المحاضرة الخامسة من مقياس قانون الوقاية من الفساد ومكافحته

مستوى السنة الثالثة

تخصص قانون عام

سوف نعرض من خلال هذه المحاضرة إجراءات المتابعة القضائية لجرائم الفساد الإداري على المستوى الوطني من خلال قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 06-01

وهي مجموع المتطلبات الشكلية القضائية في الدعوى العمومية والتي جعلها المشرع واحاط بها الدعوى العمومية لحفظ المراكز واستقرارها وضمان اجراءات التقاضي وحفظ الحقوق حيث يتم اعمال هذه الاجراءات  حال تحريك الدعوى العمومية من طرف السلطات القانونية والقضائية المختصة  بتطبيق العقوبات المقررة لها عند ارتكاب احد جرائم الفساد المنصوص عليها، وهنا نريد الاشارة الى ان اجراءات المتابعة والملاحقة بجرائم الفساد كأصل عام تخضع للقواعد العامة للمتابعة وهي المقررة في قانون الاجراءات الجزائية ابتداء من ارتكاب الجريمة الى تحريك الدعوى العمومية واجراءات التحري الاولية والتحقيق الابتدائي انتهاءا بالمحاكمة

أهم جرائم الفساد

1-    جريمة استغلال النفوذ

نصت المادة 32 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على جريمة استغلال النفوذ فكان نصها كما يلي:" يعاقب بالحبس من سنتين الى عشر سنوات وبغرامة من 200.000دج الى 1.000.000دج :

1-    كل من وعد موظفا عموميا او أي شخص آخر بأية مزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها، بشكل مباشر او غير مباشر، لتحريض ذلك الموظف العمومي او الشخص على استغلال نفوذه الفعلي او المفترض بهدف الحصول من ادارة او من سلطة عمومية على مزية غير مستحقة لصالح المحرض الاصلي على ذلك الفعل او لصالح أي شخص آخر

2-    كل موظف عمومي او أي شخص آخر يقوم بشكل مباشر او غير مباشر ، بطلب او قبول اية مزية غير مستحقة لصالحه او لصالح شخص آخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي او الشخص نفوذه الفعلي او المفترض بهدف الحصول من ادارة او سلطة عمومية على منافع غير مستحقة "

فنستخلص من نص المواد 126-127-128  من قانون العقوبات القسم الثاني المتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ ان جريمة الرشوة تتحقق متى طلب الموظف او من في حكمه او استجاب لطلب يكون الغرض منه الارتشاء مقابل قيامه بعمل من اعمال وظيفته او من شأن وظيفته ان تسهل له أداءه، في حين ان جريمة استغلال النفوذ تستلزم لتحققها ان يستغل الشخص نفوذه لدى احدى المصالح العمومية لتمكين الغير من الحصول على فائدة او امتياز مقابل وعد او عطاء او هبة او هدية لذلك لا يمكن ان يكون الفعل الواحد في نفس الوقت رشوة واستغلال نفوذ لاختلاف الجريمتين

ولذلك يمكن من نص المادة ان نشير الى ان اركان هذه الجريمة تكمن فيما يلي:

-صفة الفاعل:

 لا يشترط المشرع أن يكون الفاعل موظفا عاما إلا كظرف مشدد في هذه الجريمة، ولكن يشترط فقط أن يكون شخصا ذا نفوذ حقيقي أو مزعوم لدى سلطة عامة،وهذا النفوذ قد يكون مرجعه إلى وظيفته أو علاقاته الخاصة ببعض موظفي الدولة أو لمركزه السياسي أو الاجتماعي الذي يسمح له بطلب مزية خاصة من أولى الأمر . وكما حددت المادة قد يكون هذا النفوذ حقيقيا، كما قد يكون مزعوما، أي يدعي الجاني بوجوده معتقدا في ذلك أو كذبا.

