دور الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في الكشف عن جرائم الصفقات العمومية

مع تزايد المخالفات المرتكبة في مجال الصفقات العمومية وتعاظم قضايا الفساد زاد دور الهيئات المكلفة بمكافحته، ومسايرة للإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، وتفعيلا للترسانة القانونية التي تم سنها، قامت الجزائر من خلال قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بإنشاء هيئات متخصصة بمكافحة هذا النوع من الجرائم، والتي من أهمها الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.

والجدير بالذكر أن هذه الهيئة ليست الأولى التي أنشاءها المشرع لهذا الغرض، بل سبقها في ذلك المرصد الوطني لمراقبة الرشوة والوقاية منها، الذي إستحدث بموجب مرسوم رئاسي يقضي بمراقبة الرشوة والوقاية منها بتاريخ 09 جويلية 1996، وأعتبر آنذاك هيئة جديدة لاقت إستحسان المواطنين، وأعتبرتأداة لتقديم إقتراحات عملية للحد من هذه الجريمة ومعاقبة ممارسيها، إلا أن هذا المرصد لم يحقق الأهداف المسطرة فحل نهائيا من قبل رئيس الجمهورية بتاريخ 12 ماي 2002

 

 

النظام القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

في إطار الجهود الرامية للوقاية من الفساد ومكافحته، نصت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على ضرورة إنشاء هيئة أو هيئات بغرض مكافحة الفساد، وذلك من خلال نص المادة 06 منها، وتفعيلا لذلك أنشأ المشرّع الجزائري هيئة في غاية من الأهمية، وهي الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وهذا بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته حيث نصت المادة 17 منه على مايلي "تنشأ هيئة وطنية مكلفة بالوقاية من الفساد ومكافحته، قصد تنفيذ الإستراتيجية الوطنية في مجال مكافحة الفساد

أولا:الطبيعة القانونيةللهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

أولى المشرّع الجزائري أهمية بالغة للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، وذلك من خلال إعتبرها هيئة إدارية مستقلة،وفقا لصريح نص المادة 18 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته والتي جاء فيها: "الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي وتوضع لدى رئيس الجمهورية."

وهذا ما أكده التعديل الدستوري الأخير وذلك بموجب نص المادة 202 منه "تؤسس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،وهي سلطة إدارية مستقلة توضع لدى رئيس الجمهورية،

تتمتع الهيئة بالإستقلالية المالية والإدارية،

إستقلال هذه الهيئة مضمون على الخصوص من خلال أداءأعضائها وموظفيها اليمين، ومن خلال الحماية التي تكفل لهم من شتى أشكال الضغوط أو الترهيب أوالتهديد أو الإهانة أو الشتم أو التهجم أيا كانت طبيعته، التي قد يتعرضون لها من خلال ممارسة مهامهم."

كما أكد المشرّع التكييف نفسه في المرسوم الرئاسي رقم 06-413 وذلك في المادة 02 التي جاء فيها "الهيئة سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي وتوضع لدى رئيس الجمهورية."

وقد نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على مجموعة من التدابير التي تدعم إستقلالية هذه الهيئة، والتي يمكن إجمالها في الآتي:

-قيام الأعضاء والموظفين التابعين للهيئة المؤهلين للإطلاع على معلومات شخصية وعموما على أية معلومات ذات طابع سري، بتأديته اليمين الخاصة بهم قبل إستلام مهامهم، وتحدد صياغة اليمين عن طريق التنظيم،

-تزويد الهيئة بالوسائل البشرية والمادية اللازمة لتأدية مهامها،

- التكوين المناسب والعالي المستوى لمستخدميها،

-ضمان أمن وحماية أعضاء وموظفي الهيئة من كل أشكال الضغط أو الترهيب أو التهديد أوالإهانة والشتم أو الإعتداء مهما يكن نوعه، الذي قد يتعرضون له أثناءأو بمناسبة ممارستهم لمهامهم.

