الشكل الرسمي من طرف ضابط عمومي أو موظف مختص أثبت له القانون هذه الصفة و هو المحافظ العقاري أو الموثق، فأصبحت بذلك قاعدة الرسمية ،ركن مشترط وملزم في كل المحررات الخاضعة لعملية التسجيل ولم ينص المشرع الجزائري على أي استثناء لهذا المبداء فكل عقد لم يستوفي صفة الرسمية يكون محل الرفض، ونظرا للأهمية قاعدة الرسمية سيتم التطرق إلى مدلول قاعدة الرسمي والأشخاص المؤهلين للقيام بهذه العملية :

1-مدلول قاعدة الرسمية:

 يقصد بقاعدة الرسمية إفراغ تصرف قانوني في شكل معين من طرف أشخاص اقر لهم القانون هذه الصفة، وهذا ما أكدته المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني، وكذلك المادة 3 من الأمر 06-02 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق التي تنص على :" الموثق ضابط عمومي، مفوض من قبل السلطة العمومية، يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية، وكذا العقود التي يرغب الأشخاص إعطاءها هذه الصبغة "، وتنص كذلك المادة 71 الفقرة 2 من القانون المدني  على أنه: " إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل يطبق أيضا على الاتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد" وتطبيقا لنص المادة 34  من القانون 11-04 أنه يتم تحرير عقد البيع بناء على التصاميم في الشكل الرسمي ويخضع للشكليات القانونية الخاصة بالتسجيل والإشهار وبالرجوع إلى نص المادة 351 من قانون التسجيل يلاحظ أن المشرع الجزائري وبطريقة ضمنية منع مفتش التسجيل من القيام بتسجيل العقود العرفية وهذا ما يوسع المجال لتطبيق قاعدة الرسمية ومنه تضييق المجال أمام التصرفات العرفية، إلا أنه قبل سنة 1992 كانت التصرفات تسجل لدى مصلحة التسجيل، وتعتبر بمثابة عقود عرفية تكتسب تاريخ ثابت ولها حجية على الغير، وحسب نص المادة 326 مكرر 2 فإن المشرع لم يحدد أي شكل لإبرام العقود العرفية، إن العقد غير الرسمي متى اشتمل على مضمون العقد وتوقيعات الأطراف وفي بعض الأحيان توقيعات الشهود تحول إلى عقد عرفي ، وتسري عليه أحكام المحررات العرفية من حيث قوة الإثبات وشروط صحته.

2-    الأشخاص المؤهلون قانونا لإعداد المحررات الرسمية:

من خلال نص المادة 324 من القانون المدني فالرسمية التي اشترطها المشرع في بعض المعاملات يجب أن تتم من قبل موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة و هذا ما سوف يتم توضيحه فيما يلي:

أولا- الموظف العام:

 هو الشخص الذي تعينه الدولة للقيام بإدارة شؤونها في مجال مهني وبتعبير المادة 05من المرسوم 85-59:" يطلق على العامل الذي يثبت في منصب عمله بعد انتهاء المدة التجريبية تسمية موظف" حيث  بمجرد  التثبيت في المنصب، يبدأ فعلا المسار الوظيفي للموثق مثل مدير أملاك الدولة بالنسبة للعقارات التابعة لأملاك الدولة و كذلك الوالي بالنسبة لإذنه ببيع الممتلكات العقارية التابعة للأملاك الخاصة للدولة التي يتم إلغاء تخصيصها طبقا لنص المادة 10 من الرسوم التنفيذي رقم 91-454الذي يحدد شروط إدارة الأملاك الخاصة و العامة للدولة و تسييرها.

ثانيا- الضابط العمومي:

هو كل شخص حامل أختام الدولة و له صلاحيات إعداد مختلف المحررات حيث يكتسب الصفة الرسمية مثل المحاضر و الأوراق التي يعدها المحضر القضائي طبقا لنص المادة 04 من قانون06-03 المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي، و يلحق بهذه الفئة كذلك الموثق حسب نص المادة 03 من قانون 06 - 02 المتضمن مهنة التوثيق.

ثالثا- الأشخاص المكلفون بخدمة عامة:

وهم الأشخاص الذين يساهمون بشكل مباشر، أو غير مباشر، في تسير المرافق العمومية، ومثالهم الخبراء المعتمدون لدى الجهات القضائية، ويتم تعيينهم من طرف السلطة العمومية وفق إجراءات معينة، ويتلقون مستحقاتهم من الأطراف الذين يستفيدون من الخدمات المقدمة من قبل هؤلاء، أي هم الأشخاص الذين تكلفهم الدولة بالقيام بخدمة عامة ومثال المكلفون بخدمة عامة الخبراء المقبولون والذين تعينهم المحكمة، رؤساء المجالس الشعبية المنتخبون.

الفرع الثالث: شروط تسجيل العقارات

إن للتسجيل أهداف قانونية أهمها إعطاء تاريخ ثابت للتصرفات القانونية و من بينها التصرف الوارد على الحقوق العقارية من جهة و من جهة أخرى تحصيل رسوم التسجيل على هذه التصرفات، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف كان من الضروري التأكد من أن كل الوثائق الرسمية الخاضعة لتسجيل العقارات  تتضمن معلومات صحيحة توقع لنا حقيقة التصرفات والأطراف القائمين بها، وعليه سيتم التطرق في هذا الفرع إلى: الشروط المتعلقة بالأطراف، و بعدها الشروط المتعلقة بتعيين العقارات والثمن .

أولا- الشروط المتعلقة بتعيين الأطراف :

القانون جاء بمجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة فيما بين الأشخاص، و الأشخاص في القانون هم ركن من أركان الحق فتقرير الحقوق و فرض الواجبات المقابلة لها هي غاية القانون، و الشخصية القانونية تفرض للشخص الطبيعي أو المعنوي كطرف للحق وعليه يقصد بتعيين الأطراف التعيين الدقيق لأصحاب الحقوق و تختلف هذه العملية باختلاف أشخاص الحق ،ومهما يكن الأمر تعيين الأطراف شرط ضروري لقبول إجراء التسجيل و في  حالة الإخلال به يرفض هذا الإجراء و هذا ما أكدته المادة 138 من قانون التسجيل.

1-عناصر التعيين بالنسبة للأشخاص الطبيعيين:

حسب ما جاء في نص المادة 25 من القانون المدني:"تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا و تنتهي بموته على أن الجنين يتمتع بالحقوق المدنية بشرط أن يولد حيا" و عليه فالشخص الطبيعي هو كائن يكتسب الشخصية القانونية التي يحددها القانون منذ ولادته وتنتهي بوفاته ومن خصائصه :الاسم، الحالة، الأهلية، الذمة المالية والموطن ، و تطبيقا لنص المادة 138 من قانون التسجيل نستخلص أن الوثائق المقدمة للتسجيل يجب أن تشتمل على أسماء و ألقاب، و موطن وتاريخ، و مكان ولادة الأطراف، مع رقم بطاقة التعريف، و مكان تسليمه، أما بالنسبة للشهادات التي تعد بعد وفاة احد  الأطراف يجب الإشارة فيها إلى الحالة المدنية للمتوفى، ويقصد بها اسم ولقب وتاريخ ومكان و مقر سكناه و مكان و تاريخ وفاة المالك مع ذكر ورثته الشرعيين و تاريخ و مكان الازدياد و تاريخ زواجه ثم تحديد الأولاد الناجمين عن هدا الزواج و تاريخ و مكان، ازديادهم و مقر سكناهم علما أن عناصر التعيين تختلف باختلاف التصرفات القانونية باعتبار أن هذه  الأخيرة، إما أن يكون بإرادتين أو أكثر كالعقد الملزم لجانبين كما أنه يمكن أن تنشأ بموجب إرادة منفردة مثالها عقد الهبة و الوصية و كل ما يتعلق بالتبرعات و بالتالي يختلف أطراف الحق حسب طبيعة التصرف يستطيع أن يكون طرف واحد أو عدة أطراف.

2- عناصر التعيين بالنسبة للأشخاص المعنوية:

طبقا لنص المادة 50 من القانون المدني:"يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان، وذلك في الحدود التي يقررها القانون...." فالشخص المعنوي أو الاعتباري هو مجموعة من الأموال أو جماعة من الأشخاص يتحدون للقيام بنشاطات مشتركة أو أغراض مختلفة و يسمى الشخص المعنوي لأنه ليس كيانا ماديا و إنما له و جود معنوي فقط، و لقد اعترف له القانون بالقدرة على اكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات، و تختلف الشخصية المعنوية من عامة إلى خاصة تطبيقا لنص المادة 49 من القانون المدني الجزائري  فكل من الولاية و البلدية تعتبر جماعة إقليمية أساسية و تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تحدث بموجب قانون و هذا ما نصت عليه المادة 1 من قانون البلدية وكذا قانون الولاية.

و تنص المادة 132من قانون الولاية على أنه تتم عمليات اقتناء الولاية و مؤسساتها العمومية للأملاك العقارية و عقود امتلاكها وفق الشروط المحددة في القوانين و التنظيمات المعمول بها، و المادة 133 و 134 من نفس القانون تنص على الهبات و الوصايا ،و تنص المادة 6 فقرة 2من قانون البلدية على :" علما أن البلدية تقوم بإبرام عقود اقتناء الأملاك و عقود بيعها و قبول الهبات و الوصايا و الصفقات أو الإيجارات" ،من خلال هذه المواد نستخلص أن كلا من الولاية و البلدية يمكن أن تكون طرفا في التصرفات القانونية، وعليه فبالنسبة للجماعات المحلية لابد أن يذكر في عقد التصرف تسمية البلدية أو الولاية حتى يتم إجراء التسجيل و هذا بالنسبة للشخصية المعنوية العامة أما بالنسبة للشخصية المعنوية الخاصة منها الشركات سواء كانت تجارية أو مدنية وتنص المادة 218 من القانون المدني على أنه: "يجب أن يكون عقد الشركة مكتوب و إلا كان باطلا و كذلك يكون باطلا كل ما يدخل على العقد من تعديلات إذ لم يكن له نفس الشكل الذي يكتسبه ذلك العقد" ومنه نستنتج أن الشخصية المعنوية الخاصة تبرم التصرفات القانونية ،عن طريق شخص ينوب عنها و هو المدير، و يجب ذكر جميع البيانات الضرورية مثل اسمه و مركزه و عنوانه و مقرر تعيينه بهذه الصفة، و الجدير بالذكر أن قانون التسجيل لم يتضمن صراحة في مواده شروط تعيين بالنسبة للشخص المعنوي، لأنه لم يتضمن منذ صدوره أي تغيير إلا فيما يخص بعض التعديلات فهو لم يساير التطور الاقتصادي، و يعد ذلك تأكيد مفتش التسجيل أن كل المعلومات و شروط تعيين الأطراف مذكورة في المحررات يقوم بتسجيلها و أي تغيير يطرأ عليها سواء تعلق بالتصرفات التي تتم بين الأشخاص طبيعية أو معنوية لابد أن تكون موضوع عملية تسجيل ثابتة.

ثانيا - الشروط المتعلقة بتعيين العقارات:

المحل هو ركن من أركان العقد و العقارات هي من الأشياء التي يتعلق بها العقد باعتبار أنها محل التصرفات القانونية، و لقد عرف المشرع الجزائري العقار في المادة 683 من القانون المدني أنه:" كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه ولا يمكن نقله من دون تلف فهو عقار و كل عدا ذلك من شيء فهو منقول" و العقارات أنواع فهناك عقارات بطبيعتها و عقارات تبعا لموضوعها و العقارات بالتخصيص.

و لتعيين العقارات دور كبير لتسيير عملية التسجيل و على أساسها يمكن لمفتش التسجيل تحصيل حقوق التسجيل، لذلك لابد من وصف العقار وصفا دقيقا منافيا للجهالة من حيث موقعه، إذا كان في منطقة ريفية أو حضرية، بالإضافة إلى تحديد مساحتها الحقيقية و الطبيعية مثلا إذا كانت الشقة يذكر فيها عدد الغرف و ما تحتوي عليه كما يمكن أن يكون العقار محلا تجاريا أو أرضا، و قانون التسجيل لم ينص صراحة على كيفية تعيين العقارات في المحررات الخاضعة للتسجيل و لكن بالرجوع إلى القواعد العامة فمن المتعارف عليه أن تكون التصرفات المنصبة على العقارات في قالب رسمي من طرف الموثق تطبيقا لنص المادة 324 مكرر1  منه، حيث يذكر الموثق كل المعلومات الضرورية المتعلقة بالعقار الذي هو محل التصرف، وعليه فان المفتش يستند على ما ورد في هذه المحررات و العقود سواء تعلق الأمر بعقد بيع أو هبة أوصية إلى غير ذلك، بالإضافة إلى تعيين العقارات لابد من تحديد الثمن أي قيمة هذه العقارات حتى يمكن من خلاله اقتطاع نسبة الرسوم المفروضة على العقد، أن تحديد الرسوم تختلف من عقد لآخر كالبيع، الهبة، القسمة المبادلة، الإيجار، القرض، الشركة التجارية أو المدنية فأي تصرف قانوني منصب على عقار لابد من تحديد قيمته فمثلا بالنسبة لعقد البيع فالمادة 351 من القانون المدني تنص على: "أن البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا مالي آخر مقابل ثمن نقدي."

تنص المادة 47 من القانون المدني "يجوز أن تكون أجرة الإيجار إما نقود و إما تقديم عمل آخر" وعليه فالثمن يعتبر ضروري باعتبار أن على أساسه يتم اقتطاع حقوق التسجيل حيث نصت المادة 113 من قانون التسجيل على حالة إخفاء ثمن بيع العقارات أو تنازل عن محل تجاري أو زبائن و في معدل مقايضة أو قيمة حيث يكون بزاد بينهم بالتساوي و هذا ما يبين لنا أهمية تحديد الثمن.

