المحاضرة رقم 07 لقانون مكافحة الفساد

مستوى السنة الثالثة قانون عام

 

النظام الإجرائي للملاحقة القضائية لجرائم الصفقات العمومية

 

دور أجهزة الرقابة المالية في الكشف عن جرائم الصفقات العمومية

منذ إنضمام الجزائر لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد،وإصدارها للقانون رقم

 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وهي تنشط جاهدة لمكافحة جرائم الفساد ككل بما فيها جرائم الصفقات العمومية، إذأن إستحداثها لأجهزة متخصصة بالكشف عن هذه الجرائم لم يدفعها لتخلي والإستغناء عن الأجهزة الرقابية الكلاسيكية خاصة منها المالية الفاعلة في هذا المجال، بل عمدت إلى دعمهاوإصلاحها كونها تلعب دورا كبيرا في الكشف عن الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية لتكمل وتدعم الدور الذي تقوم به هذه الأجهزة المستحدثة.

 

المفتشية العامة للمالية هيئة رقابية كاشفة عن جرائم الصفقات العمومية

تعد جرائم الصفقات العمومية من أبرز الجرائم مساسا بالمال العام، نظرا لصلتها الوثيقة بالخزينة العامة، هذا ما دفع بالمشرع الجزائري إلى إنشاء هيئات إدارية تتولى مهمة رقابته، وكشف أي تجاوزات يمكن أن تلحق به، ومن أبرز هذه الهيئات الإدارية المفتشية العامة للمالية،

 

مفهوم المفتشية العامة للمالية

تعتبر وزارة المالية الجهة المسؤولة عن مالية الدولة، بالنظر لدور المنوط بها والمتمثل أساسا في مسك جميع الإرادات والتكفل بمنح الإعتمادات لكافة الوزارات، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائري إلى إنشاء هيئة رقابية تابعة لهذه الوزارة تتولى مهمة مراقبة التسيير المالي، نتولى بيان مفهومها من خلال ما يلي:

أولا: تعريف المفتشية العامة للمالية.

تم إستحداث المفتشية العامة للمالية كهيئة رقابية دائمةتحت السلطة المباشرة لوزير المالية بمقتضى المرسوم رقم 80-53 المؤرخ في 01-03-1980، والتي عرفتها مادته الأولى بأنها:" هيئة مراقبة، توضع تحت السلطة المباشرة لوزير المالية " وإستمر تطبيق هذا المرسوم إلى غاية صدور المرسوم التنفيذي رقم 92-78 المحدد لإختصاصات المفتشية العامة للمالية، ثم أعيد تنظيمها وتحديد صلاحياتها من جديد بموجب ثلاث مراسيم تنفيذية والمتمثلة فيالمرسوم رقم 08-272 المؤرخ في 06-09-2008 الذي وسع من صلاحيات المفتشية العامة للمالية ومجال تدخلها، وكذا المرسوم التنفيذي رقم 08-273 المؤرخ في 06-09-2008 الذي يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية وأيضا المرسوم التنفيذي رقم 08-274 المؤرخ في 06-07-2008 الذي يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمفتشية العامة للمالية وصلاحياتها.

ويرجع الهدف من إنشاء المفتشية العامة للمالية إلى ضمان السير الأمثل والفعال للإعتمادات المالية، وإستعمالهاإستعمالا عقلانيا من قبل المؤسسات الموضوعة تحت تصرفها وكذا قمع الإختلاس والتبذير والتلاعب بالأموال العمومية، فهي تجعل المحاسبين العموميون والأمرين بالصرف يشعرون بالرقابة تجاههم، مما يجعلهم يقللون من الأخطاء والمخالفات المرتكبة، وهذا الإحساس يولد الرقابة الذاتية لدى المسيرين بالإضافةإلى التحقق من الإستعمال الأفضل للأموال العمومية.

