ظروف تفجير الثورة الجزائرية 1/11/1954

        ظهرت المنظمة الخاصة عقب مؤتمر حركة الانتصار للحريات الديمقراطية الذي انعقد في 15 فيفري 1947م، فقد ظهر في هذا المؤتمر اتجاه سياسي يدعو إلى العمل السري تمثل في حزب الشعب الجزائري تزعمه أحمد بودة، واتجاه سياسي يؤمن بالشرعية وذلك بالدخول في الانتخابات مع فرنسا تزعمه أحمد مزغنة، أما الاتجاه الثوري فكان هدفه الإعداد والتحضير للكفاح المسلح للقضاء على الاستعمار، وقد تزعم هذا التيار محمد بلوزداد، وبذلك ستظهر المنظمة الخاصة كما اشرنا سابقًا والتي تعتبر الجناح العسكري للحزب، وقد ترأسها محمد بلوزداد.

        وقد استطاعت المنظمة الخاصة أن تخلق نواة لميلاد جهاز عسكري من خلال ما قامت به من تحضيرات اعتمادا على مبدأ السرية في العمل لضمان بقائها، فسعت إلى تهيئة وإعداد قوة عسكرية مسلحة من بين مناضلي حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وغير المعروفين الذين تتوفر فيهم كل الشروط.(*)([1])

        تولى محمد بلوزداد وآيت أحمد رفقة الأمين دباغين إرساء قواعد المنظمة الخاصة وتسطير برنامج عملها، وعمل بلوزداد بالبحث عن عناصرها في قسنطينة، وآيت أحمد في العاصمة وولد حمودة في وهران، وكان هدف المنظمة الإسراع في تفجير الثورة، وقد عقد أول اجتماع لهيئة أركان المنظمة(*)، في القبة بمسكن بلوزداد يوم 13 نوفمبر 1947م.([2])

وقد ورد في تقرير لمحمد بوضياف ما يلي: «لنعد لهذه المنظمة التي تم تنصيبها فيما بين سنتي 1947- 1948م، وكان مناضلوها من المشهود لهم بالشجاعة والسرية مما جعل هذه المنظمة مختارة إلى الحد الأقصى، وبعد نزاعات حول كيفية اختيار مناضلي المنظمة، وبعد ستة أشهر أصبحت المنظمة أمرًا واقعًا أسندت إدارتها لهيئة أركان وطنية مكونة من منسق وطني هو محمد بلوزداد، ومسؤول عسكري بلحاج الجيلالي، ومسؤول سياسي آيت أحمد ممثلا لبلاد القبائل ومسؤولين جهويين وهم: أحمد بن بلة لوهران، محمد ماروك لعمالة الجزائر، رقيمي الجيلالي للجزائر العاصمة ومتيجة، ومحمد بوضياق لقسنطينة».([1])

        وبذلك ظهرت للوجود أول منظمة عسكرية سرية ستكون النواة الأولى لميلاد جيش التحرير وقد فتحت باب التجنيد بشروط محددة منها أن يكون التجنيد محدودًا، وأن تتوفر شروط محددة في المجند كالاقتناع بالعمل والالتزام بمبدأ السرية والشجاعة والقدرة الجسمية، كما أن مدة الخدمة غير محدودة، أما العضو المجند فلا بد  أن يمر بامتحان، وأن يؤدي القسم، وبذلك كانت تهدف على المستوى البعيد إلى إعداد جنود وضباط جيش التحرير الوطني، بهدف خوض غمار الكفاح المسلح.([2])

        وقد قررت المنظمة الخاصة تكوين تنظيمات للمقاومة وتشكلت الفرق القتالية على النحو التالي:

1- المجموعة: تتكون من أربعة عناصر مقاتلة.

2- الفصيلة: تتكون من ثلاث مجموعات بالإضافة إلى قائد أي ثلاثة عشرة مقاتلاً.

3- المفرزة: تتكون من ثلاث فصائل بالإضافة إلى قائد الفصيلة، أي أربعين مقاتلاً.