المبحث الثاني: الهيئات الإدارية المكلفة بالتسجيل

تعد مفتشية التسجيل و الطابع المصلحة القائمة على عملية التسجيل سواء تعلق الأمر بتسجيل التصرفات المرتبطة بأموال عقارية أو منقولة ، والتي أراد أصحابها إعطاءها تاريخ ثابت لتسجيلها، وهذا كله بعد احترام القواعد و الشروط الواجب توفرها في الوثائق الخاضعة لعملية التسجيل، و الجدير بالذكر أن مفتش التسجيل لا يقوم بتسجيل العقود و المحررات إلا بعد القيام بتسجيلها أو تكييفها من أجل استنفاذ الحقوق اللازمة و إعادة التكييف لا يؤثر في صحة و تسمية العقد أو المحرر كما يقوم بمراقبة الوثائق المودعة لإجراء التسجيل و مدى مطابقتها للقانون، ومن خلال ما سبق تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين: يتم التطرق في المطلب الأول إلى مفتشية التسجيل و الطابع و في المطلب الثاني إلى تنظيم مفتشية التسجيل و الطابع و السلطة الوصية عليها.

المطلب الأول: مفتشية التسجيل و الطابع

نظرا للارتباط الوثيق بين التسجيل كإجراء و مفتشية التسجيل و الطابع كهيئة قائمة على عملية التسجيل كان لزاما أن يتم تعريف هذه الأخيرة و المراحل التي مرت بها في الفرع الأول و الطبيعة القانونية لمفتشية التسجيل و الطابع في الفرع الثاني.

الفرع الأول: مفهوم مفتشية التسجيل و الطابع

للوقوف على مفهوم مفتشية التسجيل والطابع سيتم التطرق في هذا الفرع إلى تعريفها ومراحل نشأتها.

أولا - تعريف مفتشية التسجيل والطابع:

مفتشية التسجيل و الطابع هي مصلحة عمومية تقوم بمهامها بموجب قانون التسجيل و كذلك الطابع، غير أن الموضوع الذي بصدد دراسته مرتبط بتسجيل العقارات وسيتم تسليط الضوء على مفتشيه التسجيل التي تقوم بمهامها بموجب قانون التسجيل حيث عمل المشرع الجزائري على تنظيمها فحدد صلاحياتها و اختصاصها الإقليمي و لمفتشية التسجيل مدلول لغوي و مدلول اصطلاحي:

1-المدلول اللغوي لمفتشيه التسجيل:

مفتشية التسجيل مكونة من لفظين:

- مفتشية inspection  بمعنى فتش ،تفقد، فحص، تفتيش،مفتشية.

- التسجيل Enregistrement بمعنى سجل، يسجل، تسجيلا، تدوينا في مدونة والقائم بعملية التسجيل هو مفتش التسجيل، مفتش، مراقب، ملاحظ.

2- المدلول الاصطلاحي:

مفتشية التسجيل هي مصلحة عمومية ذات طبيعة إدارية جبائية تابعة لوزارة المالية وظيفتها تسجيل جميع التصرفات التي أخضعها القانون لإجراء التسجيل أو التي أراد أصحابها إعطاءها تاريخا ثابتا، و القائم بعملية التسجيل هو مفتش التسجيل.

ثانيا- مراحل نشأة مفتشية التسجيل و الطابع:

لقد مرت مفتشية التسجيل والطابع بعدة مراحل إلى أن وصلت إلى ما هي عليه في الوقت الحالي:

1- مرحلة الاحتلال الفرنسي و بصدور قانون التسجيل الفرنسي عام 1800 المتضمن حقوق التسجيل لأجل تحصيل الضريبة المفروضة على المعاملات، حيث أنه في مرحلة الاحتلال الفرنسي للجزائر و التي امتدت من1830 إلى 1962، ظهرت للوجود قوانين فرنسية دخيلة على المجتمع الجزائري و في هذا الصدد صدر قانون 1834 والذي مفاده تمديد تطبيق القوانين الفرنسية إلى الجزائر ومن بينها قانون التسجيل، و بالضرورة كانت هناك هيئة أوكلت لها مهمة التسجيل تحت سلطة الإدارة الفرنسية، هذه الأخيرة قامت بتقسيم الأراضي إلى أراضي الملك للجزائريين و أراضي العرش تشغل من طرف الجزائريين فقط و ليس لهم عليها سوى حق الانتفاع و تخضع لرقابة الإدارة المختصة و النوع الثالث هو الأراضي المفرنسة.

2- مرحلة ما بعد الاستقلال : بمقتضى القانون رقم 157المؤرخ في 31ديسمبر 1962 مدد التشريع المعمول به قبل هذا التاريخ باستثناء القوانين التي تتعارض و السيادة الوطنية إلى غاية سن قوانين جزائرية و من بينها ما يتعلق بتنظيم التسجيل و كذا الهيئات القائمة عليه فكانت مصالح التسجيل و الطوابع تتلقى دفاتر تحتوي على كل العقود قصد التأشير عليها و قبض حقوق التسجيل، و بقيت على هذا الحال إلى غاية صدور مرسوم 71-259 المؤرخ في 19أكتوبر1971 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية لوزارة المالية، فكانت مفتشية التسجيل و الطابع تابعة للمديرية العامة للضرائب و هذه الأخيرة قسمت إلى ثلاث مديريات جهوية تابعة لكلا من الجزائر وهران، قسنطينة و كانت توجد في كل مديرية جهوية من هذه المديريات مديرية التسجيل و قضايا أملاك الدولة و كل هذه المديريات تحت وصاية وزارة المالية.

إلا أنه بعد صدور القرار الوزاري المشترك و المؤرخ  في 02 ديسمبر 1975 المتضمن تحديد شروط تنظيم و تسيير مديرية المصالح المالية التابعة للولاية جرى تعديل في مصالح التسجيل و الطابع، فأصبحت في شكل مديريات فرعية في كل من الجزائر وهران، قسنطينة، أما في باقي الولايات فكانت هناك أربعة مديريات فرعية هي المديرية الفرعية لأملاك الدولة و الشؤون العقارية و خزينة الولاية و المراقبة المالية و مصلحة التسجيل و الطابع كانت في شكل مكتب تابع إلى المديرية الفرعية للضرائب أما فيما يتعلق بمهمة التسجيل والطابع تجسدت فيما يلي:

- تسيير المحاسبة فيما يخص الطوابع الحجمية و الطوابع المحصلة .

- بيان الإحصائيات .

- مراقبة العمليات العقارية العمومية و الجماعات المحلية.

- تطبيق التشريع الجنائي الخاص بتسجيل العقود والتصريح بنقل الأموال من جراء الرغبات باستثناء العقود القضائية وغير القضائية التي لاتهم الملكية العقارية.

- مراقبة الممارسة فيما يخص تنفيذ بعض الالتزامات بالبينة للموثقين طبقا للأمر  06-02  المتعلق بتنظيم التوثيق و بصدور المرسوم 87-212 المؤرخ في29-09-1987 جاء بما يعرف بمفتشية التنسيق للمصالح الخارجية لوزارة الاقتصاد و يمثلها المفتش المنسق حيث هذا الأخير يمثل الوزارة على المستوى الولائي و يباشر مهامه بتفويض من الوالي وهذا حسب مانصت عليه المادة 02 من المرسوم 87-212 و يشرف على المصالح المحلية و الخارجية من بينها المفتش العميد للتسجيل و الطابع و تتجلى مهامه  فيما يلي:

- تنشيط أعمال مفتشيات التسجيل و الطابع و التنسيق بينهما.

- تنظيم و تنفيذ عمليات التسجيل.

- السهر على تطبيق القوانين الجاري بها و العمل في مواد التسجيل و الطابع.

-  تنظيم التزويد بالطابع و مسك المحاسبة الخاص به.

- القيام بمراقبة العمليات المتعلقة بالقيم المصرح بها.

أنهيت صلاحيات المفتش في سنة 1991 و تم إنشاء نظام المديريات الجهوية و الولائية و هذا بموجب المرسوم 91-60 المؤرخ في 23فيفري1991 المحدد لتنظيم المصالح الخارجية للإدارة الجبائية و صلاحياتها فالمادة 13 من المرسوم برمج نظاما جديدا لتكوين المفتشيات، قبل 1991 كانت المفتشيات مقسمة إلى مفتشيات متخصصة في كل أنواع الضرائب فكانت هناك مفتشية الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة و مفتشية الضرائب الغير مباشرة و الرسوم على رقم الأعمال، غير أنه عرفت مفتشيات الضرائب تغير بموجب المرسوم 91-60 و كذلك بموجب القرار المؤرخ في 09فيفري1994 الذي جاء بتنظيم المفتشيات المتعددة الاختصاصات هي إدماج مفتشيات الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة و الضرائب الغير مباشرة و الرسم على رقم الأعمال و مفتشية التسجيل و الطابع في طابع مفتشية موحدة، هذه الأخيرة أصبح على مستواها مصالح و كانت في هذه المرحلة مفتشية التسجيل و الطابع عبارة عن جزء تابع لمصلحة الجباية العقارية ضمن المفتشيات المتعددة الاختصاصات تحت إشراف رئيس مفتشية الضرائب، و بعد تلاشي مفتشية التسجيل و الطابع نتيجة تقليصها و دمجها ضمن مصلحة الجباية العقارية و نظرا للتعقيد في المعاملات خاصة فيما يتعلق بمواد التسجيل بخصائص غيرها عن باقي المواد الجبائية فان الإدارة المركزية لاحظت نقصا كبيرا في إجراءات الدولة و رأت أن إعادة الاعتبار لهذه المصالح ضرورة لا مفر منها فقررت إنشاء مصالح التسجيل، ضمن التنظيم الهيكلي الموجود حاليا و لهذا صدر القرار الوزاري المؤرخ في 14جويلية 1999 المتضمن إنشاء مفتشية التسجيل و الطابع و الشركات و البطاقية و تحديد اختصاصها الإقليمي ، فأصبحت هذه الأخيرة في كل المديريات الولائية للجزائر و باقي الولايات: وهران، قسنطينة، ما عدا ولاية سعيدة و تمنراست و اليزي و البيض و النعامة و تندوف.

 فإجراءات تسجيل العقود مهما كانت طبيعتها و كذا التصرفات الخاصة بالمواريث و العقود الأخرى المتعلقة بها و عمليات المراقبة و أعادة تنظيم القسم للممتلكات محل نقل تبقى مؤقتا من اختصاص مفتشية الضرائب المتعددة الصلاحيات المختصة إقليميا .

الفرع الثاني: الطبيعة القانونية لمفتشية التسجيل و الطابع

لقد نص المشرع الجزائري في القرار312 المتضمن إحداث مفتشيات والطابع والمواريث والبطاقية في مادته الأولى على:"تحدث مفتشية التسجيل و الطابع ضمن مديريات   الضرائب ..." و المشرع لم يبين الطبيعة القانونية لمفتشية التسجيل غير أنه يمكن تحديد طبيعتها القانونية باعتبار أنها محدثة على مستوى المديريات الولاية للضرائب عبر الولايات و هي خاضعة للتبعية الإدارية يشرف عليها مفتش التسجيل الذي يخضع بدوره إلى التسلسل الإداري ،فهو يخضع للقانون اللائحي و علاقته مع مفتشية التسجيل هي وضعية قانونية يحكمها المرسوم 93-334 المؤرخ في 27-01-1990 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالعمال التابعين للأملاك الخاصة بالإدارة المتعلقة بالمالية.

وعليه يمكن القول أن مفتشية التسجيل مصلحة عمومية مكلفة بعملية التسجيل و هي موضوعة تحت وصاية المديرية العامة للضرائب التابعة لوزارة المالية فهي خاضعة للتسلسل الإداري تقوم بمهامها تحت الرقابة المباشرة للمديرية الولائية للضرائب هذه الأخيرة بدورها تخضع بالتبعية إلى المديرية الجهوية الموجودة في نطاقها الإقليمي.

المطلب الثاني : تنظيم مفتشية التسجيل و الطابع و السلطة الوصية عليها

إن مفتشية التسجيل بصفتها الجهاز القائم على عملية التسجيل و على حسن تنظيمه استلزم بالضرورة مسايرتها للتغيرات ، إذ أنها لم تنشأ هكذا بمجرد الصدفة و لكنها انتهجت خطوات كانت السبب في إحداث الإصلاحات المنظمة لها طبقا للنظام الجديد و سوف يتم التطرق في هذا المطلب إلى تنظيم مفتشية التسجيل و الطابع في الفرع الأول صلاحيات مفتشية التسجيل و الطابع في الفرع الثاني، السلطة الوصية على عملية التسجيل في الفرع الثالث.

الفرع الأول: تنظيم مفتشية التسجيل و الطابع

تقوم مفتشية التسجيل و الطابع بمهمتها في التسجيل بموجب التعليمة رقم 433 الصادرة في 14-07-2001 التي تبين لنا كيفية تنظيم المكاتب و تسييرها ،لهذا كان من الضروري تبيان التنظيم الداخلي لمفتشية التسجيل و الطابع و دور مفتش التسجيل في عملية التسجيل و بعدها تظهر صلاحيات مفتشية التسجيل و الطابع .

أولا -التنظيم الداخلي لمفتشية التسجيل و الطابع :

يختلف التنظيم الداخلي لمفتشية التسجيل حسب المهام الموكلة إليها والتي تختلف كذلك حسب النطاق الإقليمي لها. وبصدور القرار رقم 312 المتضمن إحداث مفتشيات التسجيل والطابع والمواريث والبطاقية وتحديد اختصاصها الإقليمي أصبحت مهيكلة بالشكل التالي:

1-بالنسبة لولايات الجزائر ووهران و قسنطينة:

 هذه الولايات الثلاثة نظرا للكثافة السكانية بها فتحتوي على مفتشيتين، هناك مفتشية التسجيل والطابع التي تحتوي على مكتب التسجيل ومكتب الطابع أما المفتشية الثانية فهي مفتشية التركات والبطاقية وهذه الأخيرة مكونة من مكتبين: مكتب التركات ومكتب البطاقية، وتجدر الإشارة أنه في كل مفتشية  هناك رئيس مفتشية التسجيل والطابع وهناك رئيس مفتشية التركات والبطاقية الذي بدوره يشرف على مكتب التركات والبطاقية.