هذا وتتجلى مظاهر إستقلالية الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في مظاهر إستقلاليه عضوية وأخرى وظيفية:

1-مظاهر الإستقلالية العضوية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:

تتجلى معايير الإستقلالية العضوية لهذه الهيئة في العديد من المظاهر ذلك قصد ضمان حيادها أثناء ممارسة مهامها، غير أن هذه الإستقلالية العضوية تبقى محدودة فغالبا ما تصطدم بمجموعة من القيود المفروضة عليها  وسنتولىإبرازأهم هذه المظاهر في النقاط التالية:

أ- الطابع الجماعي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:

إعترف المشرّع بمبدأ الجماعية في تشكيلة الهيئة، وهو ما يشكل ضمانة مبدئية لإستقلالية الهيئة عضويًا، إلا أن هذه الضمانة لا يمكن أن تأخذ أثرًا فعليًا إلا إذا سمحت هذه الجماعة بوجود تركيبة تمثيلية تعددية بشكل يضمن تمثيل كل الجهات المعنية، فصفة الجماعية تعتبر من إحدى العوامل المقوية للإستقلالية لأنها ذات طبيعة من شأنها أن تخلق نوعًا من التوازن بين الجهات التي يعين من بينها أعضاء السلطة، كما أنها تضمن إجراء مداولة جماعية حول مواضيع حساسة أو مسائل معقدة مما يشكل ضمانة للموضوعية والدقّة.

حيث تعتبر التركيبة البشرية معيارًا حاسمًا في معرفة الإستقلال العضوي للهيئة، لكن لا يمكن الإكتفاء به كمعيار بل يجب إيجاد تركيبة تضمن تمثيل لمختلف الجهات المهنية ذات الصلة بهذا المجال من أجل إعطاء فعالية أكبر للتركيبة.

وهذا ما أكده نص المادة 05 من المرسوم الرئاسي رقم 06-413 حيث نص على أنه "تتشكل الهيئة من رئيس وستة (06) أعضاء يعينون بموجب مرسوم رئاسي" مع الإشارةإلى أن هذه التشكيلة هي نفسها تشكيلة مجلس اليقظة والتقييم، وهو ما أكدته المادة 02 من المرسوم الرئاسي رقم 12-64المعدل والمتمم للمرسوم الرئاسي رقم 06-413 كما سبق البيان.

وعليه فإن المشرّع قد إعترف بمبدأ الجماعية في تشكيلة الهيئة وهو ما يشكل ضمانة مبدئية لإستقلالية الهيئة.

ب- صفة أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وطريقة تعيينهم:

يعتبر إختلاف الصفات والمراكز القانونية لأعضاء الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ضمانة للحياد والموضوعية للهيئة، وبالرجوع إلى النصوص القانونية المتعلقة بالتشكيلة، نجد أن المشرّع لم يبيّن الشروط الخاصة بالتخصص التي يجب توافرها في الأعضاء، إلا أنه أشار إلى أنه يتم إختيار أعضائها من بين الشخصيات الوطنية المستقلة التي تمثل المجتمع المدني والمعروفة بنزاهتها وكفاءتها.

وجدير بالذكر أن هذه الهيئة لم تنصب إلا بعد مرور أربع سنوات من تأسيسها، الأمر الذي يفتح مجال واسعًا للتشكيك في النوايا الحسنة والعزيمة القوية للسلطات المختصة في المضي قدما نحو محاربة آفة الفساد في مجال الصفقات العمومية، وقد حرص المشرع على ضرورة التكوين المناسب والعالي المستوى لهم، إذ يجب أن تتكون الهيئة من موظفين متخصصين مشهود لهم بالتكوين العالي والخبرة فوق كل ذلك وأن يكونوا على درجة عالية من النزاهة والقوة والعزم والقدرة على إختراق الجدار الصلب للفاسد وكسره.

ج-  مدة عضوية رئيس وأعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:

إنإعتبار مدة العضوية محددتاً قانونًا يعدّ مؤشرا لتجسد إستقلالية السلطات الإدارية المستقلة في المجال الإقتصادي والمالي من الناحية العضوية، حيث لو تم النص على تعيين الرئيس والأعضاء لمدة غير محددة قانونا فلا يمكن عندئذ إثارةأيةإستقلالية عضوية، إذ يكون هؤلاء عرضة للعزل والتوقيف في أي وقت مما يتنافى تماما مع الإستقلالية العضوية للجنة.

وبالرجوع لنص المادة 05 من المرسوم الرئاسي رقم 06-413 نجدها قد حددت لنا مدة عضوية الهيئة كما يلي: "يعينون بموجب مرسوم رئاسي لمدة05 سنوات."

ويتضح من هنا أن المشرّع الجزائري وفق في تحديد مدة إنتداب أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته الأمر الذي يشكل لا محالة حماية لهم من كل أشكال التوقيف والعزل بمناسبة ممارسة مهامهم أثناء العهدة المقررة لهم قانونًا.