وتنصب رقابة هذه الهيئة على التسيير المالي والمحاسبي لمختلف مصالح الدولة والجماعات الإقليمية، وكذا الهيئات والأجهزة والمؤسسات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية، وتمارس الرقابة أيضا على المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، وهيئات الضمان الإجتماعي الخاضعة للنظام العام والإجباري وكذا الهيئات ذات الطابع الإجتماعي والثقافي التي تستفيد من مساعدة من الدولة أو الهيئات العمومية.

ثانيا:تنظيم المفتشية العامة للمالية

يخضع تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 08-273 وتعمل كلها تحت سلطة رئيس المفتشية العامة للمالية الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي، ويسهر على السير الحسن للهياكل المركزيةوالجهوية، ويضمن إدارة وتسيير المستخدمين والوسائل بالمفتشية العامة للمالية.

وتتكون المفتشية العامة للمالية مما يلي :

1-هياكل عملية الرقابة والتدقيق والتقييم: توكل مهام الرقابة والتدقيق والتقييم والخبرة المنوطة بالمفتشية العامة للمالية لأربعة مراقبين عامين للمالية موضوعين تحت سلطة رئيس المفتشية العامة للمالي

2-الوحدات العملية: يديرها مديرو بعثات ومكلفون بالتفتيش:

أ-مديرو البعثات: يتمثل عددهم في 20 مدير، يعملون تحت إشراف المراقبين العامين للمالية، حيث يقوم مدير البعثة بإقتراح عمليات الرقابة للوحدات العملية التابعة للوحدات المركزية ويتابعها، كما يضمن التنسيق مع جميع الهياكل الجهوية للمفتشية، ويسهر على تحضير أشغال المهمات وتنظيمها وتقديم الإقتراحات المتعلقة بقوام ومدة ومناطق تدخل كل وحدة من الوحدات العملية، وتوزيع الأعمال بينها،وغيرها من المهام.

ب-المكلفون بالتفتيش: يدير فرق الرقابة مكلفون بالتفتيش عددهم (30) يمارسون تحت إدارة مديري البعثات الموكلة لهم عملية الرقابة، حيث يكون المفتشون ملزمون بما يلي أثناءأداء مهامهم:

-تجنب كل تدخل في تسيير الإدارات والهيئات التي تجري مراقبتها،

-المحافظة في كل الظروف على السر المهني،

-القيام بمهامهم بكل موضوعية وتأسيس طلباتهم على وقائع ثابتة،

-تقديم تقرير كتابي عن معاينتهم مع الإشارة إلى النواحي الإيجابية والسلبية للتسيير التي تمت مراقبته.

3- هياكل الدراسات والتقييس والإدارة والتسيير: وتتفرع إلى ثلاث مديريات تضم رؤساء، ومديريات فرعية، وهي كالأتي:

أ-مديرية البرامج والتحليل والتلخيص: والتي تضم رئيس دراسات، مكلف بالدراسات وبالبرنامج والتلخيص، رئيس دراسات مكلف بالتحليل وجمع المعطيات، رئيس دراسات مكلف بمتابعة التقارير وحفظها وأرشفتها.

ب-مديرية المناهج والتقييس والإعلام الآلي: تضم هذه المديرية رئيس دراسات مكلف بالمناهج والتقييس، ورئيس دراسات مكلف بالإعلام الآلي والتوثيق.

ج-مديرية إدارة الوسائل: تضم المديرية الفرعية للمستخدمين، المديرية الفرعية  للميزانية والمحاسبة، المديرية الفرعية للوسائل العامة، والمديرية الفرعية للتكوين وتحسين المستوى.

 

صلاحيات المفتشية العامة للمالية

تنصب رقابة المفتشية العامة للمالية على التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة، وعلى إعتبار أن الصفقات العمومية تعد وسيلة لتنفيذ النفقات العمومية فهي الأخرى تخضع لرقابة المفتشية العامة للمالية أيأن هذه الأداة هي وسيلة لمكافحة الفساد في مختلف المجالات منها مجال الصفقات العمومية، وهذا ما سنتولى توضيحه من خلال ما يلي:

أولا: مهام المفتشية العامة للمالية

بسبب التطورات الإقتصادية والمالية التي شهدتها الجزائرأصبح من الضروري تطوير وظائف الدولة وتفعيل أجهزتها، وفي هذا الإطار تقوم المفتشية العامة للمالية بالمهام التالية:

1-مهمة التقييم: تشمل هذه المهمة مجالات متعددة حددها المرسوم التنفيذي رقم 08-272 وهي :

-تقييمأداءأنظمة الميزانية،

-التقييم الإقتصادي والمالي لنشاط شامل قطاعي أو فرعي أو لكيان إقتصادي،

-تقييم شروط تسيير وإستغلال المصالح العمومية من طرف المؤسسات الإمتيازية مهما كان نظامها،

-تقييم السياسات العمومية وكذا النتائج المتعلقة بها  وبهذه الصفة تكلف خصوصا بما يأتي:

-القيام بالدراسات والتحاليل المالية والإقتصادية منأجل تقدير فاعلية وفعالية إدارة وتسير الموارد المالية والوسائل العمومية الأخرى،

-إجراء دراسات مقارنة وتطويرية لمجموعة قطاعات أو ما بين قطاعات،

-تقييم تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية وكذا تلك المتعلقة بالتنظيم الهيكلي، وذلك من ناحية تناسقها وتكفيها مع الأهداف المحددة،

-تحديد مستوى الإنجازات مقارنة مع الأهداف المحددة والتعرف على نقائص التسيير وعوائقه وتحليل أسباب ذلك.

2-مهمة الرقابة:بالرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم 08-272 المحدد لصلاحيات المفتشية العامة للمالية نجده نص على ما يلي:

" تمارس المفتشية العامة للمالية الرقابة على التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة والجماعات الإقليمية وكذا الهيئات والأجهزة والمؤسسات الخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية وتمارس الرقابة أيضا على:

-المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري،

-هيئات الضمان الإجتماعي التابعة للنظام العام والإجباري وكذا كل الهيئات ذات الطابع الإجتماعي والثقافي التي تستفيد من مساعدة الدولة أو الهيئات العمومية،

-كل مؤسسه عمومية أخرى مهما كان نظامها القانوني."

والملاحظ أن المشرع لم يخضع المؤسسات العمومية الإقتصادية لرقابة المفتشية العامة للمالية، غير أنه إستدرك الوضع وأخضع هذه المؤسسات لرقابة المفتشية العامة للمالية وهذا بإصدار المرسوم التنفيذي رقم 09-96 المحدد لشروط وكيفيات رقابة وتدقيق المفتشية العامة للمالية لتسيير المؤسسات العمومية الإقتصادية.

إضافة إلى ذلك تراقب المفتشية العامة للمالية إستعمال الموارد التي جمعتها الهيئات أو الجمعيات مهما كانت أنظمتها القانونية بمناسبة الحملات التضامنية، أو التي تطلبها الهيئة العمومية خصوصا من أجل دعم القضايا الإنسانية والإجتماعية والعلمية والتربوية والثقافية والرياضية، ويمكن أيضاأن تمارس رقابتها على كل شخص معنوي أخر يستفيد من المساعدة المالية من الدولة أو جماعة محلية أو هيئة عمومية بصفة تساهمية أو في شكل إعانةأو قرض أو تسبيق أو ضمان.

وللتأكيد على ذلك تتمثل تدخلات المفتشية العامة للمالية في مهام الرقابة أو التدقيق أو التقييم أو التحقيق أو الخبرة والتي تقوم حسب الحالة، خصوصا على ما يأتي:

-سير الرقابة الداخلية وفعالية هياكل التحقيق الداخلي،

-التسيير المالي المحاسبي وتسيير الأملاك،

-إبرام الصفقات والطلبات العمومية وتنفيذها،

-دقة المحاسبات وصدقها وإنتظامها،

-مستوى الإنجازات مقارنة مع الأهداف،

-شروط تعبئة الموارد المالية،

-تسيير إعتمادات الميزانية وإستعمال وسائل السير،

-شروط منح وإستعمال المساعدات والإعانات التي تقدمها الدولة والجماعات الإقليمية والهيئات والمؤسسات العمومية،

-تطابق النفقات المسددة مع الأهداف المتبعة بطلب الهيئة العمومية.