3-   بالنسبة للولايات الأخرى:

 تحتوي مفتشية التسجيل والطابع في باقي الولايات على مكتبين مكتب التسجيل والتركات والبطاقية ومكتب آخر هو مكتب الطابع، وهذه المكاتب بدورها يشرف عليها رئيس هو مفتش التسجيل، غير أنه استثناء ونظرا لظروف خاصة تتمثل في بعد المسافة بين مقر محرري العقود ومقر الولاية بالنسبة لبعض الولايات في الجنوب، فان مصلحة التسجيل بقيت على مستوى مفتشية الضرائب متعددة الاختصاصات أي تابعة للضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة والضرائب الغير مباشرة والرسوم على رقم الأعمال ضمن مفتشية الضرائب متعددة الاختصاصات.

ثانيا - المسؤول عن تسيير مفتشية التسجيل و الطابع:

إن عملية التسجيل يقوم بها موظف عمومي معين من طرف الدولة و ذلك من أجل سير هذه العملية على أحسن وجه فأوكلت لمفتش التسجيل هذه المهمة باعتباره المسؤول الأول على تسجيل التصرفات القانونية إلا أنه يشترط في ذلك أن تكون له الصفة القانونية التي تخول له القيام بهذه المهمة كما أنه يكون بإخلاله بعملية التسجيل أو عرقلتها.

1-    شروط تعيين مفتش التسجيل:

يعتبر منصب مفتش التسجيل من المناصب العليا طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 92-120 المؤرخ في 16-03-1992 المتعلق بتحديد قائمة المناصب العليا في الهياكل المحلية للإدارة الجبائية وتصنيفها و شروط التعيين فيها، وتنص المادة 07 من هذا المرسوم على: "يعين رؤساء مفتشيات الضرائب ورؤساء مفتشيات مخازن الطابع من بين مفتشي الضرائب الذين يثبتون خمسة سنوات أقدمية في الإدارة الجبائية، ومراقبي الضرائب الذين يثبتون ثماني سنوات من الأقدمية".

كذلك من بين الشروط الواجب توفرها أنه لابد من أداء اليمين حيث تسلم له بطاقة تفويض الوظيفة من طرف الوزير المكلف بالمالية و عليه استظهارها أثناء ممارسة الوظيفة و يؤدي اليمين أمام محكمة إقامته الإدارية قبل الشروع في العمل و يسجل كاتب الضبط ذلك في بطاقة تفويض الوظيفة ولا يجدد اليمين ما لم يتم انقطاع نهائي عن الوظيفة، ولا يطلب منه تجديد اليمين بعد توقف مؤقت بسبب عطلة طويلة الأمد أو الانتداب أو  الاستيداع .

2-   إجراءات تعيين مفتش التسجيل:

 بعد أن يتم اقتراحه من طرف المدير الولائي للضرائب، و موافقة المديرية الجهوية على هذا الاقتراح الذي يتم تقديمه من طرف المفتشية العامة للمصالح الجبائية لأجل التحقيق حول سيرة و كفاءة المترشح، و بعد موافقة هذه الأخيرة يتم إخطار المديرية الجهوية بالموافقة فتقوم هذه الأخيرة بإنجاز مقرر تكليف خاص بالمعني للقيام بها، في انتظار انجاز القرار من طرف المديرية الولائية التي تقدمه للمراقب المالي للتأكيد عليه و بعدها يقدم مشروع قرار التعيين إلى المدير الجهوي الذي يمضي عليه بتفويض رسمي من طرف وزير المالية.

3 - المهام الموكلة لمفتش التسجيل:

 لقد حدد المشرع المهام الموكلة لمفتش التسجيل في القسم13 من قانون التسجيل تحت قسم التزامات مفتشي التسجيل المحصورة في المواد180 إلى غاية 188من نفس القانون. وباعتباره المسؤول الأول على تسيير مفتشية التسجيل والطابع تتمثل مهامه في ما يلي :

- تسجيل العقود التي تم دفع رسومها حسب طبيعة كل محرر و هذا تطبيق لنص المادة 180فقرة 1من قانون التسجيل.

- مراجعة العقد من حيث الشكل ما إذا كانت المحررات والوثائق المقدمة للتسجيل مشتملة على جميع الشروط اللازمة وله الحق في الاحتفاظ بها لمدة 24 ساعة فقط تطبيقا لنص المادة 180فقرة 2 من قانون التسجيل.

- وضع تأشير التسجيل على العقد المسجل أو على التصريح بالتركة أو مستخرج العقد العرفي المحتفظ به في مكتب التسجيل ،ويبين فيه المفتش بالأحرف والتاريخ، وصفة السجل ورقم ومبلغ الرسوم المدفوعة.

- يراقب الكشوف التي تقدم له والتي يعدها الموثقون وكتاب الضبط وأعوان التنفيذ وكتابات الإدارات المركزية أو المحلية على إشعارات تقدمها الإدارة الجبائية وترسل هذه الوثائق في أجل أقصاه يومين.

- لا يستطيع أن يسلم مفتشو التسجيل مستخرجات من سجلاتهم إلا بأمر من رئيس المحكمة ويدفع لهم 50دج دون أن تتجاوز الأجر دج500

- لا يمكن لأي سلطة أن تمنح تخفيفا في الرسوم أو إيقاف التحصيل من دون إن تكون مسؤولة شخصيا عن ذلك.

ثالثا- مسؤولية مفتش التسجيل:

 إذا ألحق ضرر بشخص كان من تسبب فيه مسؤولا، والمسؤولية تهدف إلى جبر الضرر، على أن المسؤول قد يكون بينه وبين المضرور عقد فنكون بصدد مسؤولية عقدية وقد لا يكون هناك عقد فنكون بصدد مسؤولية تقصيرية ،فالمسؤولية العقدية تنشا عند الإخلال بالالتزام العقدي، أي التزام ناشئ عن عقد، أما المسؤولية التقصيرية فتنشأ عن الإخلال بالالتزام القانوني، هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير و ارتكاب العمل غير المشروع ،هذا الأخير حتى يتحقق لابد من توفر ركن الخطأ، الضرر، و العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر، ويترتب على كل موظف في مديرية الضرائب المسؤولية المدنية و المسؤولية الجزائية و التأديبية و الإدارية.

1-    المسؤولية المدنية :

 تقوم المسؤولية المدنية  لمفتش التسجيل على أساس المسؤولية الشخصية والأساس القانوني لهذه المسؤولية ، تنص المادة 124 من القانون المدني على أن: "كل عمل أي كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سبب في حدوثه بالتعويض"، فمسؤولية مفتش التسجيل في هذه الحالة ناتجة عن عمل غير مشروع ، بسبب الإخلال بالتزام قانوني يتمثل في عدم بذل عناية الرجل العادي  فعندما يرتكب مفتش التسجيل خطأ لسبب له علاقة بالحصيلة فمسؤوليته تكون شخصية اتجاه الضحية لأنه ليس بالفعل الذي تسبب فيه إحداث الضرر أي علاقة بالحصيلة التي يعمل بها و بالتالي لا يترتب أية مسؤولية بالنسبة للإدارة و تقوم المسؤولية الشخصية في هذه  الحالة على ثلاثة أركان وهي :ركن الخطأ، ركن الضرر، ركن العلاقة السببية.

الخطأ: تثبت مسؤولية مفتش التسجيل، إلا بثبوت الخطأ، تماشيا مع القواعد العامة.

الضرر: يتم إثبات الضرر بكافة طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية، والضرر يقصد به المكروه الذي يلحق الشخص، بسبب الخطاء الصادر من طرف مفتش التسجيل في حق من حقوق شخص ما وغالب يكون هذا الشخص المكلف بأداء الضريبة.

العلاقة السببية : لا تقوم المسؤولية الشخصية لمفتش التسجيل ، إلا بتوافر علاقة سببية بين الخطأ والضرر  الذي تسبب به مفتش التسجيل بحيث يكون الضرر ناتج عن الخطاء المرتكب من طرفه، وأي خطأ أجنبي لايد لمفتش التسجيل فيه لا تقوم هذه المسؤولية.

2- المسؤولية الإدارية:

فأساس هذه المسؤولية ليس خطأ شخصيا من طرف مفتش التسجيل و إنما خطأ الغير حيث يفترض خطأ التابع الذي يوجب مسؤولية المتبوع، و أساس هذه المسؤولية هي فكرة الضمان القانوني بمعنى أن القانون هو الذي أقام المسؤولية على المتبوع ولكن شريطة وجود علاقة التبعية وكذلك خطأ التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببه ،حيث لا يستطيع المتبوع نفي مسؤوليته وهذا تطبيقا لنص المادة 129من القانون المدني بحيث تنص على  أنه:" لا يكون الموظفون و العمال العاملون مسؤولين شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيس متى كانت إطاعة هذه الأوامر واجبة عليهم "،و لهذا يشترط أن يكون الخطأ صادر من موظف عام في هذه الحالة هو مفتش التسجيل و أن يكون هذا الموظف قد قام بالفعل تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس و لو كان هذا الرئيس غير مباشر و تكون طاعته واجبة.

إذا تبين أن خطأ الموظف غير مثبت الصيلة بالهيئة الإدارية التي يعمل بها و مسؤولية هذه الأخيرة تعني أن ذمتها مثقلة بدين مالي تلزم بسداده إلى المتضرر و الضحية على أساس التعويض، لأن مفتش التسجيل ارتكب خطأ مصلحيا إداريا تتحمله الدولة وإذا تبين للإدارة أن الموظف كان يعمل للصالح العام مدفوعا بعوامل شخصية و أن خطاه جسيما إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات فالموظف يكون هنا مسؤولا شخصيا وللإدارة  الرجوع على الموظف بكل ما قامت به ،وإذا تبين أن الأخطاء متعددة تسببت بها الإدارة و في نفس الوقت مفتش التسجيل لا يجوز على الإدارة الرجوع عن الموظف إلا بمقابل نصيبه من الخطأ الشخصي.

2-    المسؤولية الجزائية:

 تقرر المسؤولية الجزائية لمفتش التسجيل بمناسبة ارتكاب جناية أو جنحة يعاقب عليها قانون العقوبات  ومن أمثلة ذلك :

- التعسف في استعمال السلطة ضد الشيء العمومي: يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل موظف أوقف كل أمر صدر عن السلطة الشرعية أو يأمر بتدخلها أو يطلب تدخل القوة العمومية ضد تنفيذ أو تحصيل الضرائب المقدرة قانونيا ، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات.وهذا مانصت عليه المادة 138 من قانون العقوبات، أما في حالة استعمال الموظف العمومي لسلطاته الوظيفية من أجل وقف تنفيذ حكم قضائي ، أوإمتناع ، أو اعتراض ، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 5.000 إلى 50.000 دينار جزائري.

- الرشوة و استغلال النفوذ : يمنع على كل مفتشي التسجيل طلب أو قبول بصفة مباشرة أو غير مباشرة العطايا أو الوعود أو الهبات.يعاقب على هذا العمل بالسجن بمدة سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة يتراوح مبلغها بين 500 الى5.000دج .وهذا حسب نص المادة 128 من قانون العقوبات.

- الاختلاس و سرقة الأموال : تختلف العقوبة حسب قيمة الأشياء المختلسة أو المسروقة بالحبس على الأقل سنة و كأقصى حد عقوبة السجن المؤبد أو حتى الإعدام.وهذا مانصت عليه المادة 119 من قانون العقوبات الملغاة بالمادة 29 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

د- المسؤولية التأديبية: يعتبر الموظف الذي يقوم بخطأ مهني مسؤولا من الناحية التأديبية ويتعرض للعقوبات المقررة في هذا الشأن تختلف العقوبة حسب درجة الخطأ المرتكب من طرف مفتش التسجيل أن يتبع اجرائين للطعن، هما الطعن الإداري و الطعن القضائي.

الفرع الثاني: صلاحيات مفتشي التسجيل والطابع

تختلف صلاحيات مفتشية التسجيل والطابع باختلاف النطاق الإقليمي المتواجد به. فقد سبق القول بان التنظيم الهيكلي لمفتشية التسجيل والطابع في ولايات الجزائر ووهران وقسنطينة يختلف عن باقي الولايات، نفس الشيء بالنسبة للمكاتب و ما يهمنا هو مكتب التسجيل كونه القائم على عملية التسجيل و مهامه تتمثل في:

- تحليل العقود والاتفاقيات المبرمة والمقدمة إلى إجراء التسجيل.

- تحديد الوعاء الجبائي وتصفية حقوق  التسجيل .

- وضع عبارة التسجيل على أصول العقود:الاتفاقيات و ذلك بعد إتمام دفع الحقوق بالنسبة للعقود الخاضعة لحقوق التسجيل النسبية والثابتة.

- حفظ أصول الملحقات والجداول المتضمنة للعقود المتبقة طبقا للتسلسل الرقمي و التاريخي بشكل يسمح بتكوين رزمة من أجل إرسالها إما إلى مفتشية الشركات أوإلى مكتب البطاقية في نفس المفتشية.

- مسك دفتر المراقبة الخاص بالاجارات القابلة للتجديد والبيوع المبرمة تحت شرط واقف ،و كذلك عقود الاكتسابات المستفيدة من إجراءات المادة 259من قانون التسجيل(العقارات المبنية المخصصة للهدم أو الغير متممة).

- إرسال نسخ ملخصات العقود المسجلة إلى نيابة الرقابة الجبائية عند نهاية كل شهر لأجل استغلالها.

- دراسة المنازعات المتعلقة بالتسجيل.

الفرع الثالث: السلطة الوصية على مفتشية التسجيل والطابع

تخضع مفتشية التسجيل والطابع إلى وصاية المديرية العامة للضرائب التابعة لوزارة المالية ، حيث بعد أن أعيد لها الاعتبار بناء على القرار الوزاري  المؤرخ في 14-07-1999 المتضمن إحداث مفتشيات التسجيل والطابع و المواريث والبطاقة وتحديد اختصاصها الإقليمي ، فهي تابعة للمديرية الولائية على خمس نيابات مديريات وهي:

- نيابة مديرية الوسائل.