و بإستقراء نص المادة 05 فقرة 02 من المرسوم الرئاسي رقم 06-413 التي جاء فيها"تنهى مهامهم حسب الأشكال نفسها" نلاحظ أن مهام أعضاء الهيئة تنتهي بنفس الأشكال والإجراءات التي تم بها تعيينهم، وبالتالي فإن العضوية تنتهي بإنتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ التعيين، بموجب مرسوم رئاسي يصدره رئيس الجمهورية، وذلك تطبيقا لقاعدة توازي الأشكال الذي تقضي بأن الجهة التي لها حق التعيين لها أيضا حق الإنهاء.

2-مظاهر الاستقلالية الوظيفية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:

تتجلى أهم مظاهر الإستقلالية الوظيفية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في الطبيعة المتنوعة لصلاحيتها،إذ تعتبر إستراتيجية جزائرية لمكافحة الفساد ككل بما فيه جرائم الصفقات العمومية، وأداة للنزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الشؤون والأموال العامة والخاصة.

ونظرا لأهمية هذه الهيئة وبغية مساعدتها على تحقيق أهدافها المرتبطة بالوقاية من كل جرائم الفساد ومن بينها جرائم الصفقات العمومية وسع المشرع من وظائفها، الأمر الذي يزيد حتما في إستقلاليتها.

وتتجلى أهم مظاهر الإستقلالية الوظيفية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في ما يلي:

أ-تمتع الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي:

نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أن الهيئة سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي توضع لدى رئيس الجمهورية، وهذا ما أكده المشرع أيضا فيالمادة 202 فقرة 02 من الدستور بنصها على ما يلي: "تتمتع الهيئة بالإستقلالية المالية والإدارية."

إذ يلاحظ أن المشرّع قد إعترف بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، الأمر الذي يترتب عليهالعديد من النتائج الهامة والتي تتمثل أساسا في تمتعها بذمة مالية مستقلة، إضافة إلى حصولها على أهلية التقاضي، ومعنى ذلك إعطاء الحق لرئيس الهيئة في تمثيلها لدى السلطات والهيئات القضائية وفي كل أعمال الحياة المدنية،كذلك تمكينه من تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على المستوى الدولي وتبادل المعلومات بمناسبة التحقيقات الجارية

ب-وضع الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته لنظامها الداخلي:

نص المرسوم الرئاسي رقم 06-413 على أنه "يحدد التنظيم الداخلي للهيئة، بقرار مشترك بين السلطة المكلفة بالوظيفة العامة والوزير المكلف بالمالية".

وكذا نص المرسوم ذاته على أنه: "تعد الهيئة نظامها الداخلي الذي تحدد كيفيات العمل الداخلي لهياكلها ويصادق مجلس اليقظة والتقييم على النظام الداخلي الذي نشر في الجريدة الرسمية."

كما نص المرسوم الرئاسي رقم 12-64 على ما يلي: "يحدد التنظيم الداخلي للهيئة مكلفين بالدراسات أو مكاتب بموجب قرار مشترك بين السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية والوزير المكلف بالمالية ورئيس الهيئة."

حيث يفهم من النصوص القانونية السالفة الذكر أن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته هي من تضطلع بإعداد نظامها الداخلي الذي ينشر في الجريدة الرسمية بموجب مرسوم رئاسي.

وتتجلى إستقلالية الهيئة هنا في حريتها في إختيار مجموع القواعد التي من خلالها تقرر كيفية تنظيمها وسيرها، وذلك دون أية مشاركة من جهات أخرى، حيث تكون الهيئة وحدها صاحبة الإختصاص في سن نظامها الداخلي والمصادقة عليه بعدها، وما على السلطة التنفيذية إلا نشره بموجب مرسوم رئاسي بغض النظر عما يحتويه من قواعد وأحكام.

ثانيا:تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

لم يتطرق المشرّع لتشكيلة الهيئة وتنظيمها وكيفية سيرها في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وإنما أحال ذلك على التنظيم وتحديداً للمرسوم الرئاسي رقم 06-413 المحدد لتشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وكيفيات سيرها، حيث نصت المادة 05 منه على أنه: "تتشكل الهيئة من رئيس وستة (06) أعضاء يعينون بموجب مرسوم رئاسي لمدة خمس (05) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة(01) وتنتهي مهامهم حسب الأشكال نفسها."