وفي سبيل قيام المفتشية العامة للمالية بمهامها الرقابية مكنها المشرع الجزائري من عدة صلاحيات تستطيع بواسطتها أداء دورها على أكمل وجه، والمتمثلة أساسا فيما يلي:

-رقابة تسيير الصناديق وفحص الأموال والقيم والسندات والموجودات من أي نوع والتي يحوزها المسيرون أو المحاسبون،

-التحصل على كل سند أو وثيقة تبريرية ضرورية لفحوصهم بما في ذلك التقارير التي تعدها هيئة رقابية أوأية خبرة خارجية،

-تقديمأي طلب معلومات شفاهي أو كتابي،

-القيام في الأماكن بأي بحث أوإجراء أي تحقيق بغرض رقابة التصرفات أو العمليات المسجلة في المحاسبات،

-الإطلاع على السجلات والمعطيات أي كان شكلها،

-التأكد من صحة المستندات المقدمة وصدق المعطيات والمعلومات الأخرى المبلغة،

-القيام في عين المكان بأي فحص بغرض التيقن من صحة وتمام التقييد المحاسبي للأعمال ذات التأثير المالي وعند الإقتضاء معاينة حقيقة الخدمة المنجزة،

وبهذه الصفة تمارس المفتشية العامة للمالية حق مراجعة العمليات التي أجراها المحاسبون العموميون

أما عن إجراءات عمليات الرقابة للمفتشية العامة للمالية فتحدد ضمن برنامج سنوي يعد ويعرض على وزير المالية خلال الشهرين الأولين من السنة، ويتم تحديد هذا البرنامج حسب الأهداف المحددة وتبعا لطلبات أعضاء الحكومة أو الهيئات والمؤسسات المؤهلة، غير أنه يمكن القيام بعمليات الرقابة خارج البرنامج بطلب من السلطات.

ويتضمن هذا البرنامج السنوي مختلف المهام التي ستنتج خلال السنة، حيث يتم توزيعها على مدار السنة وعلى مختلف المديريات الجهوية، وهذا حسب المنطقة وحسب حجم النشاط، أما تاريخ القيام بالمهمة فيتولى كل مدير بعثة تحديده، مع الأخذ بعين الإعتبار سلم الأوليات.

أ-التحضير لمهمة التفتيش:تخضع هذه العمليات لإشراف مكلفين، وهي تشمل الإنطلاق في الأعمال التمهيدية المتمثلة في التعرف على الهيئة التي تخضع للرقابة، وبعد هذا يتم الإتصال بالهيئة أو المصلحة التي ستخضع للرقابة من أجل القيام بالمهمة الإستطلاعية التي تكون فجائية، ولا ينبغي أنتتجاوزأسبوع، ومن خلال الحديث مع المسؤولين يتم وضع أهداف دقيقة للتدخل، وتحدد رزنامة العمل التي يفترض إتباعها.

ب-تنفيذ المهمة التفتيشية: على مسؤولي المصالح أو الهيئات المعنية بصفة مباشرة أو غير مباشرة التدخل لضمان شروط العمل الضرورية لإتمام مهام الوحدات العملية للمفتشية العامة للمالية وفي إطار ممارسة مهامها يحق للوحدات العملية الدخول إلى كل المحلات التي تستعملها أو تشغلها الإدارات والمصالح وهيئات المراقبة.

ولقد ألزم المرسوم التنفيذي 08-272 مسؤولي مصالح هيئات المراقبة بـ:

-تقديمالأموالوالقيم التي بحوزتهم للوحدات العملية وإطلاعهم على كل الدفاتر أو الوثائق أو التبريرات أو المستندات المطلوبة،

-الإجابة على طلبات المعلومات المقدمة،

-إبقاءالمحادثين في المناصب طيلة مدة المهمة.