- نيابة مديرية التحصيل.

- نيابة مديرية الرقابة الجبائية.

- نيابة مديرية المنازعات.

- نيابة مديرية العمليات الجبائية .

هذه الأخيرة بدورها تحتوي على أربع مكاتب من بينها مكتب التسجيل والطابع الذي يقوم بمراقبة أعمال مفتشية التسجيل والطابع حيث بتقويم أعمال المفتشين وتقديم الاقتراحات التي من شأنها تحسين مهامها ويقوم كذلك بشهر على مسك بطاقية الأملاك العقارية وأحزمة ملخصات العقوبة و جداول الوفيات و متابعة التصريح بالوفيات على المجالس الشعبية البلدية.

بالإضافة إلى ذلك يضطلع هذا المكتب بمجموعة من المهام الأخرى نذكر منها:

- تلقي نسخة من ملخصات العقود الناقلة للملكية بعوض أو بدون عوض والخاصة بالعقارات والمنقولات والمحلات التجارية والتي تم تسجيلها قصد دراستها ،والتحقق من تصفية الرسوم وإحالتها على مفتشية التسجيل التي يدخل ضمن اختصاصها موقع العقار أو المنقول للمحل التجاري.

- يقوم كذلك بتحديد العقود الناقلة للملكية بعوض أو بدون عوض و الخاصة بالعقارات و المنقولات والمحلات التجارية ،لإعادة تقويم الثمن المصرح به من قبل أطراف العقد.

- إعداد رزنامة تدخل أعوان إعادة تقويم التابعين لمفتشية التسجيل فيما يخص الأملاك القابلة لإعادة التقويم.

- تلقي تقارير إعادة التقويم الخاصة و المنقولات و المحلات التجارية المنجزة من طرف أعوان إعادة التقويم و الموقع عليها من طرف رئيس مفتشية التسجيل والطابع بغية تقديمها للمصادقة عليها من طرف المدير الولائي للضرائب .

- اقتراح  كل التدابير التي من شانها أن تساهم في تحسين الإجراءات الخاصة بالتسجيل و المديرية الولائية للضرائب تخضع بدورها إلى النظام التدريجي حيث تخضع إلى المديرية الجهوية للضرائب المتواجدة في نطاقها الإقليمي، فتوجد تسع مديريات جهوية على المستوى الوطني وهذا تطبيق لنص المادة167فقرة 1 من القرار484 المؤرخ في12-07-1998المتضمن تحديد النطاق الإقليمي و تنظيم اختصاصات المديرية الجهوية و المديريات الولائية للضرائب ،حيث تنص على ما يلي "يحكم العلاقات التي تربط المديرية الجهوية للضرائب بالمديرية الولائية المتواجدة ضمن نطاقها الإقليمي الطابع التدريجي ".

فالمديريات الولائية للضرائب تلتزم بإرسال كل الجداول الإحصائية الدورية المنصوص عليها في التنظيم الساري المفعول و كل المحاضر والتقارير المتعلقة بسير المصالح أو تطبيق التشريع أو التنظيم الجبائيين إلى المديرية الجهوية للضرائب التي تخضع لها ،كما تلتزم المديريات الولائية للضرائب بالرد على كل طلبات الاستفسار الصادرة عن المديرية الجهوية و بصفة عامة تضع تحت تصرفها كل المعلومات التي تسمح لها بممارسة اختصاصها ،والمديرية الجهوية تخضع أيضا إلى المديرية العامة للضرائب، تحتوي على نيابات مديريات مثل المديرية الولائية تقوم عن طريق نيابة المديريات الجبائية بالاشتراك في تحديد أهداف الوعاء و التحصيل حسب المعايير التي تحددها المديرية العامة للضرائب  وتعد تقارير دورية تتعلق بمراقبة الأنشطة وتثبيت المعلومات وضمان إرسالها إلى المديرية العامة للضرائب.

وعليها يمكن القول إن مفتشية التسجيل والطابع خاضعة لنظام التدرج السلمي وتخضع لسلطة المديرية العامة للضرائب .                 

المصلحة القائمة بعملية التسجيل في الجزائر هي مفتشية التسجيل والطابع فهي المخولة قانونا لتسجيل جميع التصرفات العقارية ، مقابل اقتطاع رسوم ، غير أنه هناك تصرفات أعفاها المشرع من رسوم التسجيل ، ويقوم بهذه العملية مفتش التسجيل وذلك بمساعدة بعض الأعوان ولقد اشترط القانون مجموعة من الشروط الواجب توفرها في الهيكل البشري القائم والمكلف بعملية التسجيل ، حيث أوجب أن يستوفي الصفة للقيام بالمهام الموكلة إليه ، ولا يقوم مفتش التسجيل بإجراءات التسجيل إلا بعد مراقبة الوثائق والمحررات المودعة لديه ومدى مطابقتها للقانون ، وكما تم التطرق إليه فإن التصرفات العقارية يجب أن تتم في قالب رسمي من طرف الأشخاص المؤهلين قانونا، وهذا ما يرتب التزامات تقع على عاتق المكلف بالتسجيل والأطراف المستفيدة من عملية التسجيل وفي حالة الإخلال بهذه الالتزامات يترتب في حق هؤلاء جزاءات وعقوبات مختلفة حيث يمكن أن يثور نزاع بين المكلف بأداء الضريبة ومفتشية التسجيل وهو ما يعرف بالمنازعات الضريبية في التسجيل .

وعلى هذا تم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين يتم التطرق إلى الإجراءات القانونية المتبعة في عملية تسجيل العقارات في المبحث الأول، وفي المبحث الثاني سيتم فيه تناول جزاءات الإخلال بتسجيل العقارات والمنازعات المتعلقة بها.

المبحث الأول :الإجراءات القانونية المتبعة في عملية تسجيل العقارات

مفتشية التسجيل والطابع هي المصلحة المكلفة بعملية التسجيل وتتم هذه العملية عن طريق مفتش التسجيل باعتبار أنه المسؤول عن تسيير هذه المصلحة، والذي يشترط أن تثبت له هذه الصفة وأن تتحقق فيه كل الشروط القانونية للممارسة مهامه ويقوم بهذه المهام بمساعدة بعض الأعوان، فهو لا يقوم بتسجيل العقود والمحررات إلا بعد القيام بتحليلها وتكييفها من أجل استيفاء الحقوق اللازمة، ويقوم  بمراجعة الوثائق من حيث الشكل إذا كانت تستوفي جميع الشروط اللازمة ومدى مطابقتها للقانون، وعلى هذا الأساس تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، تم التطرق في المطلب الأول  إلى الوثائق المودعة في مفتشية التسجيل والطابع، أما المطلب الثاني فسيتم فيه تناول  تنفيذ إجراءات تسجيل العقارات.

المطلب الأول : الوثائق المودعة بمفتشية التسجيل والطابع

طبقا لنص المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني التي نصت على الرسمية في العقود والمحررات التي تتضمن نقل ملكية عقارية اوحقوق عقارية أو محلات تجارية أو عقود إيجار و إلا كان العقد باطلا، زيادة على الرسمية يلتزم محررو هذه العقود الخاضعة لعملية التسجيل بالقيام بإيداعها بمصلحة التسجيل والطابع وذلك وفق المواعيد المحددة بموجب الأمر رقم 76-105 المتضمن قانون التسجيل وذلك حتى تكتسي هذه المحررات تاريخا ثابتا.

وسيتم تطرق في هذا المطلب إلى البيانات اللازمة في الوثائق المودعة في الفرع الأول ، والآجال القانونية لإيداع الوثائق في الفرع الثاني، و المكاتب المؤهلة قانونا لعملية التسجيل في الفرع الثالث.

الفرع الأول: البيانات اللازمة في الوثائق المودعة

إن عملية إيداع الوثائق لابد أن تتم من طرف الأشخاص المؤهلين قانونا، لتحرير هذه العقود والوثائق الرسمية، وهم الموثقون، وكتاب الضبط، أعوان التنفيذ، وكتاب الإدارات المركزية والمحلية إذ يقع على هؤلاء كل في حدود سلطاته، ويجب أن تحتوي هذه الوثائق على المعلومات اللازمة حتى يسهل على مفتش التسجيل تنفيذ إجراء التسجيل، وفي حالة مخالفة هذه الشروط يتم رفض هذا الإجراء . وتتمثل هذه الوثائق المودعة بمصلحة التسجيل والبيانات اللازمة لإعدادها فيما يلي:

أولا- الكشوف الإجمالية:

يعتبر إيداع الكشوف الإجمالية لدى مفتشية التسجيل والطابع إجراء ضروري بحيث يقوم الأشخاص المكلفون بتحرير العقود والوثائق بإيداعها، وقد تم النص على الكشوف الإجمالية في نص المادة 153 من الأمر 76-105 المتضمن قانون التسجيل ويقوم بإعدادها الموثقون وكتاب الإدارات المركزية أو المحلية على استمارات تسلمها إدارة الضرائب مجانا، ويذكر فيها المعلومات التالية :

-      تاريخ ورقم العقود والأحكام الموجودة في الفهرس

-      ألقاب وأسماء الأطراف ومسكنهم.

-      المبالغ أو القيم الخاضعة للرسوم.

-      مبلغ الرسوم الثابتة أو الرسوم النسبية المستحقة والمتضمنة قرارا بمبلغ الرسوم المدفوعة موقعا بصفة قانونية.

وتتنوع الكشوف الإجمالية بين تلك المعدة من طرف كتاب الضبط وأعوان التنفيذ التابعين للمحكمة أو المجلس القضائي أو المحكمة العليا، وكذلك تلك التي يعدها الموثقون ، وعادة تعد الكشوف الإجمالية في صورتين حيث تودع واحدة لدى مكتب التسجيل المختص وفقا للآجال القانونية المحددة بموجب قانون التسجيل، أما الثانية فترجع إلى القائم بالإيداع.

ثانيا- النسخ الأصلية:

حسب نص المادة 9 الفقرة 1 من الأمر 76-105 المتضمن قانون التسجيل والتي تنص على ما يلي : " تسجل العقود المدنية والعقود غير القضائية على النسخ الأصلية أو البراءات أو الأصول، وتخضع أيضا إلى التسجيل على النسخ الأصلية أو الأصول العقود القضائية في القضايا المدنية والأحكام الجنائية والجنحية والمخالفات "

وتختلف المعلومات الموجودة في النسخ الأصلية باختلاف طبيعة التصرف المراد تسجيله، إذ أنه في العقود الرسمية المحررة من طرف الموثق، لابد أن تحتوي على طبيعة وحالات ومضمون وحدود العقارات وأسماء المالكين السابقين، وعند الإمكان صفة وتاريخ التحويلات المتتالية، وعليه بعد إيداع النسخ الأصلية لدى مفتش التسجيل يقوم هذا الأخير بتحليلها وتكييفها من اجل اقتطاع رسوم التسجيل .

ثالثا- الملخصات:

إضافة إلى النسخ الأصلية والكشوف الإجمالية يلتزم محررو العقود والوثائق بإيداع ملخصات العقود أو الأحكام وهذا مانصت عليه المادة 9 الفقرة 3 من الأمر 76-105 المتضمن قانون التسجيل والتي تنص على أنه :"تقدم هذه الجداول والمستخرجات إلى مصلحة التسجيل في نفس الوقت الذي تقدم فيه النسخ الأصلية أو البراءات" وهي عبارة عن ملخص تحليلي تسلمها الإدارة مجانا، حيث تلخص فيه الأحكام الرئيسية للعقد أو الحكم وتحرر في نسختين عندما يتضمن العقد أو الحكم إما نقل أو إنشاء ملكية عقارية أو محل تجاري أو عناصر محل تجاري  وإما بيع أسهم أو حصص في  شركة وإما نقل ملكية حق التمتع بهذه الأموال نفسها، وهذا تطبيقا لنص المادة 153 الفقرة 2 من الأمر76- 105 المتضمن قانون التسجيل.

الفرع الثاني: الآجال القانونية لإيداع الوثائق

       يجب إيداع الوثائق بمكاتب التسجيل التي تفتح للجمهور حسب الساعة التي تحددها الإدارة وهذا حسب نص المادة 73 من قانون التسجيل والتي تنص على :" تفتح مكاتب التسجيل للجمهور، حسب الساعة التي تحددها الإدارة كل يوم ما عدا : أيام الجمعة وبعد الظهر من كل يوم الخميس، أيام الأعياد المحددة بموجب القانون عند الاقتضاء ، بعد ظهر اليوم الذي تحدده الإدارة من أجل القفل الشهري للمحررات الحسابية، وتعلق أيام وساعة الافتتاح والغلق على باب كل مصلحة " وفي الآجال القانونية وتختلف هذه الآجال حسب نوع العقود، وكذا حسب ما إذا كانت هذه العقود خاضعة لرسم نسبي أو رسم ثابت، وطبقا لنص المادة 02 من قانون التسجيل تكون الرسوم ثابتة أو نسبية.

أولا- التصرفات الخاضعة لرسم ثابت:

تستوفى حقوق التسجيل إما بناءا على رسم ثابت أو نسبي، والحقوق الثابتة هي تلك الحقوق التي لاتتغير بالنسبة لجميع العمليات من نفس النوع، وطبقا لنص المادة 3من قانون التسجيل التي تنص على : " يطبق الرسم الثابت على العقود التي لا تثبت نقل الملكية أو حق الانتفاع أو التمتع لمدى الحياة أو لمدة غير محددة لأموال منقولة أو عقارية ولا لحصة في شركة ولا قسمة أموال منقولة أو عقارية ولا لحصة شركة أو قسمة أموال..."

يطبق الرسم الثابت على العقود التي لم تحدد تعريفاتها بأي مادة من قانون التسجيل والتي لا يمكن أن يترتب عنها رسم نسبي، وهذا تطبيقا لنص المادة 208 من قانون التسجيل ، ومن بين التصرفات المنصبة على عقار وليست لها تعريف في قانون التسجيل الرهون الرسمية، حق التخصيص، عقد الشهرة، شهادة الملكية وكذلك شهادة الحيازة وتسجل هذه العقود خلال الشهر الذي يلي شهر إعدادها، ويتم تحصيل الرسوم عن طريق وضع طوابع من قبل محرر الكتابة ، ويجب أن تكون هذه الطوابع مساوية لمبلغ الرسوم الثابتة، وهذا حسب نص المادة 59 و60 من قانون التسجيل.