2-الركن المادي:

 يتكون الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ من عناصر مركبة ومتنوعة تقوم على فعل الأخذ أو القبول أو الطلب وموضوعه هو الوعد أو العطية وله سنده من النفوذ الحقيقي أو المزعوم وهدفه الإيهام بإمكان الحصول على إحدى المزايا المنصوص عليه قانونا. فيجب لقيام الركن المادي أن يكون الغرض من الاتفاق على استغلال النفوذ الحصول على بعض المزايا أو محاولة الحصول عليها لصاحب الحاجة ومن تم يوجد ارتباط بين ما يحصل عليه المتهم من عطية أو ووعد بها وبين ما يعد به فلا تقوم الجريمة إذا كان الجاني قد أخد العطية مقابل حث موظف على إنهاء موضوع صاحب الحاجة دون أن يتذرع بنفوذ حقيقي او مزعوم

وهناك مزايا يسعى المستغل لتحقيقها بنفوذه نذكر منها :التزام أو ترخيص أو اتفاق على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع ومن تم يشمل ذلك كل ما يمكن الحصول عليه من سلطة عامة لمصلحة صاحب الحاجة مثل: حفظ تحقيق ,إصدار حكم ببراءة متهم،استخراج رخصة لصاحب الحاجة.

 وكذلك من قبيل الإدانة على هذه الجريمة أنه حكم بتوافرها في حق متهم استغل نفوذه للحصول لآخر على إعفاء من الخدمة العسكرية وفي الحصول عن السلطة فلا تقوم الجريمة لو تذرع بنفوذه لدى جهة خاصة أو سلطة أجنبية، ويستوي لتحقق هذه الجريمة أن يكون الفاعل قاصدا استخدام نفوذه أو منتويا منذ البداية عدم استخدامه وذلك لأن المشرع يساوي بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم. كذلك يتعين لقيام هذه الجريمة أن يكون تحقيق المصلحة التي هي غاية النفوذ المزعوم ممكنا وعلى ذلك لو أن شخص أوهم آخر بقدرته على تعيينه في وظيفة لا وجود لها.

3- الركن المعنوي:

 تعد جريمة استغلال النفوذ جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي ويتطلب هذا لتوافره العلم والإرادة ويتوافر العلم إذا كان المتهم يعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الادعاء بالنفوذ ويعلم بنوع المصلحة التي يطلبها وأنها من سلطة عامة وطنية ويجب أن تتجه إرادته إلى أخذ العطية أو قبول الوعد بها وأن يعلم بأنها مقابل لاستغلال نفوذه.

 

3-    إساءة استغلال الوظيفة:

تضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته06-01  ايضا جريمة اساءة استغلال الوظيفة ضمن نص المادة 33 منه والتي تنص على :" يعاقب بالحبس من سنتين الى عشر سنوات وبغرامة من 200.000دج الى 1.000.000دج كل موظف عمومي اساء استغلال وظائفه او منصبه عمدا من اجل اداء عمل او الامتناع عن اداء عمل في اطار ممارسة وظائفه، على نحو يخرق القوانين والتنظيمات ، وذلك بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لنفسه او لشخص او كيان آخر"

ومن خلال نص المادة نخلص الى اركان جريمة اساءة استغلال الوظيفة كما يلي:

أركان_الجريمة :

و تقتضي الجريمة هذه توافر الأركان التالية :

1-    صفة الجاني

و يشترط أن يكون موظفا عموميا على الذي تم ذكره في و هو عكس ما ذكرته في الأيام القليلة الماضية بالنسبة لجريمة استغلال النفوذ التي لا تشترط فيها صفة الموظف العام .

2- الركن_المادي : و هو الركن الذي يجب ان يتوافر على عناصر اساسية وهي:

أ- أداء العمل او الامتناع عنه أو أدائه على نحو يخرق القوانين و التنظيمات : حيث تقتضي الجريمة سلوكا ايجابيا من الموظف العمومي يتمثل في أدائه عملا ينهى عنه القانون او مخالف للوائح و التنظيمات الداخلية او أي سلوك سلبي بالامتناع عن أداء أي عمل معين مفروض عليه بحكم وظيفته .

 ب- المناسبة : حيث تقتضي هذه الجريمة أن يكون العمل المطلوب من الموظف العمومي أداءه او امتنع عنه من الأعمال التي يختص بها او يصدر السلوك المادي المخالف بمناسبة تأديته لوظيفته أو أثناءها .

 ج-الغرض : تقتضي الجريمة أن يكون الغرض من السلوك المادي للموظف العمومي هو الحصول على منافع غير مستحقة أيا كان المستفيد مها سواء موظف او غير ذلك .

2-    تعمد_استغلال_السلطة : و هو القصد الجنائي بتعمد الموظف العام استغلال وظيفته لتحقيق المنفعة الغير مستحقة