هذا ولا يمكن لمسؤولي المصالح وكذا الأعوان الموضوعة تحت سلطاتهم التملص من القيام بالمهام المذكورة أعلاه محتجين بإحترام الطريق السلمي أو السر المهني أو الطابع السري للمستندات.

وكل رفض لطلبات التقديم أوالإطلاع المذكورة أعلاه يمكن أن يكون موضوع إعذار يعلم به الرئيس السلمي للعون المعني، وعند عدم الرد بعد 08 أيام من الإعذار يحرر المسؤول المختص للوحدة العملية للمفتشية العامة للمالية محضر قصور ضد العون المعني أو رئيسه السلمي، ويرسل المحضر إلى السلطة السلمية أو الوصية التي عليها متابعة ذلك.

ج-تحرير التقرير:

بعد إنتهاء مهام الرقابة يعد تقرير أساسي يبرز فيه المعاينات والتقديرات حول التسيير المالي والمحاسبي للمؤسسة أو هيئة المراقبة وكذا حول فاعلية التسيير بصفة عامة، ويبلغ مسيري هيئة المراقبة وكذا وصايته بالتقرير الأساسي، ويجب على مسيري المصالح في هذه الحالة أن يجيبوا لزوما في أجل أقصاه شهرين على الملاحظات التي تحويها هذه التقارير.

ويترتب على جواب المسير على التقرير الأساسي إعداد" تقرير تلخيصي" يختم الإجراء التناقضي ويعرض هذا التقرير نتيجة المقاربة بين المعاينات المدونة في التقرير الأساسي وجواب مسير الكيان المراقب، ويبلغ التقرير التلخيصي مرفقا بجواب المسير للسلطة السلمية للكيان المراقب دون سواها.

إضافةإلى التقارير التي يتم تحريرها بعد نهاية كل عملية، تعد المفتشية العامة للمالية "تقريرا سنويا" يتضمن حصيلة نشاطاتهأوملخص معايناتها والأجوبة المتعلقة بها، وكذا الإقتراحات ذات الأهمية العامة التي إقتبستها من ذلك،ويسلم إلى الوزير المكلف بالمالية خلال الثلاثي الأول من السنة الموالية للسنة التي أعد بخصوصها.

حيث يتضح من خلال ما تقدم أن عمل المفتشية العامة للمالية لا يرتبط  فقط بالرقابة الماليةبل يتجاوز الجانب المالي ليشمل الرقابة الإدارية، حيث أن هذه الأخيرة تضطلع بمراقبة عمليات إبرام الصفقات العمومية من البداية إلى النهاية الأمر الذي يعتبر مؤشرا فعالا للحد من الجرائم المرتكبة في مجال الصفقات العمومية.

ثانيا: دور المفتشية العامة للمالية في الكشف عن جرائم الصفقات العمومية

أعطى المشرّع للمفتشية العامة للمالية سلطة البحث والتحري والكشف عن وجود صفقات مشبوهة من خلال فحص الصفقة من ناحيتين كما يلي:

1- فحص الصفقة العمومية من الناحية الشكلية:

يكون فحص المفتشية العامة للمالية للصفقة العمومية من الناحية الشكلية بالكيفية الآتية:

-البحث والإستفسار عن الطريقة التي حددت بها إحتياجات المؤسسة العمومية،

-    البحث عن طريقة إبرام الصفقة، فلو وجد أن الصفقة مبرمة عن طريق التراضي فعليها البحث عن الأسباب الجدية والحقيقية التي أدت إلىإبرام الصفقة بالتراضي،

-    معرفة تاريخ إبرام الصفقة ليتمكن بعد ذلك من التعرف على الرصيد المتبقي، وبالتالي يلاحظ أنه إذا كانت هناك مراجعة للأسعار أو تحيين للأسعار أو تقديم للتسبيقات،

-    التأكد من سرية المناقصة ذلك من خلال التأكد من أنه لم يحدث أي إفشاء للمناقصة أوتفاوض مع أحد المتعهدين إلى غير ذلك من الأعمال المنافية أو المخلة بمبادئ الصفقات العمومية،

-    فحص سجل العروض والتأكد من أنه مرقم ومؤشر والتأكد من تسجيل الأظرفة حسب تاريخ وصولها وكذلك التأكد من أن كل العروض قد سجلت في السجل الخاص بها،

-    الإطلاع على دفتر الشروط قصد معرفة مختلف الشروط التي وضعتها المؤسسة من أجل قبول عرض المتنافسين.