ثانيا- التصرفات الخاضعة لرسم نسبي:

 إن التصرفات الخاضعة لرسم نسبي هي تلك التصرفات التي تنقل الملكية أو حق الانتفاع أو التمتع بالأموال المنقولة أو العقارية، سواء بين الأحياء أو  عن طريق الوفاة والعقود المثبتة إما لحصة في شركة أو قسمة أموال منقولة أو عقارية، والرسم النسبي يمثل نسبة مئوية ثابتة تطبق على جميع عمليات نقل الملكية المحددة بموجب نص المادة 04 من قانون التسجيل، وهذه التصرفات تسجل في الآجال التالية:  

- تسجل عقود الموثقين في أجل شهر من تاريخ تحريرها، وهذا طبقا لنص المادة 58 من قانون التسجيل.

- تسجل الوصايا المودعة لدى الموثقين أو التي يستلمونها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وفاة الموصى بناء على طلب الورثة الموصى لهم أو منفذي الوصايا وهذا حسب نص المادة 64 من قانون التسجيل الملغاة بموجب المادة 15 من قانون المالية 2004 ومنه أصبحت الوصايا تسجل في أجل شهر من وفاة الموصين .

- تسجيل التصريحات التي يجب على الورثة أو الموصى لهم تقديمها عن الأموال المستحقة لهم أو التي انتقلت عن طريق الوفاة في أجل سنة واحدة من يوم الوفاة، وهذا تطبيقا لنص المادة 65 من قانون التسجيل.

- بالنسبة للأموال الموصى بها للولايات والمؤسسات العمومية أو ذات النفع العام يسري الأجل من يوم قبول السلطة المختصة الوصايا مع عدم تأجيلها إلى سنتين من يوم الوفاة وهذا حسب نص المادة 69 من قانون التسجيل.

الفرع الثالث: المصالح المختصة بعملية التسجيل

       يلتزم القائمون بعملية الإيداع، القيام بهذه العملية وفق الآجال القانونية إضافة إلى ذلك لابد من التأكد أن هذا الإجراء قد تم بمكتب التسجيل المختص إقليميا، حيث حدد قانون التسجيل بموجب مواده مكاتب مؤهلة قانونا للتسجيل، ويختلف اختصاصها باختلاف طبيعة التصرفات فيما إذا تمت داخل الوطن أو خارجه، وكذا باختلاف الأشخاص القائمين بعملية الإيداع.

أولا - بالنسبة للتصرفات المبرمة داخل الوطن:

حسب ما جاء في قانون التسجيل من المادة 75 و المادة 80 التي حددت تسجيل التصرفات داخل الوطن وهي كالتالي:

- يسجل الموثقين عقودهم في مكتب التسجيل التابع للدائرة أو عند الاقتضاء في مكتب الولاية الذي يوجد بها مكتبهم.

- يسجل أعوان التنفيذ التابعون لكتابات الضبط عقودهم إما في المصلحة التابعة لمحل إقامتهم وإما في المصلحة التابعة للمكان الذي تم فيه إعداد هذه العقود.

- يسجل كتاب الضبط والإدارات المركزية والمحلية العقود التي يجب عليهم إخضاعها لهذا الإجراء في مكتب التسجيل التابع للدائرة وعند الاقتضاء في مكتب الموجود في نطاق الولاية التي يمارس بها مهامهم.

- يسجل نقل الملكية عن طريق الوفاة في المكتب الذي يتبع له محل سكنى المتوفى مهما كانت حالة القيم المنقولة أو العقارية التي يجب التصريح بها، عند عدم وجود محل السكنى في الجزائر، فإن التصريح يتم في المكتب الذي يتبع له مكان الوفاة وإذا لم تكن الوفاة وقعت في الجزائر، يتم التصريح في المكاتب التي تعينها إدارة الضرائب.

ثانيا- التصرفات المبرمة خارج الوطن:

يتم تسجيل العقود المبرمة في الخارج في جميع مصالح التسجيل دون تمييز وهذا تطبيقا لنص المادة 78 من قانون التسجيل، فبالنسبة للوصايا التي تمت في الخارج لايمكن تنفيذها على الأموال الموجودة في الجزائر إلا بعد تسجيلها في المصلحة التي يتبع لها محل سكنى الموصى وإلا في مكتب محل سكناه الأخير المعروف في الجزائر وفي حالة ما كانت الوصية تشتمل تدابير خاصة بعقارات موجودة في الجزائر، فيجب  فضلا عن ذلك، أن تسجل في المكتب الذي يتبع له موقع هذه العقارات من دون أن يرتب عن ذلك إزدواج في الرسوم.

تسجل نقل الملكية عن طريق الوفاة في المكتب التابع له محل سكنى المتوفى، مهما كانت حالة القيم العقارية التي يجب التصريح بها، وعند عدم وجود سكنى في الجزائر فإن التصريح يتم في المكتب التابع له مكان الوفاة وإذا لم تكن وقعت في الجزائر، يتم التصريح في المكاتب التي تعينها إدارة الضرائب.

المطلب الثاني : تنفيذ إجراءات التسجيل

لقد أخضع المشرع الجزائري التصرفات الواردة على العقار للتسجيل وجوبا سواء كانت الملكية العقارية والحقوق العينية الأخرى بين الأشخاص بعوض كالبيع والهبة بعوض والمقايضة أو من غير عوض كالهبة دون عوض والوصية والميراث، ومفتش التسجيل ملزم بإجراء تسجيل العقود والوثائق التي تم دفع رسوم تسجيلها، بعد عملية إيداعها مباشرة  دون تأجيل أو مماطلة، وله أن يحتفظ بالعقد طيلة أربع وعشرين ساعة فقط لمراجعته من حيث الشكل، إلا أن هذه المدة الزمنية التي أوجبها المشرع لمفتش التسجيل للاحتفاظ بالعقد هي مدة غير كافية له للقيام بمراقبة جميع الكشوف نظرا للكم الهائل والكبير للعقود المودعة لتسجيل، كما أن لمفتش التسجيل الحق في رفض الإيداع وعدم إجراء التسجيل في حالة عدم احترام شروطه وإجراءاته، وسيتم التطرق في هذا المطلب إلى نقل الملكية العقارية بعوض في الفرع الأول، ونقل الملكية العقارية دون عوض في الفرع الثاني.

الفرع الأول: نقل الملكية العقارية بعوض

تنص المادة 58 من القانون المدني الجزائري على: " العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين بإعطاء، أو فعل شيء ما" ومنها فإن عملية نقل الملكية العقارية بعوض من بين التصرفات الملزمة لجانبين، فبمقابل الالتزام بنقل الملكية العقارية يقع على عاتق الطرف الأخر التزام إما بإعطاء أو فعل شيء ما، وينبغي التميز في العقود الناقلة لحق الملكية العقارية بعوض، بين تلك العقود الناقلة للملكية بشكل كلي، والعقود الناقلة لجزء من الملكية .

 

أولا- نقل كل الملكية العقارية:

تنتقل كل الملكية العقارية من شخص لآخر وينتقل بموجبها حق الاستعمال والاستغلال والتصرف، وهذه الحقوق مرتبطة بحق الملكية، ويتم ذلك عن طريق عقد البيع أو المقايضة.

1 - عقد البيع :

تعرف المادة 351 من القانون المدني الجزائري بأنه :"عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"،ومنه فهو عقد ملزم لجانبين أي أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة طرفيه، فالبائع  يلتزم بأن ينقل ملكية الشيء أو حق مالي آخر، والمشتري يلتزم بدفع الثمن، وبما أن موضوع الدراسة هو تسجيل العقود والتصرفات المنصبة على العقارات ما يهمنا هو عقد البيع العقاري.

 عقد البيع العقاري يتميز بالشكلية، فإذا كان عقد البيع بصفة عامة هو عقد رضائي أي ينعقد بمجرد توافق إرادتي البائع والمشتري، ولم يشترط فيه شكل معين إلا أن المشرع الجزائري أشترط الشكلية في التصرفات الواردة على البيع العقاري وهذا حسب نص المادة 324مكرر1 والمادة 793 من القانون المدني.

تتم عملية تسجيل البيع العقاري من طرف مفتش التسجيل باعتباره المسؤول والمكلف بهذه العملية، حيث يقوم  بتفحص معلومات العقد والوثائق المرفقة به، ويقوم بتحليل العقد أو الحكم الذي يؤكد نقل الملكية من أجل استيفاء حقوق التسجيل وهذه الأخيرة تستحق على بيع العقار فور تحقق العملية، و حقوق التسجيل تقع على عاتق  البائع وأخرى يتحملها المشتري والتي تكون على الثمن المصرح به في العقد، وبناء على هذا الثمن المصرح به يقوم مفتش التسجيل باحتساب الحقوق المستحقة كرسوم تسجيل لعقد البيع العقاري وهذا حسب نص المادة 252 من قانون التسجيل حيث تخضع عقود البيع وجميع العقود الإدارية والمدنية والقضائية التي تنقل الملكية أو حق الانتفاع بأملاك عقارية بمقابل مالي إلى رسم نسبي قدره 5%.

  إلا أن هناك بعض الإعفاءات من رسوم التسجيل بالنسبة للبيوع العقارية وهذا حسب نصت عليه المادة271 و 272 من قانون التسجيل وتتمثل في الآتي:

- تعفى الدولة من جميع حقوق التسجيل فيما يخص العقود المتعلقة بشراء العقارات مهما كان نوعها.

- تعفى من الرسوم العقارات التي تم اقتنائها من طرف الشركات التعاونية والجمعيات الثقافية التي تهدف إلى تقديم المساعدة و النفع العام.

- تعفى من الرسم عمليات الشراء العقارية التي تقوم بها الجماعات المحلية من أجل تهيئة المناطق لتعميرها حسب الأولوية.   

- تعفى من الرسوم كل من عمليات بيع الأراضي الناجمة عن عملية التجزئة والمهيأة والصالحة لبناء مساكن خصيصا.

تعفى المؤسسات المعتمدة في إطار القانون82-11 المتعلق بالاستثمار الاقتصادي الوطني الخاص بالمناطق الواجب ترقيتها وذلك عند قيامها بالشراءات العقارية المخصصة لنشاطها .

2 - عقد المقايضة :

عرفتها المادة 413 من القانون المدني على أنها:" عقد يلتزم به كل من المتعاقدين أن ينقل إلى الأخر على سبيل التبادل ملكية مال غير النقود"ومنه فالمقايضة قد تكون إما مبادلة عقار بعقار أو منقول بمنقول أو منقول بعقار، وما يهم هو عقد المقايضة الذي يكون محله العقار.

يخضع عقد المقايضة لرسم محدد بموجب المادة 226 من قانون التسجيل التي تنص على:" يخضع تبادل الأموال العقارية لحق قدره 5,%2 ويحصل هذا الحق على قيمة حصة واحدة عندما تكون الحصص المتبادلة متساوية القيمة، وإذا كان فارق أو فائض بين حصة وأخرى، يحصل أيضا الحق الخاص على التحويلات بمقابل عن الفارق أو الفائض" وبعد تلقي مفتش التسجيل الوثائق اللازمة يقوم بتحليل العقد من أجل استيفاء الحقوق، وبالنسبة للمقايضة نميز بين حالتين فيما يخص مبادلة عقار بعقار أو مبادلة عقار بمنقول.

أ – مبادلة عقار بعقار:

في هذه الحالة قد يتم مبادلة عقارات ذات قيمة متساوية أو عقارات ذات قيمة غير متساوية، إذا تم مبادلة عقارات متساوية فإن الرسم المطبق في هذه الحالة هو 5,%2 حسب نص المادة 226 من قانون التسجيل، ويتم تحصيله على قيمة حصة واحدة ويستطيع مفتش التسجيل تقدير الحصتين المتبادلتين حسب إجراءات محددة قانونا، أما إذا كانت القيمة غير متساوية يقوم مفتش التسجيل باعتبارها مبادلة في حدود الحصة الأقل قيمة كالبيع وفي حدود الفرق بين الحصتين .

 غير أنه إذ كانت العقارات التي تم نقل ملكيتها خلال السنتين اللتين سبقتا أو صاحبتا عقد المبادلة فإن الرسوم المستحقة لايمكن أن تحتسب على مبلغ يقل عن ثمن المزايدة مع إضافة جميع الأعباء النقدية مالم يثبت بأن ما تضمنته العقارات قد طرأت عليه تغيرات خلال فترة قابلة أن تعدل فيها القيمة وهذا حسب نص المادة 19 الفقرة 2 من قانون التسجيل.  

ب - مبادلة عقار بمنقول:

في حالة مبادلة عقار بمنقول، فقد منحه قانون التسجيل حكم البيع عل أساس أن العقار هو محل المال المبيع، والثمن يتمثل في المنقول وإذا كانت قيمة العقار تفوق قيمة المنقول يمكن إعتبارها أساسا لتحديد قيمة المرسوم.

تطبيقا لنص المادة 305 من قانون التسجيل تعفى من رسوم التسجيل مبادلة العقارات الريفية عندما تكون العقارات التي تمت مبادلتها موجودة في نفس البلدية أو في بلدية مجاورة.

وتعفى أيضا الدولة وجماعتها المحلية من جميع رسوم التسجيل فيما يخص العقود المتعلقة بمبادلة العقارات.

ثانيا - حالة نقل جزء من الملكية العقارية :

حق الملكية يمنح للمالك السلطات الثلاث الاستغلال والاستعمال والتصرف، في العين المملوكة، إلا انه يمكن للمالك أن يتصرف في جزء من حقه في ملكيته، وهذا كعقد الإيجار وكذلك ملكية الرقبة وحق الانتفاع،  وسيتم التطرق في هذا العنصر إلى كيفية تسجيل عقد الإيجار وكذلك حق الانتفاع وملكية الرقبة

1- عقد الإيجار :

عرفته المادة 467 من القانون المدني عقد الإيجار على أنه:" عقد يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل إيجار معلوم" فعقد الإيجار من العقود المسماة  و يعتبر من العقود الناقلة للملكية لأنه ينقل جزء من حق الملكية لمدة معينة، كما أن قانون التسجيل يخضع إيجار العقارات إجباريا لإجراء التسجيل .