وإنطلاقا من نص المادة أعلاه تتشكل الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته من :

1- رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:

يعين رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بموجب مرسوم رئاسي وفقا للنص أعلاه، وتتجلى مهامه في مايلي:

-إعداد برنامج عمل الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-تنفيذ التدابير التي تدخل في إطار السياسة الوطنية والوقاية من الفساد ومكافحته،

-إدارةأشغال مجلس اليقظة والتقييم،

-السهر على تطبيق برنامج عمل الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ونظامها الداخلي،

-تمثيل الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته لدى السلطات والهيئات الوطنية والدولية،

-كل عمل من أعمال التسيير يرتبط بموضوع الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-تحويل الملفات التي تتضمن وقائع بإمكانهاأن تشكل مخالفة جزائية إلى وزير العدل حافظ الأختام قصد تحريك الدعوى العمومية عند الإقتضاء،

-تمثيل الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتهأمام القضاء وفي كل أعمال الحياة المدنية،

-ممارسة السلطة السلمية على جميع المستخدمين،

-تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على المستوى الدولي وتبادل المعلومات بمناسبة التحقيقات الجارية-إمكانية إسناد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى أعضاء مجلس اليقظة والتقييم مهمة تنشيط فرق عمل موضوعاتية في إطار تنفيذ برنامج عمل الهيئة، وكذا المشاركة في التظاهرات الوطنية والدولية المرتبطة بالوقاية من الفساد ومكافحته والمساهمة في أعمالها

2- مجلس اليقظة والتقييم:

يتكون مجلس اليقظة والتقييم من رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، رئيسًا له و(06) ستة أعضاء يتم إختيارهم من بين الشخصيات الوطنية المستقلة التي تمثل المجتمع المدني، والمعروفة بنزاهتها وكفاءتها.

ويتم تعيين هؤلاء بموجب مرسوم رئاسي، وتكون عهدتهم تبعا لنص المادة 05 من المرسوم الرئاسي رقم 06-413 لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، أما عن إنهاء مهامهم فيتم بنفس الأشكال أي بموجب مرسوم رئاسي.

وإستنادًا لنص المادة 11 من المرسوم الرئاسي رقم 06-413 نلاحظ أن المشرّع قد حدد صلاحيات مجلس اليقظة على سبيل الحصر، وتتجلى أساسا في إبداء الرأي في المسائل الآتية:

-    برنامج عمل الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وشروط وكيفيات تطبيقه،

-    تقارير وآراء وتوصيات الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    مساهمة كل قطاع نشاط في مكافحة الفساد،

-    المسائل التي يعرضها عليه رئيس الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    ميزانية الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    التقارير السنوية الموجهة إلى رئيس الجمهورية الذي يُعدّه رئيس الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    تحويل الملفات التي تتضمن وقائع بإمكانها أن تشكل مخالفة جزائية إلى وزير العدل،

-    الحصيلة السنوية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.

ويجتمع مجلس اليقظة والتقييم مرة كل (03) ثلاثة أشهر بناء على إستدعاء من رئيسه بصفة عادية، ويمكنه أيضا الإجتماع بصفة غير عادية بطلب من نفس الجهة.

ويعد الرئيس جدول أعمال كل إجتماع ويرسله إلى كل عضو قبل خمسة عشر (15) يوما على الأقل من تاريخه، وتقلص هذه المدة بالنسبة للإجتماعات غير العادية دون أن تقل عن ثمانية (08 ) أيام.

ثالثا:تنظيم الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

تزود الهيئة لأداء مهامها بالهياكل الآتية:

1-الأمانة العامة:

تزود الهيئة بأمانة عامة يرأسها أمين عام يعين بموجب مرسوم رئاسي بناءً على إقتراح رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ويساعده نائب مدير مكلف بالميزانية والمحاسبة.

ويكلف الأمين العام تحت سلطة رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بما يأتي:

-    تنشيط عمل هياكل الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنسيقها وتقييمها،

-    السهر على تنفيذ برامج عمل الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    تنسيق الأشغال المتعلقة بإعداد مشروع التقرير السنوي وحصائل نشاطات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتهبالإتصال مع رؤساء الأقسام،

-    ضمان التسيير الإداري والمالي لمصالح الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.