ويشرع في التدريب مباشرة، وقد وضع برنامجًا خاصاً لذلك، وأعدت كراسة للتدريب العسكري تشمل اثني عشرة درساً، سحبت منه خمسون نسخة وزعت على القادة فقط، وركزت التدريبات على الجانب النظري والتطبيقي المتعلق بكيفية استخدام الأسلحة والمتفجرات، وتكتيك حرب العصابات وفن الكمائن والإغارة.([1])

وقد خلف حسين آيت أحمد، محمد بلوزداد على رأس المنظمة سنة 1948م، ثم عزل آيت أحمد وخلفه أحمد بن بلة عام 1949م، واستطاعت المنظمة الخاصة في ظرف وجيز أن تجند حوالي ألف وخمسمائة مناضلا، وأصبحت لها فروع في كامل القطر الجزائري تقريباً، وأسست فروعاً لها في الأوراس وأنشأت الخلايا لغرض التدريب العسكري، وقد ترأس هذه الخلايا مصطفى بن بولعيد.([2])

من بين الصعوبات التي واجهت المنظمة الخاصة قضية السلاح والمال، فيما يتعلق بالسلاح لجأت المنظمة للحصول على السلاح في سرية تامة، فدخلت أول دفعةِ سلاحٍ من ليبيا إلى الجزائر عبر وادي سوف إلى بسكرة، وقد بلغ عدد القطع ثلاثمائة وعشرون (320) بندقية، كما قام المناضل بناي واعلي(*)بجلب دفعة أخرى من السلاح على مراحل.

        أما في الجانب المالي فقد خصص للمنظمة الخاصة مائة ألف فرنك فرنسي قديم، ومن أصل المبلغ تدفع مخصصات قادة المناطق وهذا ما يعكس افتقار المنظمة للإمكانات المادية، ولهذا الغرض تم الهجوم على بريد وهران في 05 أفريل 1949م، وتم الاستيلاء على مبلغ ثلاثة ملايين ومائة وسبعين ألف (3.170.000) فرنك فرنسي

ويشرع في التدريب مباشرة، وقد وضع برنامجًا خاصاً لذلك، وأعدت كراسة للتدريب العسكري تشمل اثني عشرة درساً، سحبت منه خمسون نسخة وزعت على القادة فقط، وركزت التدريبات على الجانب النظري والتطبيقي المتعلق بكيفية استخدام الأسلحة والمتفجرات، وتكتيك حرب العصابات وفن الكمائن والإغارة.([1])

وقد خلف حسين آيت أحمد، محمد بلوزداد على رأس المنظمة سنة 1948م، ثم عزل آيت أحمد وخلفه أحمد بن بلة عام 1949م، واستطاعت المنظمة الخاصة في ظرف وجيز أن تجند حوالي ألف وخمسمائة مناضلا، وأصبحت لها فروع في كامل القطر الجزائري تقريباً، وأسست فروعاً لها في الأوراس وأنشأت الخلايا لغرض التدريب العسكري، وقد ترأس هذه الخلايا مصطفى بن بولعيد.([2])

من بين الصعوبات التي واجهت المنظمة الخاصة قضية السلاح والمال، فيما يتعلق بالسلاح لجأت المنظمة للحصول على السلاح في سرية تامة، فدخلت أول دفعةِ سلاحٍ من ليبيا إلى الجزائر عبر وادي سوف إلى بسكرة، وقد بلغ عدد القطع ثلاثمائة وعشرون (320) بندقية، كما قام المناضل بناي واعلي(*)بجلب دفعة أخرى من السلاح على مراحل.