يقوم مفتش التسجيل بعد تحليله لعقد الإيجار والتأكد من أن كل المعلومات اللازمة مقيدة فيه منها هوية الأطراف ، وتعين محل الإيجار، وأصل الملكية وذكر الثمن وكذلك مدة الإيجار والتي على أساسها يتم استفاء حقوق التسجيل فيقوم مفتش التسجيل بعملية الحسابية التالية : ضرب ثمن الإيجار في مدة الإيجار والحاصل يضرب في النسبة المئوية المحددة والتي تكون حسب نوع الإيجارات حيث أنه طبقا لنص المادة 220 من قانون التسجيل، فإن رسوم تسجيل العقارات بمقابل لمدة  محددة تخضع لنفس حقوق التسجيل المطبقة على نقل الملكية بمقابل أي تكون نسبة الحق %5  والحالات الخاصة التي تخرج عن تطبيق هذه القاعدة تتمثل في تسجيل عقد إيجار المحلات المعدة للسكن وتسجيل عقد إيجار المحلات التي تزاول فيها التجارة أو المهن.

2 - حق الانتفاع وحق الرقبة :

نص المشرع عل حق الانتفاع وملكية الرقبة في المواد من 844إلى 854من القانون المدني، فحق الانتفاع هو حق ناتج بفعل التنازل عن أجزاء من حق الملكية  بحيث يمكن صاحبه من استعمال الشيء، والاستفادة من الريوع المحتملة له دون امتلاكه، ويطلق على المالك المقتطع منه حق الانتفاع اسم مالك الرقبة، حيث يحتفظ بسلطة التصرف القانوني على الشيء، وحق  الرقبة ينتج عن تنازل عن أجزاء من حق الملكية، بحيث يمكن لصاحبه حق التملك دون أن يستعمله أو يستفيد منه على عكس حق الانتفاع.

اخضع قانون التسجيل كل عقود حق الانتفاع وملكية الرقبة إلى إجراءات التسجيل وهذا مانصت عليه المادة 53 منه حيث تحسب الرسوم على أساس الثمن المصرح به مع إضافة جميع الأعباء النقدية أو على أساس القيمة التجارية لهذه الحقوق في حالة عدم كفاية الثمن أو التقدير الذي يكون أساس لتحصيل الرسم النسبي وهذا مانصت عليه المادة 113 من قانون التسجيل، ومنه طبق عليها الرسم المطبق على بيع العقارات والمقدر ب%5 طبقا لنص المادة 220 من قانون التسجيل.

الفرع الثاني: نقل الملكية العقارية دون عوض

نقل الملكية العقارية دون عوض هو من العقود التبرعية، التي هي ملزمة لجانب واحد حيث يتم نقل الحقوق العقارية من المالك إلى المالك الجديد دون مقابل، ويكون ذلك بين الأحياء عن طريق عقد الهبة أو الأموات عن طريق الميراث والوصية :

أولا  - نقل الملكية العقارية عن طريق عقد الهبة :

الهبة هي تملك عين على غير عوض معلوم في الحياة، أو هي التبرع بالمال في حال الحياة ولقد عرفها المشرع الجزائري في المادة 202 من القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة والتي تنص على :"الهبة تمليك بلا عوض، ويجوز للواهب أن يشترط على الموهوب له القيام بالتزام يتوقف على إنجاز الشرط" وليتم نقل الهبة لابد من توافق إرادتي الواهب والموهوب له بالإيجاب والقبول حسب نص المادة 206 من قانون الأسرة.

وتخضع الهبة لنفس إجراءات التسجيل والنسب المطبقة على نقل الملكية عن طريق الوفاة، ولقد نص المشرع على تسجيل عقد الهبة في نص المادة 231 من قانون التسجيل والتي تنص على أنه:" يحصل على الهبات بين الأحياء رسم تسجيل قدره %5 غير أنه يحصل على الهبات بين الأحياء الواقعة بين الأصول والفروع والأزواج رسم قدره %3 " ونصت المادة 10 من قانون التوثيق على :" يتولى الموثق حفظ العقود التي يحررها أو يتسلمها للإيداع ويسهر على تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها قانونا لاسيما تسجيل وإعلان ونشر وشهر العقود في الآجال المحددة قانونا ..."

من خلال نص المادة يجب على محرر العقد أن يقدم العقد إلى مفتش التسجيل ويجب أن يحتوي على ما يلي :

-         اسم الموثق وعنوان مكتبه وتاريخ عقد الهبة ، وكذا اسم ولقب وتاريخ ومكان المهنة ومقر سكن كل من الواهب والموهوب له .

-         يجب تعيين المحل الموهوب الذي يمكن أن يكون عقارا أو محلا تجاريا وأن يكون التعيين دقيقا منافيا للجهالة من حيث محتوياته، عنوانه، مساحته، تاريخ شهره بالمحافظة العقارية بالمجلد والرقم.

-         أصل الملكية، أن يعطي الواهب كل المعلومات التي تثبت أن الملك الموهوب هو ملكه الحقيقي، ومفتش التسجيل يراقب إذا كان المحل الموهوب تم تسجيله عندما دخل في حيازة أو ملكية الواهب، وأن المحل الموهوب ليس ملك الغير، إضافة إلى الضمان حيث يذكر الواهب إرادته في الرجوع أو عدم الرجوع في الهبة  والاحتفاظ بحق الرجوع للوالدين، كذلك لابد من ذكر قيمة الشيء الموهوب لأنه على أساسه يتم اقتطاع حقوق التسجيل.

تعفى التصرفات الناقلة للملكية مجانا بواسطة عقد الهبة من دفع رسوم التسجيل وهذا حسب ما نصت عليه المواد 239 و240 و241 و242 و301 و304 من قانون التسجيل، وبالتالي:

-         تعفى الولايات والمؤسسات العمومية التابعة للولايات والبلديات، والمستشفيات العمومية الإستشفائية والجمعيات الخيرية وهيئات الضمان الاجتماعي، من دفع رسوم نقل الملكية مجانا عن طريق الهبة المقدمة إليها.

-         تعفى من رسوم نقل الملكية مجانا الهبات المقدمة لإقامة نصب تذكارية تخليدا لحرب التحرير.

-      تعفى المؤسسات التي تتمتع بالشخصية المدنية من دفع رسوم نقل الملكية مجانا عن طريق الهبة المتضمن نقل ملكية الأشياء الفنية والمعالم الأثرية والأشياء ذات الطابع التاريخي والكتب والمخطوطات.

-              تعفى أيضا الهبات المقدمة للمؤسسات المعتمدة للبحث العلمي والمقدمة من الأجانب المقيمين بالجزائر عندما لا تتعدى قيمة الهبة مليون دينار جزائري.

ثانيا - حالة نقل الملكية العقارية عن طريق الوفاة :

تنتقل أموال المورث إلى الورثة بعد موته أي بمفارقة روحه عن جسده، أو بموته حكما عندما يصدر القاضي حكما اجتهاديا بوفاة المورث وهو الحكم الذي يكون بعد الحكم بالفقدان فلا تقسم أموال المفقود إلا بعد صدور حكم بموته وتقسم التركة بعد أن يؤخذ منها حسب الترتيب ما يلي :

-      مصاريف التجهيز والدفن بالقدر المشروع أي من دون إسراف ولا تقتير، ولقد قدر المشرع الجزائري مصاريف الدفن ب 50000 دج .

-      الديون الثابتة في ذمة المتوفى بصفة قانونية وقت فتح التركة بحسب نص المادة 36 من قانون التسجيل.

فالميراث الصافي هو ذلك الجزء المتبقي من تركة المتوفى بعد الاقتطاعات المذكورة، ويتم توزيع الميراث على الورثة الشرعيين المثبتة أحقيتهم وحقوقهم بموجب فريضة شرعية كل حسب نصيبه الشرعي.

يلتزم الأشخاص المؤهلين للتصريح بالتركة وهم الورثة أو الموصى لهم بتقديم تصريح مفصل على التركة يوقعونه على إستمارة مطبوعة تقدمها إدارة الضرائب وفقا لنص المادة 171 من قانون التسجيل، ويكون وفق الآجال القانونية لتسجيل هذه التصريحات وتقديم  للأموال المستحقة بسنة واحدة إبتداء من يوم الوفاة.

يحسب الرسم على انتقال الملكية عن طريق الوفاة على أساس المال الصافي من التركة بعد أن تخصم الديون المتعلقة بالتركة، وتقدر ب5%  من حصة كل وريث صافية.

وتعفى من رسوم تسجيل عمليات نقل الملكية العقارية عن طريق الوفاة كل من:

-      تعفى الدولة من رسوم التسجيل بالنسبة للأموال التي تؤول إليها في حالة انعدام الورثة ويعفى الورثة من الأصول والفروع والزوج الباقي على قيد الحياة من دفع حقوق نقل الملكية عن طريق الوفاة على السكن الفردي الذي كان يشغله المالك وعلى ملحقاته المباشرة أيضا.

-      يعفى نفس الأشخاص من دفع حقوق التسجيل الأموال المودعة لدى الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط أو في حسابات التوفير للسكن.

المبحث الثاني: جزاءات الإخلال بتسجيل العقارات والمنازعات المتعلقة بها

أقر المشرع عقوبات جبائية  في القسم الأول من الباب السادس من قانون التسجيل  وهذا في حالة الإخلال بأحكام التسجيل، وباعتبار أن إجراء التسجيل يتم مقابل اقتطاع حقوق التسجيل، ولهذا فإنه تترتب التزامات على كل من مفتشية التسجيل والطابع من جهة وكذلك الأطراف المستفيدة من إجراء التسجيل من جهة أخرى، ويمكن أن يثور نزاع بين الإدارة والمكلف بالضريبة، ولهذا كان لابد من إعادة التوازن بين المراكز القانونية للوصول إلى العدالة الضريبية، وهذا ما يعرف بالمنازعات الضريبية في مجال التسجيل وعلى هذا سيتم التطرق إلى جزاءات الإخلال بأحكام تسجيل العقارات في المطلب الأول والمنازعات الضريبية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: جزاءات الإخلال بأحكام تسجيل العقارات

يجب على الخاضعين لحقوق التسجيل احترام إجراءات التسجيل وتمكين مفتشية التسجيل من استيفاء حقوق التسجيل اللازمة، كما يجب عليهم الالتزام بدفع حقوق التسجيل المترتبة عليهم بعد تقدير مفتشية التسجيل لهذه الحقوق، وهذا من أجل تحقيق أغراضها لتمويل الخزينة العمومية، إلا أنه عند الإخلال بهذه الالتزامات تترتب جزاءات متنوعة مدنية وجبائية وسيتم تناول في هذا المطلب العقوبات الجبائية في الفرع الأول  وإلى الامتيازات والضمانات الممنوحة للدولة في الفرع الثاني.

الفرع الأول : العقوبات الجبائية

كما تم التطرق إليه فإن المشرع الجزائري  أقر عقوبات جبائية جراء الإخلال بأحكام التسجيل وتسجيل العقارات وهذا في الباب السادس القسم الأول من قانون التسجيل ويتم تطبيق هذه العقوبات على المكلف الحقيقي أو المكلف القانوني بحقوق التسجيل .

أولا – العقوبات المفروضة على المكلف الحقيقي:

       إن المكلف الحقيقي Le contribuable réel هو الشخص الذي يدفع حقوق التسجيل من أمواله الشخصية إلى الموثق وليس مباشرة إلى قابض الضرائب ويرجع ذلك إلى الصبغة الرسمية التي تتمتع بها التصرفات العقارية، وهذا ما يميز التسجيل العقاري عن غيره من أصناف التسجيل الأخرى، وعليه أخضع المشرع الأطراف المتعاقدين لعقوبات جبائية في حال اتفاقهم على إخفاء جزء من ثمن البيع و اعتبر تصرفهم عديم الأثر طبقا لنص المادة 113 فقرة 1 من قانون التسجيل، كما أنه بناء على نص المادة 119 من قانون التسجيل، يتعرض لغرامة مالية كل شخص قام بالتخفيض أو حاول التخفيض سواء كل أو بعض من وعاء الضريبة أو تصفيتها أو دفع الضرائب أو الرسوم  التي هو خاضع لها وهذا باستعمال مناورات الغش، إضافة إلى العقوبات الجزائية فإذا حاول الأطراف الخاضعون للضريبة التملص من حقوق التسجيل وهذا عن طريق تصاريح ناقصة أو كاذبة والتي من شأنها أن تنقص من قيمة الأطراف لعقوبات جبائية تقررها مفتشية التسجيل، لذلك يتعين على الموثق أن يلفت انتباه الأطراف المتعاقدة، بعدم الاتفاق خارج مكتبه، على إخفاء الثمن الحقيقي للبيع، فالمفتشية التسجيل الحق في إثبات هذا الإخفاء بكافة الوسائل المشروعة  المنصوص عليها في قانون التسجيل المادة 113 الفقرة 2، كما أن مفتش التسجيل خوله القانون الصلاحيات الواسعة التي تمكنه من تحصيل أموال الدولة .  

ثانيا - العقوبات المفروضة على المكلف القانوني:

       إن المكلف القانونيcontribuable juridique  هو كل شخص ألزمه القانون بتحصيل رسوم التسجيل، ودفعها لقابض الضرائب في الآجال المحددة، دون أن يتمتع بصفة الموظف أو يكون تابع لسلطة الضرائب، وتعود تسميته بالمكلف القانوني كونه يمارس عمله بمقتضى نص قانوني، وليس بموجب عقد يربطه بالإدارة الجبائية.