ويساعد الأمين العام :

-نائب مدير مكلف بالمستخدمين والوسائل،

-نائب مدير مكلف بالميزانية والمحاسبة،

وتنظم المديريتان الفرعيتان المنصوص عليهما في الفقرة أعلاه في مكتب.

2-قسم الوثائق والتحاليل والتحسيس:

كان هذا القسم منصوصا عليه سابقًا في المرسوم الرئاسي رقم 06-413 قبل تعديله سنة 2012، تحت تسمية مديرية الوقاية والتحسيس، ويكلف على الخصوص بما يأتي:

-    القيام بكل الدراسات والتحقيقات والتحاليل الإقتصادية أو الإجتماعية، وذلك على الخصوص بهدف تحديد نماذج الفساد وطرائقه من أجل تفعيل السياسة الشاملة للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    دراسة الجوانب التي قد تشجع على ممارسة الفساد، وإقتراح التوصيات الكفيلة بالقضاء عليها من خلال التشريع والتنظيم الجاري العمل بهما، وكذا على مستوى الإجراءات والممارسات الإدارية على ضوء تنفيذها،

-    دراسة وتصميم وإقتراح الإجراءات المتصلة بحفظ البيانات اللازمة لنشاطات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ومهامها والوصول إليها وتوزيعها بما في ذلك بالاعتماد على إستخدام تكنولوجيات الإتصال والإعلام الحديثة،

-    تصميم وإقتراح نماذج الوثائق المعيارية في جمع المعلومات وتحليلها، سواء منها الموجهة للإستعمال الداخلي أو الخارجي،

-    دراسة المعايير والمقاييس العالمية المعمول بها في التحليل والإتصال والمتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، بغرض إعتمادها وتكييفها وتوزيعها،

-    إقتراح وتنشيط البرامج والأعمال التحسيسية بالتنسيق مع الهياكل الأخرى في الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،

-    ترقية إدخال قواعد أخلاقيات المهنة والشفافية وتعميمها على مستوى الهيئات العمومية والخاصة بالتشاور مع المؤسسات المعنية،

-    تكوين رصيد وثائقي ومكتبي في ميدان الوقاية من الفساد ومكافحته وضمان حفظه وإستعماله،

-    إعداد تقارير دورية لنشاطاته.

3-قسم معالجة التصريحات بالممتلكات:

يكلف قسم معالجة التصريحات بالممتلكات على الخصوص بما يأتي:

-    تلقي التصريحات بالممتلكات للأعوان العموميين كما هو منصوص عليه في الفقرة 02 من المادة 06 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته،

-    إقتراح شروط وكيفيات وإجراءات تجميع ومركزة وتحويل التصريحات بالممتلكات طبقًا للأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها بالتشاور مع المؤسسات والإدارات المعنية،

-    القيام بمعالجة التصريحات بالممتلكات وتصنيفها وحفظها،

-    إستغلال التصريحات المتضمنة تغييرًا في الذمّة المالية،

-    جمع وإستغلال العناصر التي يمكن أن تؤدي إلى المتابعات القضائية والسهر على إعطائها الوجهة المناسب طبقًا للأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها،

-    إعداد تقارير دورية لنشاطاته.

وعليه فإن هذا القسم له مهام عملية يمكن من خلالها الكشف عن العديد من جرائم الفساد وذلك من خلال صلاحياته في الاطلاع على التصريحات بالممتلكات الخاصة بأعوان

الدولة.

4-قسم التنسيق والتعاون الدولي :

ويكلف قسم التنسيق والتعاون الدولي على الخصوص بما يأتي:

-    تحديد وإقتراح وتنفيذ الكيفيات والإجراءات المتعلقة بالعلاقات الواجب إقامتها مع المؤسسات العمومية والهيئات الوطنية الأخرى طبقًا للمادة 21 من قانونالوقاية من الفساد ومكافحته،

-    جمعكل المعلومات الكفيلة بالكشف عن حالات التساهل مع أفعال الفساد،

-    القيام أو العمل على القيام بتقييم أنظمة الرقابة الداخلية وعملها ،

-    تجميع ومركزة وتحليل الإحصائيات المتعلقة بأفعال الفساد وممارسته،

-    إستغلال المعلومات الواردة إلى الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتهبشأن حالات فساد يمكن أن تكون محل متابعات قضائية والسهر على إيجاد الحلول المناسبة لها طبقًا لتشريع والتنظيم المعمول بهما،