2- فحص الصفقة العمومية من الناحية الموضوعية:

أما عن الفحص الذي تقوم به المفتشية العامة للمالية للصفقة العمومية من الناحية الموضوعية فإنه يكون من خلال النقاط الآتية:

-التأكد من شرعية تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض،

-التأكد من مراعاة هامش الأفضلية للمنتوج ذي الأصل الجزائري،

-معاينة محضر لجنة الصفقات المختصة والتأكد من قرار تعين هذه اللجنة وشرعية إجتماعاتها،

-إذا نص بند في الصفقة على مراجعة أو تحيين الأسعار فيراقب كيفيات تطبيق هذا البند ومدى مطابقته للشروط القانونية،

-التأكد من قيمة التسبيقات المدفوعة للمتعامل المتعاقد خاصة إذا كان مؤسسة أجنبية، ومدى مطابقتها للشروط والقواعد القانونية،

-مراقبة مختلف عمليات إنجاز الصفقة،

-متابعة ما إذا كان المتعامل المتعاقد قد قبض أكثر مما تم إنجازه،

-معاينة عمليات الإستلام المؤقت والنهائي والظروف التي تمت فيها،

وبغرض مكافحة جرائم الصفقات العمومية وجرائم الفساد ككل مكن المشرع المفتشية العامة للماليةإستعمال معايير المحاسبة والتدقيق المعمول بها في القطاع الخاص، عن طريق منع الأعمال التالية:

-مسك حسابات خارج الدفاتر،

-إجراء معاملات دون تقييدها أو تدوينها في الدفاتر أو دون تبيينها بصورة واضحة،

-تسجيل نفقات وهمية، أو قيد إلتزامات مالية دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح،

-إستخدام مستندات مزيفة،

-الإتلاف العمدي لمستندات المحاسبة قبل إنتهاء الآجال المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما.

ولكي تتحقق المفتشية العامة للمالية من توافر الشروط الشكلية والموضوعية الموضحة أعلاه، وأن الصفقة قد تم إبرامها إحتراما للنصوص القانونية، خولها المشرع القيام عن طريق مفتشيها بمراجعة جميع العمليات التي قام بها المحاسبون العموميون، وذلك بإجراء رقابة

وتفتيش على النحو التالي:

-الحصول على كل مستند أو وثيقة ضرورية بما في ذلك التقارير التي تعدها أية هيئة رقابية،وأية خبرة خارجية،

-طلب معلومة سواء كان بصفة شفوية أو كتابية،

-التنقل لعين المكان للقيام بأي بحث أوإجراءأي تحقيق بغرض رقابة التصرفات أو العمليات المسجلة في الحسابات،

-الإطلاع على كافة السجلات والمعطيات مهما كان شكلها،

-التأكد من صحة المعلومات المقدمة وصدق المعطيات والمعلومات المبلغة.

وعلى الرغم من تمتع  المفتشية العامة للمالية بصلاحيات واسعة في التحري والكشف عن الخروقات والتجاوزات التي تمس النفقات العامة بصفة عامة والصفقات العمومية بصفة خاصة،إلاأن هناك الكثير من الحدود والعقبات التي تحد من فاعلية عملها من أهمها تبعيتها لوزير المالية، حيث أنها لا تملك سلطة تحريك الدعوى العمومية وتوقيع العقاب على مرتكبي جرائم الصفقات العمومية وجرائم الفساد ككل، إذ أن متابعة مرتكبي هذه الأخيرة يتطلب وجود هيئات مستقلة مدعمة بوسائل قانونية  للقيام بذلك، مع وجوب تنسيق عملها مع باقي الهيئات الفاعلة في مجال الكشف عن هذه الجرائم.