 وفيما يخص قانون التسجيل يعتبر المكلف القانوني الموثق الذي تم إبرام العقد في مكتبه، ودفع له الأطراف رسوم التسجيل، والذي بدوره يقوم بأدائها لدى صندوق قابض الضرائب المختص إقليميا وفق الآجال القانونية المنصوص عليها في المادة 58 من قانون التسجيل، وبالتالي يكون الموثق مسؤولا وتترتب عليه عقوبات جبائية عند إخلاله بأحكام التسجيل.

ولقد أوجب القانون على الموثق قراءة مضمون العقد على الأطراف وإلا وقع تحت طائلة غرامة مالية تقدر بخمسمائة دينار، كما عليه أن ينوه في العقد أن القراءة قد تمت كما يجب على الموثق أن يشير إلى انه لم يتلقى أي وثيقة أو سند تتضمن زيادة في الثمن المصرح به، وعليه الإشارة بأن العقد لم يتم تعديله وفقا للمادة 113 الفقرة 2 من قانون التسجيل.

        يقوم الموثق شخصيا بدفع غرامة مالية جراء عدم تسجيله للعقد في الآجال المحددة قانونا ولقد حددتها المادة  93 من قانون التسجيل هذه الغرامة والتي تنص على: "يتعين على الموثقين والمحضرين ومحافظي البيع بالمزايدة الذين لم يسجلوا عقودهم في الآجال المقررة، أن يدفعوا شخصيا غرامة مالية ..."، وكذلك يتعرض الموثقين والموظفين وكتاب الضبط وأعوان الضبط وكتاب الإدارات المركزية والمحلية الذين لم يسجلوا عقودهم في الآجال المقررة إلى عقوبات تأديبية توقعها عليهم السلطة المختصة التي ينتمون لها دون المساس باحتمال تطبيق عقوبات أخرى منصوص عليها في القوانين والتنظيمات المعمول بها، وهذا تطبيقا لنص المادة 93 فقرة 2 من قانون التسجيل ، كما أنه إذا كان الموثق شريكا في المناورات التي يكون الغرض منها التهرب من دفع حقوق التسجيل، مع وجود دليل مادي يثبت تواطأ الموثق مع زبائنه في إخفاء الثمن الحقيقي وسلك في ذلك طرق التدليس فيكون في هذه الحالة متضامن مع الأطراف المدنيين بها فيتعرض لعقوبة نصت عليها المادة 113 فقرة 5 من قانون التسجيل والتي تنص على: " كل شخص تم التأكد بأنه كان شريكا بأي طريقة كانت في ممارسات تهدف إلى التملص من دفع الضريبة يخضع شخصيا، زيادة على العقوبات التأديبية إذا كان موظفا مؤهلا لتلقي العقود إلى غرامة تساوي أضعاف الحقوق والرسوم المتملص منها من دون أن تقل هذه الغرامة عن 10.000 دج ".

الفرع الثاني : الضمانات والامتيازات الممنوحة للدولة

       تلعب حقوق التسجيل دورا هاما في تمويل الخزينة العمومية وتنمية الاقتصاد وتنمية وتشجيع الاستثمار، فيلتزم المكلف بأدائها بدفعها وتعتبر بمثابة دين في ذمته للدولة، وهاذا ما يمنح امتيازات وضمانات للدولة من أجل استيفاء هذه الحقوق، وتتبع في ذلك إجراءات من بينها الرهن القانوني على عقارات المدين بالضريبة وكذلك يتقرر حق الشفعة كامتياز لها بسبب التصاريح الكاذبة الصادرة من طرف الأطراف.

أولا – الرهن القانوني:

       يقصد بالرهن القانوني ذلك التأمين العيني الذي ينشأ من خلال تخصيص عين أو أكثر من أجل الوفاء للدائن، وهو يختلف عن التأمين الشخصي كون هذا الأخير يعتبر ضمانة غير كافية للدائن من أجل استيفاء دينه، ولذلك اعتبر التأمين العيني أكثر ضمانة يكتسب بموجبه الدائن على عين حقا ليس لغيره من الدائنين ويسمح له بأن يكون أكثر اطمئنانا منهم على استيفاء حقه من ثمنها بالأولوية على غيره من الدائنين وأن يتبع هذه العين تحت أي يد تكون .

والرهن القانوني يتخذ عدة صور بحيث قد يكون على منقول، وهذا ما يعرف برهن الحيازة في المنقول كما قد يكون على عقار ويكون رهنا رسميا والذي لا يقضي برفع الراهن يده على العقار المرهون، أو يكون رهنا عقاريا أو ما يسمى، الرهن الحيازي العقاري فيتخلى بموجبه الراهن على حيازة العقار والتمتع بمصلحة المرتهن، حيث نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة 969 من القانون المدني. 

وبالنظر إلى نص المادة 367 من قانون التسجيل التي تنص على أنه:" للخزينة رهن قانوني على جميع الأملاك العقارية التابعة للمدين بالضريبة من اجل تحصيل مختلف الضرائب والغرامات المشار إليها في هذا القانون، ويأخذ هذا الرهن رتبته عند تاريخ تسجيله في المحافظة العقارية، ولا يمكن تسجيل هذا الرهن إلا إبتداء من التاريخ الذي استحق فيه المدين للضريبة زيادة أو عقوبة لعدم الدفع". وتكمن فحوى هذه المادة في أنه يمكن لمصلحة التسجيل إنشاء رهن قانوني على الأملاك العقارية كالعقار أو المحل التجاري أو عقارات التركة لتحصيل حقوق نقل الملكية عن طريق الوفاة،  والتي تكون تابعة للمدين بالضريبة وبمقتضاها تصبح مصلحة التسجيل الدائن المرتهن والمدين بالضريبة المدين الراهن ويصبح لمصلحة التسجيل ضمانة على هذه العقارات وهذا من أجل تحصيل مختلف الحقوق المفروضة عليه وكذلك الغرامات المقررة والتي نص عليها قانون التسجيل، ولقد أكد المشرع الجزائري على الرهن القانوني وقصد به في هذه الحالة الرهن الرسمي باعتبار أنه يأخذ رتبته من تاريخ قيده بالمحافظة العقارية الواقع في دائرة اختصاصها العقار المرهون فهو بمثابة شهر الرهن ويتم ذلك بالتأشير على البطاقة الخاصة بالعقار المرهون .

        فينشأ عن القيد حق التقدم لمصلحة التسجيل، ويأخذ رتبته وقت القيد غير أنه لا يمكن قيد الرهن إلا ابتداء من التاريخ الذي استحق فيه المدين للضريبة أو عقوبة لعدم الدفع كون أن الرهن الرسمي هو تابع لحق أصلي وهو الوفاء بحقوق التسجيل أو الغرامة وهذا الرهن يسعى لضمان الوفاء به.

ثانيا - حق الشفعة :

       عرف القانون المدني الشفعة بموجب نص المادة 794 بأنها:" رخصة تجيز حلول محل المشتري في بيع العقار ضمن الأحوال والشروط المنصوص عليها..."

       فمثلا إذا باع احد الشريكين في الشيوع حصته في عقار لغير شريكه الأخر فيه جاز للشريك أن يظهر رغبته في أخذ هذه الحصة بالشفعة باعتباره شريكا في الشيوع ليحل محل المشتري في تملكها إذا وفى بما دفعه المشتري.

       ويسمى الأخذ بالشفعة الشفيع، ويسمى المشتري المشفوع منه، ويسمى العقار المبيع العقار المشفوع أو المشفوع منه، ويسمى عقار الشفيع أو حقه الذي يشفع بموجبه العقار أو الحق المشفوع به، وبذلك يكون الشفيع في مركز قانوني يعطيه نتيجة قيام سبب من الأسباب التي يعتد بها القانون أفضلية على المشتري المشفوع منه.

       وينشأ المركز القانوني للشفيع وفقا لما نصت عليه المادة 795 من القانون المدني الجزائري فلمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها، وللشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي.

غير أن هناك نوع أخر من الشفعة تطرق إليه قانون الإجراءات الجبائية وفقا لنص المادة 38 مكرر 03 منه ، حيث وضع المشرع تدابير تسمح للإدارة الجبائية استعمال حق الشفعة للعقارات التي تكون محل نقل الملكية بمقابل مصرح به وهذا المقابل يكون أقل من القيمة الحقيقية التجارية لهذا العقار .

       حق الشفعة هو رخصة أو إمتياز يجيز للدولة استعماله على العقارات التي تكون محل نقل الملكية العقارية وتحل بذلك محل المشفوع منه عندما ترى أن ثمن البيع غير كافي مع دفع مبلغ هذا الثمن مزايدة فيه العشر لذوي الحقوق في أجل سنة واحدة ابتداء من تسجيل العقد الصريح وهذا حسب مانصت عليه المادة 38 مكرر 3 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجبائية :" تستطيع إدارة التسجيل أن تستعمل لصالح الخزينة حق الشفعة على العقارات أو الحقوق العقارية أو المحلات التجارية أو الزبائن أو حق الإيجار أو الاستفادة من وعد بالإيجار على العقار كله أو جزء منه، وكذا الأسهم أو الحصص في الشركة الذي ترى فيه بأن ثمن البيع أو القيمة غير كاف، مع دفع مبلغ هذا الثمن مزايدة فيه العشر إلى ذوي الحقوق ،وذلك فضلا عن الدعوى المرفوعة أمام اللجنة المنصوص عليها في المواد من 38مكرر 2-أ إلى 38مكرر 2-ه من هذا القانون وذلك خلال أجل عام واحد ابتداء من يوم تسجيل العقد."

         بموجب نص المادة 38 مكرر 2 من قانون الإجراءات الجبائية  سمح للإدارة الجبائية أن تقوم بإعادة تقييم الأموال المصرح بقيمتها بشكل أقل من قيمتها الحقيقية  لكن هذا الإجراء لايكفي لإجبار الخاضعين للضريبة على التصريح بالقيم الحقيقية للعمليات التي يقومون بها، فيصرحون بقيم أقل من القيمة الحقيقية من أجل التهرب من الحقوق الواجبة، وهو السبب الذي جعل المشرع يلجاء إلى إجراء ثاني وهو حق الشفعة، حيث نجد أن المادة 38 مكرر 3 قد نصت على أن يبلغ قرار استعمال حق الشفعة إلى ذوي الحقوق، كما أن الآجال القانونية التي تستعمل فيها الدولة حق الشفعة هي مدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ تسجيل العقد أو التصريح به، وإلا سقط حقها في الشفعة.

       أما في مايخص التنازل عن حق الشفعة فقد نصت عليه المادة 38 مكرر 3-أ من قانون الإجراءات الجبائية والتي تنص على مايلي :"يمكن التنازل بالتراضي عن الأملاك العقارية والمحلات التجارية الخاصة الخاضعة لحق الشفعة أو المكتسبة من طرف الدولة  عندما تصبح غير ذات منفعة للمصالح أو المؤسسات أو الهيئات العمومية للساكنين المستغلين الذين يثبتون صفة المستأجر الدائم، أو عن طريق البيع بالمزاد. "

       لا يمكن التنازل إلا للأشخاص المتمتعين بالجنسية الجزائرية وبثمن لا يقل عن القيمة التجارية للملك، التي تحددها إدارة الأملاك الوطنية والعقارات".

المطلب الثاني: المنازعات الضريبية في مجال تسجيل العقارات

       إن كلمة منازعات لغة تعني الخصام أو الدعوى وتهدف إلى كل شيء متخاصم فيه ويقابلها باللغة الفرنسية كلمة Contentieux  

       والمنازعة في المادة الضريبية لها مفهوم محدد وشامل حيث تتضمن كل الأعمال والإجراءات التي تهدف إلى التخفيض أو الإلغاء الكلي أو الجزئي لضريبة تم إقرارها وتتضمن كلمة الضريبة في المادة الضريبية معنيين:

       أحدهما ضيق وتستعمل في المنازعات التي تحدث بين المكلف والإدارة الضريبة وذلك فيما يتعلق بتحديد طرق تحصيل الضريبة أو مبلغها المفروض عليه.

       والثاني واسع يظهر حين استعمال اللفظ وإن لم يكن هناك نزاع بين المكلف والإدارة الجبائية بل هناك وضعية معينة قد حلت مثل إعسار المكلف أو هلاك أمواله أين يطلب المكلف على أساسها من الإدارة الجبائية أن ترفق به أو يطلب الإعفاء أو التعديل لمبالغ الضريبة، كما يشمل المنازعات التي تحدث أثناء استعمال طرق احتيالية أو تدليسية بقصد التهرب من دفع كل الحقوق المفروضة عليه.

ومايهمنا هو المنازعات الضريبية فيما يتعلق منها في مجال التسجيل حيث تخضع لقانون التسجيل وقانون الضرائب، و لا يمكن اللجوء إلى الدعوى القضائية في المنازعات الضريبية إلا بعد التسوية الإدارية للمنازعات  أمام الإدارة والتي تخضع لقواعد وقانون الإجراءات الجبائية عكس الأولى التي تخضع لقواعد الإجراءات المدنية والإدارية .

فالمنازعات الضريبية في مجال التسجيل تمر بمرحلتين تتمثل الأولى في التسوية الإدارية والثانية تتمثل في التسوية القضائية وهذا ما سيتم التطرق له تباعا.

الفرع الأول: التسوية الإدارية

تنشأ المنازعة الضريبية أو ما يعرف بالمنازعات المتعلقة بالوعاء بسبب الحقوق المفروضة على المكلف بالتسجيل عند امتناعه عن تسديدها، ويمكن أن تنشأ في حالة تهرب المكلف بها وذلك عن طريق الغش الجبائي، وعليه فيما يخص التسوية الإدارية أو المرحلة الإدارية هناك منازعات تتعلق بالوعاء والتي تكون على مستوى مفتشية التسجيل فيما يخص تقدير الحقوق ومنازعات تتعلق بإعادة التقويم والتي تقوم على مستوى مكتب التحقيقات وإعادة التقويمات والإجراءات تختلف في كل منازعة. 