-    تطبيق الكيفيات والإجراءات المتعلقة بالتعاون مع المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الوطنية والدولية المختصة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وذلك قصد ضمان تبادل منتظم ومفيد للمعلومات في توحيد مقاييس الطرق المعتمدة في الوقاية من الفساد ومكافحته وتطوير الخبرة الوطنية في هذا الميدان،

-    دراسة كل وضعية تتخللها عوامل بينة لمخاطر الفساد من شأنها أن تلحق أضرارًا بمصالح البلاد بغرض تقديم توصيات ملائمة بشأنها،

-    المبادرة ببرامج ودورات تكوينية يتم إنجازها لمساعدة المؤسسات أو المنظمات أو الهيئات الوطنية والدولية المختصة بالوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيم ذلك،

-    إعداد تقارير دورية لنشاطاته .

 

 

 

 

مهام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

أوكل المشرع للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته الكثير من المهام والصلاحيات، بغرض الكشف عن جرائم الصفقات العمومية وجرائم الفساد ككل، أشارإليها في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، ليتولى مهمة تفصيلها وتحديدها بدقة المرسوم رقم06-413 المتضمن تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وكيفيات سيرها المعدل والمتمم.

1- صلاحيات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ذات الطابع الإستشاري:

تكلف هذه الهيئة بمجموعة من المهام ذات طابع إستشاري، حيث تقوم بتجسيد مبادئ دولة القانون، كما تعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسير الأموال العمومية، كما تعمل على تقديم توجيهات تخص الوقاية من الفساد لكل شخص أو هيئة عمومية أو خاصة، وتقترح إضافةإلى ذلك تدابير خاصة منها ذات طابع تشريعي وتنظيمي للوقاية من الفساد، وتقوم بالتعاون مع القطاعات المعنية العمومية والخاصة بإعداد قواعد أخلاقيات المهنة، وبالإضافة لهذا فإنها تكلف بإعداد برامج تسمح بتوعية وتحسيس المواطنين بالأثار الضارة الناجمة عن الفساد.

كما تكلف إضافة إلى المهام الإستشارية بمهام رقابية، حيث تكلف بجمع وإستغلال ومركزة كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في الكشف عن أعمال الفساد والوقاية منه لاسيما البحث في التشريع والتنظيم والممارسات الإدارية عن عوامل الفساد من أجل إزالتها، كما تقوم بالتقييم الدوري للأدوات القانونية والإجرائية والإدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته والنظر في مدى فعاليتها.

2-صلاحيات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي تتطلب إتخاذ قرارات إدارية:

للهيئة إتخاذ قرارات إدارية شأنها شأن الهيئات الإدارية الأخرى، فقد أوكل لها المشرع بعض الاختصاصات التي تتطلب اتخاذ قرارات إدارية مثلا كالتصريح بالممتلكات، واستغلال المعلومات الواردة فيها والمتعلقة بالتغيير في الذمة المالية، فعندما تكتشف الهيئة تضخم غير مبرر لثروة أحد الموظفين تحول الملف إلى وزير العدل الذي يخطر النائب العام المختص بتحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء، وهي سلطة لم يمنحها المشرع لرئيس الأول للمحكمة العليا.

3- صلاحيات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته  في الكشف والتحري:

بالرجوع إلى المادة 21 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته نجدها نصت على إمكانية طلب الهيئة في إطار ممارستها للمهام السابق بيانها أعلاه، من الإدارات والمؤسسات والهيئات التابعة للقطاع العام أو الخاص أو من كل شخص طبيعي أو معنوي أخر،أية وثائق أو معلومات تراها مفيدة في الكشف عن أفعال الفساد.

وقد نص أيضا قانون الوقاية من الفساد ومكافحته في هذا الصدد، على ضرورة قيام الأعضاء والموظفين التابعين للهيئة المؤهلين للإطلاع على المعلومات الشخصية وعموما على أيه معلومات ذات طابع سري بتأديته اليمين الخاصة بهم قبل استلام مهامهم، وتحدد صياغة اليمين عن طريق التنظيم، وذلك كتدبير من التدابير التي تدعم استقلالية الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.

ولأجل الحصول على أكبر قدر من المعلومات أجاز القانون لهذه الهيئة الاستعانة بالنيابة العامة في جمع الأدلة والتحري في وقائع ذات علاقة بالفساد، غير أن المشرع لم يحدد طبيعة هذه المعلومات مكتفيا بالإشارة إلى ضرورة أن تكون هذه الأخيرة مفيدة في الكشف عن أفعال الفساد، وتعود سلطة تقدير ذلك إلى الهيئة نفسها.