        أما في الجانب المالي فقد خصص للمنظمة الخاصة مائة ألف فرنك فرنسي قديم، ومن أصل المبلغ تدفع مخصصات قادة المناطق وهذا ما يعكس افتقار المنظمة للإمكانات المادية، ولهذا الغرض تم الهجوم على بريد وهران في 05 أفريل 1949م، وتم الاستيلاء على مبلغ ثلاثة ملايين ومائة وسبعين ألف (3.170.000) فرنك فرنسي

قديم، وقد نفذ هذا العمل: سويداني بوجمعة وبلحاج بوشعيب ومحمد خيضر وعمر حداد.([1])

وكانت هذه العملية من ضمن النشاطات المعروفة للمنظمة الخاصة، ويجب هنا أن نذكر أعمال أخرى قامت بها المنظمة منها: تصفية أفراد الميليشيا في القبائل الصغرى وهم عبارة عن مرتزقة جزائريون هدفهم اغتيال الوطنيين الجزائريين، وكانت تدعمهم فرنسا وعلى رأسهم أوقارة وقد تكفل ديدوش مراد باغتياله لكنه تراجع وكلف مناضل آخر لم يكشف عن اسمه، والذي يعلم بأمره حسين آيت أحمد ورقيمي الجيلالي، كما فجرت المنظمة تمثال الأمير عبد القادر الذي أقامته فرنسا، ونفذ العملية خمسة أشخاص يرأسهم محمد ماروك، كما تحملت المنظمة مسؤولية مقاومي القبائل بين 1945م و1948م، وعددهم خمسون (50) مناضلاً توجهوا إلى الجبال هروباً من مضايقات الشرطة الفرنسية، هذا على الصعيد الداخلي.([2])

أما خارجيًا فقد أرسل وفدان ليعرضا على حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري الجديد فكرة إيجاد جهاز عسكري مشترك، ووجدت الفكرة استحساناً لدى علال الفاسي الذي لم يعلق عليها بالقبول أو الرفض بينما فشل الحوار مع صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الدستوري الجديد الذي تعامل مع الوفد بصورة استعلائية، ووصف العمل بأنه صبياني، وتم اتصال أخر بين أحمد بن بلة ومناضلي الحزب الدستوري الجديد الذين تعاملوا مع بن بلة بصورة إيجابية، حيث رحب الشاذلي قلاقةبالفكرة واعتبر أن إيجاد منظمة عسكرية موحدة من اختصاص الحزب الدستوري، والذي كان يهمهم فقط هوكيفية صنع المتفجرات واستخدامها، وسيقوم أحمد بن بلة بجولة ثانية إلى تونس بصحبة بلحاج الجيلالي لتركيز التعاون على الجانب التقني، وانتقل

أعضاء من مناضلي حركة الانتصار إلى تونس من بينهم بوقادوم مختصين في صنع المتفجرات وكيفية استخدامها لإفادة التونسيين بخبراتهم.([1])

وقد تم اكتشاف المنظمة الخاصة في حادثة تبسة(*)، فقد تقرر في 18 مارس 1950م تأديب عبد القادر رحيم (خياري)، ونظم العملية مراد ديدوش واختار معه مصطفى بن عودة وعبد الباقي بكوش وحسين بن زعيم وإبراهيم عجامي، حيث تمكن هؤلاء من استدراج عبد القادر خياري خارج تبسة، إلا أنه استطاع الإفلات من قبضتهم وإعلام الشرطة الفرنسية بالحادث.

        فألقى القبض على العشرات من المناضلين بما فيهم رئيس المنظمة أحمد بن بلة والمناضل أحمد محساس اللذان وضعا في سجن البليدة، وتمكنا من الفرار عام 1952م من السجن وتوجها إلى القاهرة.

        وبعد سنة 1950م أصبح الكثير من أعضاء المنظمة متابعين من طرف الشرطة الفرنسية لكنهم ظلوا يشتغلون بصفة سرية للقيام بعمل عسكري، وبقوا على اتصالات خارجية بحركات التحرر في كل من تونس والمغرب الأقصى بهدف توحيد الكفاح المسلح.([2])

وما يؤكد ذلك قول محمد بوضياف: «في ربيع 1952م اتصل بي عبد الحميد مهري عضو اللجنة المركزية وأخبرني أن ضابطان من الريف المغربي تخرجا من كلية بغداد الحربية، أوفدهما عبد الكريم الخطابي، وجاء الشابان من تونس وطلباَ مني إيصالهما إلى أحمد مزغنة بغرض الإعداد للكفاح المسلح، وهذان الضابطان هما الهاشمي الطود