أولا – المنازعات المتعلقة بالوعاء :

        تم تنظيم الإجراءات التي تخضع لها  المنازعات المتعلقة بالوعاء على مستوى مفتشية التسجيل في نصوص المواد التالية من 70 إلى 79 من قانون الإجراءات الجبائية، وتكون هذه المنازعات بمناسبة تحصيل حقوق التسجيل من طرف مفتش التسجيل وتكون في حالة وقوعه في خطاء أو تجاوز أو سوء تقدير الحقوق، خاصة وأن لمفتش التسجيل السلطة الكاملة في إعادة تكييف العقد أو المحرر من أجل استيفاء الرسوم اللازمة .

       بالنسبة للإجراءات التي يجب أن يقوم بها المكلف  بدفع الحقوق في المنازعات المتعلقة بالوعاء قبل اللجوء إلى القضاء هو القيام بالتظلم الإداري أو مايسمى في قانون الإجراءات الجبائية الشكوى، وبالتالي فإن الدعوى القضائية لاتكون مقبولة ما لم تكن مسبوقة بشكوى يرفعها المكلف بدفع الحقوق إلى إدارة الضرائب على أن توجه هذه الشكوى إلى المدير الولائي للضرائب أو رئيس مركز الضرائب أو رئيس المركز الجواري للضرائب، ولقد نص المشرع على إلزامية هذا الإجراء في نص المادة 71 من قانون الإجراءات الجبائية.

       يجب أن تقدم الشكوى في آجالها القانونية وإلا رفضت، كقاعدة عامة تقبل الشكايات إلى غاية 31 ديسمبر من السنة التي تلي السنة التي أدرج فيها الجدول للتحصيل أو لحصول الأحداث التي هي موضوع هذه الشكوى ، وكاستثناء فإن الآجل ينتهي في 31 ديسمبر من السنة التي تلي السنة التي علم فيها المكلف فعلا بوجود الخطاء أو الازدواج في فرض الضريبة، في حالة الخطأ في توجيه الإنذارات سواء كان الخطأ راجع للإدارة أو إلى ظهور جديد في الملف فإن الآجل ينتهي في 31 ديسمبر من السنة التي  تلي السنة التي تلقى فيها المكلف بالإنذار الجديد.

       يجب أن تحتوي الشكوى على جميع المعلومات المطلوبة من حيث الشكل أو المضمون لذلك يجب: أن تكون الشكوى فردية كأصل عام، غير أنه استثناء يجوز للمكلفين الذين تفرض عليهم الضرائب جماعيا أن يقدموا تظلمات جماعية، كما هو الحال في شركات الأشخاص كشركة تضامن ، أن تتضمن تحت طائلة عدم القبول بعض المعلومات الأساسية نذكر منها نوع الضريبة المعترض عليها رقم المادة من الجدول التي سجلت تحتها الضريبة بالإضافة إلى أسم ولقب وعنوان المتظلم، يجب أن تكون الشكوى موقعة من المكلف شخصيا، لا تخضع لحقوق الطابع .

إذا ما استوفت الشكاية الشروط المطلوبة وقدمت في آجالها، فإن المدير الولائي يبت فيها خلال أربعة أشهر من تاريخ استلام الشكوى، وعلى الإدارة أن تستدعي المكلف بالضريبة، بواسطة رسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام، لتكملة ملف الشكوى وتقديم كل وثيقة ثبوتية من طرفه وقابلة لدعم نزاعه في أجل ثلاثين يوما إعتبارا من تاريخ الاستلام، وفي حالة عدم الرد في تلك الآجال يبلغ بقرار الرفض لعدم القبول.

بعد عملية التحري والتحقيق من طرف مفتش الضرائب يعود الملف إلى مدير الولاية ليصدر قرارا كما يمكنه تفويض كل سلطة قراره أو جزء منها أو رفض الشكاوى للأعوان الذين لهم رتبة مفتش رئيسي وهذا مانصت عليه المادة 77 من قانون الإجراءات الجبائية.

ثانيا – المنازعات المتعلقة بإعادة التقويم :

بعد كل عملية تسجيل عقد أو تصريح خاضع لرسم نسبي، يخضع إلى عملية مراقبة الثمن أو القيمة المصرح بها من الأطراف ويقوم بهذه المهمة مكتب التحقيقات ومراقبة التقويمات على مستوى نيابة مديرية المراقبة وهذا تطبيقا لنص المادة 55 الفقرة 5 من القرار 484 المؤرخ في 12-07-1998 المحدد للنظام الإقليمي وتنظيم اختصاصات المديريات الجهوية والمديريات الولائية للضرائب، وذلك في أجل أربع سنوات ابتداء من تسجيل العقد أو التصريح طبقا لنص المادة 38 مكرر4 من قانون الإجراءات الجبائية  بموجب هذه المادة تستطيع الإدارة الجبائية إجراء إعادة التقويم للأموال المصرح بقيمتها بشكل أقل من قيمتها الحقيقية، وفي هذا الشأن تنشا المنازعات ولهذا سوف نبين إجراءات إعادة التقويم المتبعة على مستوى مكتب التحقيقات وإعادة التقويم وبعد ذلك كيفية الطعن أمام لجنة التوفيق.

1    – إجراءات إعادة التقويم :

يتم إجراء إعادة التقويم وفق المراحل التالية :

-      يقوم مكتب التحقيقات وإعادة التقويم باستدعاء المالك الأخير الذي بحوزته الأموال العقارية .

-      الانتقال لمعاينة العقار محل إعادة التقويم ويتم الاستناد في إعادة التقويم بدراسة العوامل المتعلقة بالعقار محل التقييم سواء كانت عوامل مادية أو اقتصادية.

-      تبليغ المكلف عن طريق إشعار بالقيمة الحقيقية التجارية للعقار والحقوق الواجبة الدفع.

       وفي حالة اقتناع وقبول المعني بالأمر بهذا التقويم لايثور نزاع فيمضي على تعهد قانوني إعترافا بإعادة التقويم وتعهد يحرر في ثلاث نسخ بكل نسخة طابع جبائي، ويقدم له كشف الدفع وبذلك يتم تسديد الحقوق الإضافية، أما في حالة عدم اقتناعه ورفضه لإعادة التقويم ليس أمامه في هذه الحالة سوى الطعن أمام لجنة المصالحة.

2 – الطعن أمام لجنة المصالحة :

       لجنة المصالحة هي هيئة إدارية مؤسسة بمديرية الضرائب على مستوى كل ولاية وتتشكل وفقا لنص المادة 38 مكرر 2 من قانون الإجراءات الجبائية مما يلي:

-      مدير الضرائب على مستوى الولاية رئيسا

-      مفتش التسجيل الضرائب المختلفة .

-      مفتش الشؤون الخاصة بالأملاك الوطنية والعقارية.

-      مفتش الضرائب المباشر.

-      موثق يعينه رئيس الغرفة الجهوية للموثقين المعنية.

-      ممثل عن إدارة الولاية .

يقوم بمهام الكتابة مفتش التسجيل ويحضر الجلسات بصوت استشاري، ويعين الأعضاء غير الموظفين  للجنة، وتجتمع هذه اللجنة بدعوة من رئيسها  وتكون مداولاتها صحيحة شريطة أن يحظر خمسة أعضاء على الأقل بمن فيهم الرئيس وهذا مانصت عليه المادة 38 مكرر 2 ب من قانون الإجراءات الجبائية.

أما عن إجراءات الطعن أمام لجنة المصالحة  ففي حالة رفض المدين التقويم يقوم بتحرير شكوى في ورقة عادية، ويكلف بالحضور الخاضع للضريبة  بمجرد إعلام موصى عليه مع إشعار بالاستلام  أمام لجنة التوفيق الولائية التي توجد في نطاقها الأملاك أو المسجلة بها وهذا حسب نص الماد 38 مكرر 2 ج  فقرة 1من قانون الإجراءات الجبائية  ونصت المادة 38 مكرر 2 ج فقرة 3 و4 من نفس القانون على مايلي :"...وإذا كانت الأملاك التي تشكل استغلالا واحدا، توجد في عدة ولايات فإن اللجنة المختصة هي لجنة الولاية التي يوجد على ترابها مقر الاستغلال وفي حالة عدم وجود المقر الولاية التي يوجد بها أكبر قسم من الأملاك، إن التكليف بالحضور الذي هو قاطع للتقادم يجب أن يرسل خلال أربع سنوات ابتداء من تاريخ تسجيل العقد أو التصريح، ويستدعى الخاضعون للضريبة المعنيون عشرين يوما على الأقل قبل تاريخ الاجتماع ويطلب منهم الإدلاء بأقوالهم أو إرسال ملاحظاتهم مكتوبة، ويمكنهم أن يستعينوا بمستشار يختارونه أو يعينوا وكيلا مؤهلا قانونا ."

الفرع الثاني : التسوية القضائية  

       تأتي التسوية القضائية كمرحلة ثانية في فض المنازعات الضريبية بعد استيفاء المكلف لطرق الطعن الإدارية سواء المنازعات المتعلقة بالوعاء على مستوى مفتشية التسجيل أو المنازعات المتعلقة بإعادة التقويم التي تقوم على مستوى مكتب التحقيقات ويتم النزاع بين المكلف والإدارة الجبائية أمام القضاء  ويكون برفع دعوى أمام القضاء الإداري كدرجة أولى ومجلس الدولة كدرجة استئناف .

أولا – المحكمة الإدارية:

       تمتاز إجراءات الدعوى الإدارية بعد خصائص ولعل أهمها خاصية الكتابة وأول تطبيق لهذه الخاصية هي العريضة وضرورة كتابتها فنصت المادة 816 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على ضرورة رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية بعريضة مكتوبة ، ونصت المادة 82 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجبائية ترفع القرارات الصادرة عن المدير الولائي للضرائب ورئيس مركز الضرائب ورئيس المركز الجواري للضرائب والمتعلقة بالشكاوى التي لم يرضى بها المكلف بالضريبة والطعن فيها أمام المحكمة الإدارية في أجل أربعة أشهر من يوم استلام المكلف إشعار التبليغ بالقرار المتخذ من طرف مدير الضرائب بالولاية ، وفي حالة عدم رد هذا الأخير عن قرار الشكوى خلال الآجال القانونية ترفع دعوى أمام المحكمة الإدارية، ورغم الطعن فيها لا يوقف تسديد الحقوق المحتج عليها، وعلى العكس من ذلك يبقى تحصيل الغرامات المستحق معلقا إلى غاية صدور حكم قضائي نهائي، وهذا ماجاءت به المادة 82 الفقرة3 من قانون الإجراءات الجبائية .

 1 - إجراءات الطعن أمام المحكمة الإداریة:

یجب أن توقع عریضة الدعوى من طرف صاحبها عند تقديمها من طرف وكیل الذي یجب علیه أن يستظهر وكالة قانونیة محررة على مطبوعة تسلمها الإدارة الجبائیة غیر أنه یعفى من تقدیم الوكالة المحامین وأجراء المؤسسة المعنیة، كما یجب أن تكون الشكاوى فردیة إلا في حالة وجود أعضاء الشركات فيمكنهم تقدیم شكاوى جماعیة، كما یجب أن تتضمن كل عریضة عرضا صریحا للوسائل، ولا یجوز للمدعي الاعتراض على حصص ضریبیة غیر واردة في شكواه ولكن یجوز له في حدود التخفیض بشرط أن یعبر عنها في عریضته الافتتاحیة.

2 - التحقیق ومراجعة التحقیق والخبرة:

یكون التحقیق الإضافي إلزامیا كلما قدم المكلف بالضریبة وسائل جدیدة قبل الحكم أما بالنسبة لمراجعة التحقیق یكون في حالة ما إذا رأت المحكمة الإداریة أن هناك ضرورة له، فتوكل المهمة لأحد أعوان مصلحة الضرائب غیر ذلك الذي قام بالتحقیق الأول وذلك بحضور المدعي أو وكیله وهناك حالات التي تنص عليها المادة 76 من قانون الإجراءات الجبائیة تكون بحضور رئیس المجلس الشعبي البلدي أو عضوین من لجنة الطعن على مستوى الدائرة.

أما بالنسبة للخبرة حسب نص المادة 126 من قانون الإجراءات المدنیة والإدارية و المادة 86 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجبائیة، فإنها یمكن أن تأمر المحكمة الإداریة  بالخبرة وذلك إما تلقائیا وإما بناءا على طلب من المكلف بالضریبة أو مدیر الضرائب بالولایة، والخبیر تعینه المحكمة الإداریة ویوجه الطلب معللا في أجل ثمانیة أیام من یوم استلام الطرف تبلیغ باسم الخبیر، وفي حالة ما إذا رفض الخبیر المهمة الموكلة إلیه یعین خبیر آخر من طرف المحكمة الإداریة، وبعد الدراسة والتحقیق یودع المحضر وتقاریر الخبراء لدى كتابة ضبط المحكمة وتبلغ للأطراف وذلك للإطلاع عليها خلال عشرین یوم.

ثانيا- مجلس الدولة:

حسب نص المادة 332 من قانون الإجراءات المدنیة والإداریة والمادة 90 من قانون الإجراءات الجبائیة فأن الأحكام الصادرة عن الجهات القضائیة الإداریة یمكن الطعن فيها بالإستئناف أمام مجلس الدولة وبالتالي يهدف الاستئناف إلى مراجعة أو إلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية .

يختص مجلس الدولة بالفصل في الطعون المرفوعة إليه من ضد الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية، خلال شهرين من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم طبقا لنص المادة 950 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، كدرجة ثانية للتقاضي كمحكمة موضوع وقانون في آن واحد ،بحيث يحق للمكلف بأداء الضريبة أن يرفع إستئناف في الحكم بواسطة محامي معتمد لدى مجلس الدولة، كما يمكن لإدارة الضرائب إستئناف أحكام صادرة من المحكمة الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم على إختلاف أنواعها ابنداءا من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم للمدير الولائي للضرائب، وتسجل العريضة بأمانة ضبط المجلس بحسب تاريخ ورودها ويمنح لها رقم ويسلم للمستأنف وصل بذلك يتضمن مبلغ الرسم القضائي المدفوع ورقم القضية وتاريخ تسجيلها، لبداء الخصومة بتبليغ الخصم المستأنف ضده ومنحه أجل شهرين لإيداع مذكرة جوابية في الدعوى .