كما تقوم الهيئةالوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته أيضا بجمع ومركزة وإستغلال كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في الكشف عن أعمال الفساد والوقاية منها، لاسيما البحث في التشريع والتنظيم والممارسات الإدارية،عن عوامل الفساد لأجلإقتراح توصيات لإزالتها.

وقد إعتبر قانون الوقاية من الفساد ومكافحته كل رفض متعمد وغير مبرر لتزويد الهيئة بالمعلومات و/أو الوثائق المطلوبة جريمة لإعاقة السير الحسن للعدالة، ويشترط لقيامها أن يكون الرفض متعمدا وغير مبرر.

 

ثانيا: القيود الواردة على صلاحيات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته

رغم منح المشرّع الكثير من الصلاحيات للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته قصد دعم الإستراتيجية الوطنية الرامية للوقاية من الفساد ومكافحته، إلا أن هذه الأخيرة ترد عليها جملة من القيود يمكن إجمالها فيما يلي:

- تعدد وظائف الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته على نحولا يضمن لها الاستقلالية المنشودة.

-تبعية الهيئة ماليا إذ على الرغم من التأكيد على إستقلالية الهيئة ماليا إلا أن تمويلها من قبل الدولة عن طريق الإعانات يحد من ذلك، حيث تخضع بمناسبة ذلك إلى رقابة مالية يمارسها مراقب مالي يعينه الوزير المكلف بالمالية، ومن هنا يتضح جليا تبعية الهيئة للسلطة التنفيذية رغم التأكيد على إستقلاليتها المالية في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته والمرسوم الرئاسي المنظم لها والدستور.

- تبعية الهيئة للسلطة التنفيذية ويتجلى ذلك من خلال إلزامها بتقديم تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية، حيث نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته في هذا الصدد على أنه "ترفع الهيئة إلى رئيس الجمهورية تقريرا سنويا يتضمن تقييما للنشاطات ذات الصلة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وكذا النقائص المعاينة والتوصيات المقترحة عند الإقتضاء"

وهذا ما أكده الدستور الجزائري حيث نص على أنه "ترفع الهيئة إلى رئيس الجمهورية تقريرا سنويا عن تقييم نشاطاتها المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته والنقائص التي سجلتها في هذا المجال، والتوصيات المقترحة عند الإقتضاء".

كما أن المشرع لم يتطرق إلى فكرة إشهار ونشر التقرير في الجريدة الرسمية ووسائل الإعلان، الأمر الذي يعد إبتعادا عما ورد في بعض النصوص التشريعية الوطنية الخاصة بمجال الضبط الإقتصادي على غرار مجلس المنافسة وسلطة الضبط للبريد و الإتصالات السلكية واللاسلكية، وبالتالي فعدم نشر الهيئة لتقريرها السنوي يتنافى مع قواعد الشفافية والنزاهة في تسير القطاعين العام والخاص، والذي يعد من أهم أهداف قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.

علاوة على ذلك فإن الهيئة مقيدة في علاقتها مع القضاء، فعندما تتوصل هذه الأخيرة إلى وقائع ذات وصف جزائي كثبوت إرتكاب جريمة من جرائم الصفقات العمومية، تحول الملف إلى وزير العدل حافظ الأختام الذي يخطر النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية عند الإقتضاء فهي بالتالي غير مؤهلة لتحويل الملف مباشرة إلى النائب العام، وهذه سمة أخرى تقلص من إستقلالية الهيئة الوظيفية.

 

وكتقييم لدور الهيئة يمكن القول بغلبة الطابع الإستشاري والتحسيسي على مهامها،

بالإضافة إلى عدم فاعلية الدور الرقابي لها،إذ أن تزويدها بسلطات البحث والتحري في جرائم الصفقات العمومية وجرائم الفساد ككل شيء محمود الأمر يجعل منها جهاز قمعي، لكن مع ذلك فإن صلاحية البحث والتحري هذه تتعارض مع الطابع الإداري للهيئة وعدم تزويدها صراحة بصلاحيات الضبط القضائي وهو ما يفهم من نص المادة 22 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.

نصل في الختام إلى القول بأن دور الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته لا يعدو أن يكون إلا دورا وقائيا عكس ما نفهمه من تسمية المشرع لها .