وحمادي الريف، وقد تبين أنهما على اتصال بثلاث جهات، الأمير عبد الكريم الخطابي، والمخابرات المصرية، وبعض أعضاء حزب الشعب في مكتب المغرب العربي بالقاهرة، وعادا يحملان تصورات إيجابية عن الوضع في الجزائر».([1])

وفي المؤتمر الثاني لحركة انتصار الحريات الديمقراطية الذي انعقد بالجزائر من 4 إلى 6 أفريل 1953م طالب أحد أعضاء المنظمة وهو رمضان عبد المالك بضرورة إعادة تنظيمها، وتقرر ذلك فعلاً في شهر أفريل 1953م، وأثناء المؤتمر انقسم أعضاء الحزب إلى قسمين أحدهما ينادي بأولوية الكفاح السياسي يقوده بن خدة وحسين لحول، والثاني ينادي بالكفاح المسلح بقيادة مصطفى بن بولعيد ورمضان عبد المالك، ولم تلبث أن وجدت المنظمة نفسها أمام صعوبات أبرزها انفجار القنابل عن طريق الخطأ بالأوراس يوم 17 جويلية 1953م، واشتداد الصراع داخل حركة الانتصار للحريات الديمقراطية إلا أنها تجاوزت هذه الصعوبات.([2])

        أما بالنسبة لأزمة حركة الانتصار فقد حدث خلاف كبير بين أعضاء اللجنة المركزية ومصالي في خريف 1953م، وكان له أثر كبير على المنظمة السرية، وقد حاول أعضاؤها إيجاد حل للتصدع والانشقاق الذي حدث داخل الحزب، وقد تعمق الخلاف والتصدع أكثر عام 1954م، وبذلك قرر أعضاء المنظمة الخاصة إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل في شهر مارس 1954م، وكانت تضم مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، كريم بلقاسم، محمد خيضر، حسين آيت أحمد وأحمد بن بلة، ويقول ابن الميلي في مذكراته: «وقد سعى أعضاء اللجنة للتقريب بين رئيس الحزب مصالي الحاج وأعضاء اللجنة المركزية، ولما فشلوا في التوفيق بين الطرفين كرسوا نشاطاتهم لتنظيم العمل الثوري السريع».([3])

يتبع للاطلاع العودة لكتابي ا د حفظ الله بوبكر التموين والتسليح


[1]- محمد حربي: المرجع السابق، ص ص 61- 63.

*- علق الدكتور العربي الزبيري على الحادثة: «إن عبد القادر خياري المناضل والمسؤول بالحزب اتهم بتعاونه مع السلطة الفرنسية بتبسة، لذلك أرسل العربي بن مهيدي مجموعة من المناضلين لمعاقبته إلا أنهم فشلوا في اختطافه وألقي القبض على اثنين من التنظيم، وهذا الأمر مستبعد وبعيد عن الواقع لأن المنظمة الخاصة من مبادئها السرية وهذا ما يسري على جميع أعضائها».

[2]- عمار بوحوش: «تحويل المنظمة الخاصة إلى جبهة التحرير الوطني»، الذاكرة، العدد 3، السنة 2، المتحف الوطني للمجاهد، الجزائر، 1995، ص ص 36- 37.



[1]- غنية م: مرجع سابق، ص 21.

[2]- محمد حربي: مرجع سابق، ص ص 59- 63.



[1]- مصطفى هشماوي: «التنظيم العسكري والسياسي للثورة الجزائرية»، معالم بارزة في ثورة نوفمبر 1954م، الملتقى الأول، باتنة، 1989م، جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة في الأوراس، باتنة 1992م، ص 102.

[2]- زغيدي محمد لحسن: مرجع سابق، ص ص 47- 48.

*- قام بجمع تبرعات دون علم الحزب واشترى عشرون رشاشا وثلاثون مسدسًا وخمس بنادق حربية وصندوقين من القنابل.