يمثل تحديد علم الإجرام إحدى المشكلات الهامّة التي تواجه المشتغلين في هذا العلم و يرجع هذا لحداثة نشأته، و قابلية هذا العلم للإستجابة لكافة التغيرات التي تحدث في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، مما يجعل تحديد موضوعاته أمرا نسبيا يختلف بحسب الزمان و المكان.

حيث لا يوجد لعلم الإجرام تعريف متفق عليه بين المشتغلين بالدراسات الجنائية فحداثة هذا العلم كانت وراء الخلاف الفقهي بصدد هذا الشأن، و من المهمّ أن نذكر بداية فضل المدرسة الوضعية بشأن نشأة علم الإجرام، حين أكدت على فكرة الجبرية في ارتكاب الجرائم إذ أن المجرم لديها لم يرتكب جريمته إلا بسبب اجتماع عدد معين من العوامل التي قد تكون داخلية، ترجع إلى تكوينه الجسماني أو النفسي أو خارجية تردّ إلى البيئة و الوسط الاجتماعي الذي يحيط به، بحيث أن المجرم لم يجد سبيلا أمام هذه العوامل إلا ارتكاب الجريمة التي وقعت و على النحو الذي ارتكبت به .  

    فيعتبر كل من علمي الإجرام و العقاب من العلوم المساعدة لقانون العقوبات ويختلفان عن بعضهما في أن كلا منهما له مجاله المستقل عن الآخر، فعلم الإجرام يبحث في أسباب الظاهرة الجرمية، أما علم العقاب فيهدف إلى دراسة العقوبة وأنواعها و التدابير الإحترازية و استخلاص القواعد التي يجب مراعاتها عند تنفيذ هذه العقوبات، للوصول إلى الغرض المرجو منها لكن استقلال كل من العلمين عن بعضهما لا يعني عدم وجود صلة بينهما، بل على العكس  هناك علاقة قائمة بينهما نتيجة للصلة التي تربط الجريمة و العقوبة، ذلك ان العقوبة أثر يرتبه القانون على وقوع الجريمة و هدف العقوبة هو مكافحة الجريمة و نتيجة لذلك فيتأثر علماء العقاب بالنتائج المتوصل إليها في علم الإجرام.